صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

الصحة والحياة: البدانة

 

 

د. علي جعفر


تعتبر البدانة من أهم أمراض عصرنا اليوم، ليس من جهة كونها مجرّد منظر غير مقبول بل نسبة إلى الخطورة التي يمكن أن تسببها للجسم. والبدانة هي الزيادة المفرطة في الأنسجة الدهنية في الجسم والتي ينجم تراكمها عن عدم التوازن بين الطاقة المتناولة من الطعام والطاقة المستهلكة في الجسم.

* تشخيص البدانة
يمكن الاعتماد على عدة طرق لتشخيص البدانة، أهمها:

قياس مؤشر كتلة الجسم (BMI)، ويعتبر أفضل طريقة لقياس زيادة الوزن. ويتم حسابه على أساس المعادلة التالية: الوزن بالكيلوغرام ÷ الطول بالمتر المربع. فلو فرضنا أن الوزن 90 كيلوغرام والطول 1،60م فيكون مؤشر كتلة الجسم هو: 90÷ (1،60× 1،60) = 35 كلغ/م2. فإذا كان المؤشر يتراوح بين 25 و30 فإنه يدل على زيادة الوزن وإذا كان فوق فيدل على البدانة وفوق 40 فيدل على البدانة المفرطة.

* أسباب البدانة
يمكن حصر الأسباب الأساس للبدانة في الأمور التالية:

1ـ العادات الغذائية: إن الاعتماد على الأطعمة العالية الدسم والسكريات تتسبب بزيادة الوزن، حيث يؤدي الإفراط بتناول الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية مع عدم صرف هذه السعرات إلى تراكم الدهون في الجسم.
2ـ قلة النشاط والحركة: تؤثر قلة النشاط والحركة في زيادة الوزن وضعف العضلات وبالتالي في نقص الطاقة المستهلكة.
3ـ العوامل الوراثية: تلعب الوراثة دوراً هاماً في البدانة، فهي تشكل السبب الرئيس لها عند 33% من البدينين من حيث وجود قابلية للبدانة. لكن بالرغم من ذلك فإن هؤلاء الأشخاص يمكنهم التحكم بنوعية الأكل ومقدار النشاط والحركة التي يقومون بها، لإنقاص وزنهم.
4ـ أمراض الغدد الصماء: فإنها تؤدي إلى اضطراب في تنظيم الوزن.
5ـ العوامل النفسية: حيث إن تعرض بعض الناس للمشاكل النفسية والضغوط والتوتر يؤدي بهم إلى الإفراط في تناول الطعام. وأيضاً يصاب الذين يعانون من الأرق بفرط شهية مسائي مع فقدان الشهية للأكل صباحاً، وهكذا فإن 25 إلى 50% من الحصة الغذائية يتم تناولها مساءً.
6ـ الأدوية: كالكورتيزون ومضادات الكآبة ومهدئات الأعصاب غالباً ما تسبب زيادة في الوزن. ومن الجدير ذكره أن زيادة الوزن في مرحلة الطفولة تصعب خسارتها مع التقدم في العمر.

* المشاكل الصحيّة
إن البدانة تجعل المصابين بها أكثر عرضة لكثير من المشكلات الصحية، منها:

1ـ داء السكري من النوع الثاني.
2ـ ارتفاع وانسداد الشرايين التاجية. وتظهر هذه الأعراض خاصة عند الأشخاص ذوي البدانة في محيط البطن.
3ـ توقف النَفَس خلال النوم (sleeP aPnea)، حيث يتوقف النَفَس للحظات خلال النوم عدة مرات قد تصل إلى مئات المرات، وهذه الحالة تترافق مع شخير ونعاس خلال النهار.
4ـ اضطراب في التنفّس مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى ثاني أوكسيد الكربون وانخفاض في مستوى الأوكسجين في الدم مع مخاطر قلبية قد تؤدي إلى الوفاة المبكرة.
5ـ الإصابة بآلام والتهاب في الأوتار والمفاصل خاصة على مستوى الركبتين والكاحلين.
6ـ أعراض جلدية كزيادة التعرق والإفرازات الجلدية مع زيادة في الفطريات بين طيّات الجلد، والالتهابات البكتيرية.
7ـ تزيد البدانة نسبة الإصابة بحصى المرارة، وتكيُّس المبيضين، والجلطات في الأوردة والرئتين، وبعض أنواع السرطان.
هذا بالإضافة إلى آثار البدانة النفسية والاجتماعية من حيث العزلة، وعدم القدرة على المشاركة في بعض الأنشطة الاجتماعية والرياضة ومن حيث النظرة الدونية للنفس.

* العلاج
هناك خمسة عوامل أساس تُتَّبع كعلاج للخلاص من البدانة:

أـ نظام غذائي: قليل الدهن مع تخفيض الحصة اليومية من السعرات، إضافة إلى استبدال السكريات والنشويات والمواد المصنَّعة في النظام الغذائي بالفواكه الطازجة والخضار والألياف، واستعمال الماء بدلاً عن العصائر والمشروبات الغازية. ولا نغفل عن استعمال الزيوت النباتية وزيت السمك. إلى جانب ذلك، يجب تحسين العادات الغذائية (تنظيم الوجبات الغذائية وليس الامتناع عن الأكل لفتراتٍ طويلة) لأنه يجب المحافظة على تخفيض الوزن لفترة طويلة وليس التخفيض السريع عبر التزام نظام غذائيٍّ صارم غير قابل للتطبيق إلا لفترة قصيرة.

ب الرياضة: تزيد صرف الطاقة وتوليد الحرارة في الجسم، كما تساعد في تنظيم الشهية حتى تتناسب مع كمية السعرات الحرارية التي تم حرقها. الرياضة تُحسِّن تجاوب الخلايا مع الأنسولين، وتحسِّن مستوى الدهون والكوليسترول في الدم، كما تُحسِّن ضغط الدم الشرياني، إضافة إلى أنها تُحسِّن الوضع النفسي وتُزيد الكتلة العضلية في الجسم مما يساهم في المحافظة على قدرة الجسم في حرق السعرات الحرارية وبالتالي المحافظة على الوزن المنخفض لمدة طويلة.

ج معالجة العادات السيئة:
1ـ لا يُنصح بالنظام الغذائي الصارم بسبب صعوبة الالتزام به مطوّلاً.
2ـ يلزم العمل على تغيير العادات الغذائية عبر اختيار مواد صحية وقليلة السعرات الحرارية خلال تناول الوجبات السريعة وعبر تناول الطعام ببطء.
3ـ استبدال الهوايات السلبية بأخرى إيجابية، تستلزم بذلك بعض النشاط الجسدي والحركة.
الدعم النفسي من المحيط مطلوب للنجاح بهذه الخطوات.

دـ الأدوية: يتمُّ اللجوء إليها في حالة البدانة عند فشل الخطوات السابقة أو في حال ظهور مضاعفات للبدانة.  وتختلف هذه الأدوية بين أدوية لتثبيط الشهية Sibutramin، وأدوية تمنع امتصاص الدهون في الأمعاء Orlistat.  هذه الأدوية لها أعراض جانبية ولا يُنصح بتناولها إلا بعد استشارة اختصاصيين في هذا المجال. ونلفت الانتباه إلى أن أدوية الأعشاب المنتشرة لا يُنصح بها لأنها إما تحتوي على مواد ضارَّة، أو ذات تأثير عابر أو غير فعَّالة.

هـ الجراحة: بعد الفشل في الإجراءات السابقةِ الذِكر وإذا كان الـ BMI أكثر من 40، أو في حال ظهور مضاعفات جدّية للبدانة يمكن اللجوء للجراحة. هناك أيضاً ربط المعدة عبر المنظار. ولكن الطبيب الذي يجري هذه العمليات يجب أن يكون ذا خبرة جيدة في هذا المجال منعاً للمضاعفات. وقد أظهرت الجراحة أن النتائج جيدة في إزالة الشحوم والدهون مع انخفاض سريع في الوزن عند البدانة ثم يبطأُ بعدها. أما نسبة الوفاة في العملية فهي 1% والمضاعفات 10% بين يدي ذوي الخبرة.

وـ نوع خاص: هناك نوع خاص من البدانة يُسمّى Syndrome متلازمة x. حيث تتركز الدهون في المنطقة الوسطية من الجسم حول البطن وتترافق مع ارتفاع في الدهنيات والكوليسترول أو ارتفاع الضغط الشرياني أو زيادة المقاومة للإنسولين. هذه الفئة أكثر فئات البدانة عرضة للمضاعفات، ويلزم التشدُّد معها في العلاج الخاص بالبدانة إضافة إلى علاج ارتفاع سكر الدم والكوليسترول.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع