نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

نهج الرسول: أعبَدُ الناس 

 


قال رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنْ أَتَى اللَّهَ بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَهُوَ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ"(1). 

أَنزَلَ اللهُ -عزَّ وجلَّ- على نبيِّهِ الشريعةَ الخاتِمةَ التي فيها صلاحُ العبادِ إلى يومِ القيامة، وفي هذه الشريعةِ أحكامٌ مِن واجباتٍ ومستحبّات، ولكنْ منها ما يُسمَّى بالفرائض؛ وهي الواجباتُ التي فرضَها اللهُ -عزَّ وجلَّ، وهي مِن حقوقِ اللهِ على عباده، كالصلاةِ والصومِ والحجِّ وغيرِها.


والالتزامُ بهذه العبادات، والقيامُ بها، فيه مصلحةٌ الناسِ على مستوى الفردِ وعلى مستوى المجتمَع، وإذا كانتِ الغايةُ التي يسعى الإنسانُ إليها في هذه الدنيا هي مقامُ العبوديَّةِ التامّةِ للهِ عزَّ وجلَّ، فإنَّ طريقَ ذلك هو المواظَبةُ على هذه الفرائض، وعدمُ التفريطِ بها، فعنِ الإمامِ زينِ العابدينَ عليه السلام: "يقولُ اللهُ: ابْنَ آدَمَ، اعْمَلْ بِمَا افْتَرَضْتُ عَلَيْكَ، تَكُنْ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ"(2). 

وهذه الفرائضُ تحتوي على أجزاءَ وشروط، والقيامُ بها وأداؤُها يكونُ بالمحافَظةِ عليها بتمامِ ذلك، فهي بذلك تكونُ الطريقَ الموصِلَ إلى الجَنّة، ومَن يقومُ به يؤدّي دَيناً في ذمّتِه، فعن أميرِ المؤمنينَ عليه السلام: "الْفَرَائِضَ الْفَرَائِضَ، أَدُّوهَا إِلَى اللَّهِ تُؤَدِّكُمْ إِلَى الْجَنَّةِ"(3). 

ولذا، لا يُسمَحُ التفريطُ بهذه الفرائض، ولا يُقبَلُ العذرُ في تركها، ولا تراعى الراحةُ بها، خلافاً للنوافل، فعن أميرِ المؤمنينَ عليه السلام: "وخَادِعْ نَفْسَكَ فِي الْعِبَادَةِ، وارْفُقْ بِهَا ولَا تَقْهَرْهَا، وخُذْ عَفْوَهَا ونَشَاطَهَا، إِلَّا مَا كَانَ مَكْتُوباً عَلَيْكَ مِنَ الْفَرِيضَةِ، فَإِنَّه لَا بُدَّ مِنْ قَضَائِهَا وتَعَاهُدِهَا عِنْدَ مَحَلِّهَا"(4). 

وإذا كانتِ الغايةُ مِنَ النوافِلِ أن يكونَ الإنسانُ بأدائِها أقربَ إلى الله، فإنها تأتي في المرحلةِ التي تأتي بَعدَ أداءِ الفرائض، فعن أميرِ المؤمنينَ عليه السلام: "لَا قُرْبَةَ بِالنَّوَافِلِ إِذَا أَضَرَّتْ بِالْفَرَائِضِ"(5). 

ولِشِدَّةِ الاهتمامِ بها، كانت وصيَّةُ الإمامِ أميرِ المؤمنينَ عليه السلام لمالِكٍ الأشترِ في عَهْدِهِ له، حيثُ أكّدُ أنَّ الفرائض واجبٌ إلهيّ، وعلى الإنسانِ أن يُعطيَ هذا الحقَّ كاملاً دونَ نقص، فقد قالَ عليه السلام: "ولْيَكُنْ فِي خَاصَّةِ مَا تُخْلِصُ بِه لِلَّه دِينَكَ إِقَامَةُ فَرَائِضِه، الَّتِي هِيَ لَه خَاصَّةً، فَأَعْطِ اللَّهَ مِنْ بَدَنِكَ فِي لَيْلِكَ ونَهَارِكَ، ووَفِّ مَا تَقَرَّبْتَ بِه إِلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ كَامِلًا غَيْرَ مَثْلُومٍ ولَا مَنْقُوصٍ، بَالِغاً مِنْ بَدَنِكَ مَا بَلَغَ"(6). 

ولا ينبغي أن يَحتَجَّ الإنسانُ في أداءِ الفرضِ بالتَّعَبِ أو عَدَمِ إقبالِ النفْس؛ لأنّهُ عُذرٌ لا يُقبَل، وإن كان مقبولاً في النوافل، فعن أميرِ المؤمنينَ عليه السلام: "إِنَّ لِلْقُلُوبِ إِقْبَالًا وإِدْبَاراً، فَإِذَا أَقْبَلَتْ فَاحْمِلُوهَا عَلَى النَّوَافِلِ، وإِذَا أَدْبَرَتْ فَاقْتَصِرُوا بِهَا عَلَى الْفَرَائِضِ"(7). 

إنَّ الوعدَ الإلهيَّ بالجَنّةِ يتوقَّفُ على ما يبذُلُهُ الإنسانُ مِن ثمنٍ لها في هذه الدنيا، فقد وَرد عنِ الإمامِ عليٍّ عليه السلام: "طُوبَى لِنَفْسٍ أَدَّتْ إِلَى رَبِّهَا فَرْضَهَا، وعَرَكَتْ بِجَنْبِهَا بُؤْسَهَا، وهَجَرَتْ فِي اللَّيْلِ غُمْضَهَا"(8). 

والعبادةُ بابُ نَيلِ مَحبَّةِ اللهِ -عزَّ وجلَّ-، فقد وَرَدَ عنِ الإمامِ الصادقِ عليه السلام أنّهُ قَالَ: "قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى: مَا تَحَبَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِأَحَبَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْه"(9). 


1.العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 74، ص 45.
2. الحرّاني، تحف العقول، ص 281.
3. الشريف الرضي، نهج البلاغة، ج2، ص79.
4. المصدر نفسه، ج3، ص130.
5. المصدر نفسه، ج4، ص11.
6.المصدر نفسه، ج3، ص103.
7. المصدر تفسه، ج4، ص 74.
8.المصدر نفسه، ج3، ص75.
9.السيد البروجردي، جامع أحاديث الشيعة، ج7، ص99.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع