في معرض استقباله لجمع من قوات الأمن الداخلي وبعض المسؤولين في المؤسّسات الاجتماعية العاملة في الجمهورية الإسلامية تحدّث الإمام القائد الخامنئي عن أهمية دور هذه المؤسّسات من الناحية الإسلامية ثمّ شرع في حقيقة الإرهاب في العالم الذي يستخدم في الوسائل الإعلامية بشكل مغلوط ومضلّل. ولأهمية الخطاب ننقل إليكم نصّه.
أُرحّب بجميع الأُخوة والأخوات الأعزّاء – من قوات الأمن الداخلي، العاملين والمسؤولين في منظّمة الضمان الاجتماعي ومؤسّسة الرفاه الاجتماعي، الأخوة الجامعيّين الذين حضروا هذا الاجتماع، الذين تجشّموا عناء السفر من المناطق البعيدة – من مشهد وأصفهان وكرمان وأراك ولرستان – لحضور هذا الاجتماع، وأخصّ بالترحيب الأُسر الكريمة لشهدائنا الأعزّاء، وأسأل الله عزّ وجلّ أن ينير قلوب الجميع بنور المعرفة والإخلاص والرجاء والتمسّك بذاته المقدّسة جلّ وعلا وأن يمنّ علينا بتوفيقاته وتسديداته إن شاء الله.
هناك نقطة صغيرة أودّ استعراضها بخصوص الخدمات التي تقدّمها منظّمة الضمان الاجتماعي ومؤسّسة الرفاه الإجتماعي وتلك النقطة هي: إنّ عمل هاتين المؤسّستين أو المؤسّسات الأخرى – التي تقوم بتقديم الخدمات إلى شرائح المجتمع الفقيرة والمستضعفة التي تحتاج إلى الدعم والرعاية – يعتبر صدقة وحسنة وأداء لواجب من ناحية، وهو ضروري جداً من أجل الحفاظ على النظام الاجتماعي في البلاد من ناحية أُخرى.
طبعاً إنّ اجتثاث حالة الفقر من المجتمع يجب أن تتمّ على أساس خطط أساسية وشاملة، ولكن إلى جانب تلك الخطط – التي قد تكون بعيدة المدى في بعض الأحيان، أو توجد فيها بعض النواقص والعقبات فلا تؤتي ثمارها خلال مدّة قصيرة – لا بدّ من وجود مؤسّسات وأجهزة تكون مهمّتها الأساسية تقديم الدعم إلى طبقات المجتمع الفقيرة التي تحتاج إلى الدعم والمساعدة، كالدور الذي تقوم به هاتان المؤسّستان اللتان سبقت الإشارة إليهما، أو لجنة الإمام التي تهتمّ بتقديم العون للطبقات المحرومة وغيرها من الأجهزة والمؤسّسات.
طبعاً دائرة عمل مؤسّسة الضمان الاجتماعي أوسع من ذلك، إلاّ أنّه يكتسب أهميّة كبيرة جداً؛ لأنّه يتمثّل في تقديم العون والدعم إلى الضعفاء من أبناء المجتمع. ولهذا يجب على العاملين في هذه المؤسّسات الاهتمام بهذه الأمور بشكل أكبر، كما يُرجى من الناس الخيّرين تقديم العون والمساعدة إلى أمثال هذه المؤسّسات والاستجابة لطلباتها بالحدّ الممكن. فمساعدة الفقراء – وهي سنّة إسلامية- يجب أن تكون من السنن التي تتخذ أبعاداً أكبر يوماً بعد يوم في أوساط المجتمع. فالتصدّق والإطعام والأعمال الكبيرة التي يقوم بها الناس أمثال الوقف وغيرها كلّها من السنن الإسلامية الحسنة التي لها دور في إيجاد الحياة الاجتماعية الطيّبة. فيجب عليكم السعي لكي لا تتعطّل هذه السنن الحسنة في المجتمع. فالأمور تَصلُح حينما يشعر الناس بأنّ لهم دوراً في حلّ مشاكل الفقراء والمحتاجين.
وما أُريد التأكيد عليه – ولاسيّما لمؤسّسة الرفاه الاجتماعي – هو الاهتمام بالأيتام، فيجب عليكم الاهتمام البالغ بالأيتام الذين أُودعوا لديكم، وإيّاكم أن يصيب الضياع والإهمال أحد الأيتام في النظام الإسلامي. فقد جاء التأكيد في مواضع عديدة من القرآن الكريم على الاهتمام باليتيم، وهذا الاهتمام ناشئ من خصوصية اليتيم. فقضية اليتيم هي قضية إنسانية في غاية الأهمية.
وما أُريد أن أؤكّده لكم – أيّها الأخوة – هو أنّ العالم عجز لحد الآن عن حلّ مسألة الأيتام، بل إنّها من المسائل المستعصية في عالم اليوم، في حين وضع الإسلام تعليمات وإرشادات في هذا المجال لو يُعمل على تطبيقها لأمكن حلّ هذه المشكلة بشكل جذري. ولهذا أُؤكّد على قضية الأيتام وأسأل الله أن يوفّقكم للعمل الإيجابي في هذا المجال إن شاء الله.
وأمّا بخصوص قوّات الأمن الداخلي هناك نقطة أودّ استعراضها والتحدّث عنها شيئاً ما في هذا اليوم، وتلك النقطة هي: مسألة الأمن الاجتماعي التي تعتبر المهمّة الأساسية لقوات الأمن الداخلي.
فالأمن – الأمن الاجتماعي – يعني أنّ النّاس يجب ألاّ يشعروا بالخوف والتهديد في محيط عملهم وفي منازلهم وغيرها من الأماكن، وهذا شيء في غاية الأهمية. ففي مقام تبيين النعمة التي منّ الله بها على قريش يقول القرآن الكريم: ﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ فقد أكّد على الأمن في هذه الآية باعتباره إحدى النعمتين اللتين منّ الله بهما على قريش، وكذلك جاء التأكيد في القرآن الكريم – فليراجع الفضلاء من طلاّب العلوم الدينية – مراراً على مسألة الأمن واعتبارها مرتبطة بالإيمان بالله سبحانه وتعالى. (فأيّ الفريقين أحق بالأمن)، أي أنّ المؤمنين بالله هم أولى بأن يوفّروا لأنفسهم الأجواء الأمنية.
إذا، فمسألة الأمن هي مسألة مهمة للغاية، ولها دور أساسي في الحياة الاجتماعية، والناس بحاجة ماسّة إلى توفيره؛ حتّى يتمكنوا من القيام بأعمالهم بشكل صحيح وراحة بال، سواء كان ذلك في مكان عملهم وتجارتهم أو في مجال مزاولتهم للأعمال الاجتماعية أو في أجواء حياتهم الخاصّة. وهم بحاجة ماسّة إلى الأمن حتّى يتمكّنوا من أداء أعمالهم العبادية بقلب مطمئن وبال مرتاح.
ومن أجل القيام بهذا الأمر على الوجه الأحسن، لا بدّ من تحكيم القوة في هذا المجال. فالحكومة الإسلامية التي تعتبر مظهراً للقوة الإلهية ومظهراً لقوة الشعب لا بدّ لها من تأمين هذه الحاجة الأسياسية بقوة واقتدار لجميع طبقات المجمع. لماذا؟ لأنّ أولئك الذين يقومون بالإخلال بالأمن ليسوا أُناساً ضعفاء بل أنّهم من الذين يحملون السلاح – من الإرهابيين – من الذين يستغلّون الظلام ويستغلّون غفلة الناس من أجل توجيه ضرباتهم للحياة العامّة في المجتمع.
وليس في ذلك فرق بين من يحاول السرقة من بيوت الناس أو الذي يحاول التعرّض لأعراض الناس وتهديدها، فهذه كلّها مظاهر لانعدام الأمن. فلا يمكن الطلب والرجاء من هؤلاء المجرمين بأن يكفّوا عن أعمالهم؛ لأنّه لا مكان هنا للطلب والرجاء، بل لا بدّ من استخدام القوّة في مثل هذا المجال.
ولهذا تعتبر قوات الأمن الداخلي مظهراً للقوّة الوطنية، ومظهراً للقوة الشعب التي تضرب بشدّة على أيدي الذين يحاولون الإخلال بأمن المجتمع.
ويجب استخدام هذه القوة في مواردها الصحيحة والمناسبة وعدم التهاون في تحكيمها من جانب، كما يجب تفويضها إلى أيدي صالحة وأمينة من جانب آخر.
فهذه القوّة هي سيف (سلاح) يسلّمه الشعب إلى إنسان؛ لكي يتمكّن من بسط الأمن في أوساط المجتمع.
حسناً، كيف يجب أن يكون ذلك الإنسان؟ إنّ ذلك الإنسان يجب أن يكون صالحاً وأميناً ويهتمّ بمصير الناس، ويجب ألاّ يكون هو الذي يشيع الخوف والرعب بين أبناء الشعب، وفي غير هذه الحالة ستصبح هذه المسؤولية كالسلاح الذي يُسلم بيد العدو. ولهذا فلا بدّ من إصلاح قوّات الأمن الداخلي واحترامها والمحافظة على اقتدارها.
طبعاً، في الوقت الراهن هناك – بفضل الله وبفضل وعي الجهاز التشريعي والتنفيذي – تفاوت كبير جداً بين ما كانت عليه هذه القوّات في النظام السابق وما عليه اليوم، إذ لا يمكن القياس بين الحالتين.
فالذين يتولّون قيادة هذه القوّات اليوم هم أناس صالحون ومخلصون إلاّ أنّ الإصلاح والصلاح في هذه القوات يجب أن لا يتوسّع يوماً بعد يوم.
فاحذروا أن تفعل العناصر الثقافية والأخلاقية المنحرفة المتبقية من النظام الطاغوتي فعلتها. فيجب عليكم فرداً فرداً – أيّها الأخوة العاملون في قوى الأمن الداخلي – أن تحافظوا على مؤسّستكم فلا تدعوا الأعداء يخترقونها ويتغلغلوا في أوساطها. ولا تدعو ثقافة العناصر السابقة – الذين لم يعيروا أيّة أهمية للدين والعرض والعقيدة – أن تتسلّل إليها.
وعلى الناس أن يحترموا هذه القوات ويمتثلوا أوامرها ونواهيها ويعتبروها كأخ لهم، أو كشاب يدافع عن بيتهم. فيجب على أهل ذلك البيت أن يحترموا كلام ذلك الشاب الذي يدافع عنهم. هكذا يجب أن يكون تعامل الناس مع قوّات الأمن الداخلي.
وأمّا على المستوى العالمي فإنّ توفير الأمن في الوقت الحاضر أمر له أهميّته الخاصّة أيضاً، واليوم يوجد كلام رائج على الساحة الدولية – وهو كلام صحيح ومنطقي من وجهة نظرنا – ولكنّه للأسف ككثير من الكلام المنطقي الذي يصدر من أُناس منحرفين ومخادعين ما يؤدّي إلى سلب ثقة الإنسان بمثل هذه الكلمات. وذلك الكلام هو وجوب مكافحة الإرهاب – وهذا كلام منطقي – فماذا يعني الإرهاب؟ الإرهاب يعني أنّ فئة أو منظّمة أو حكومة تريد تحقيق أهدافها من خلال الاغتيال والقتل وإشاعة الخوف والرعب في أوساط المجتمع. ومثال ذلك ما قام به المنافقون الأذلاّء في حرم الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام الطاهر والذي يعتبر من أقبح صور الإرهاب.
فهؤلاء المساكين تخيّلوا – بعد التحليل والحسابات – أنّه لا بدّ من خلق أزمة للجمهورية الإسلامية والشعب الإيراني. والأزمة تعني – حسب تصوّرهم – القيام بتفجيرات وأعمال إرهابية في مختلف أنحاء البلاد، وبهذا سيتمكّنون – كما تخيّلوا – من نشر الخوف والرعب بين أبناء الشعب وإشاعة البلبلة في الجهاز الحكومي وإثارة الاختلافات العرقية والطائفية حال تمكنّهم من ذلك.
هكذا كان تحليلهم وتصميمهم. أمّا الوسيلة التي اتّخذوها لتفيذ هذا الأمر فهي تفجير حرم الإمام الرضا عليه السلام وهنك حرمة أكثر الأماكن قدسيّة – داخل إيران – وقتل الأبرياء والأتقياء – ضيوف الإمام الرضا عليه السلام – الذين كانوا متوجّهين إلى الله بالدعاء والتضرّع والتوسّل، فلعنة الله على تلك القلوب السوداء.
وهذا هو الإرهاب، أي إنّهم – ومن أجل هدف جنوني وخيالي – يقومون بمثل هذا العمل الشنيع وهذه المجزرة المروّعة. وقد حاولوا تكرار هذا العمل في حرم السيدة المعصومة عليه السلام، ومرقد الإمام الطاهر رضي الله عنه. ولكن – بفضل الله – تمّ التصدّي لتلك الفجائع قبل وقوعها.
فأقبح عمل يمكن أن تقوم فئة أو منظّمة أو حكومة ومن أجل تحقيق أهدافها: هو القضاء على جميع الناس من أيّ جنس وقومية وفي أيّ مكان كانوا من دون أيّ عداءٍ خاص بينهما ومن دون أيّ ذنب ارتكبوه.
ويوجد عندنا الدولة الإرهابية: وهي التي تمارس ما يسمّى بإرهاب الدولة. وأوضح نموذج لذلك هو الدولة الصهيونية الغاصبة. فالصهاينة بدأوا بممارسة إرهاب الدولة منذ أن قام الإنجليز – وتنفيذاً لسياستهم ضدّ الإسلام وضدّ الشعوب وضدّ الشرق – بمنحهم السلطة في فلسطين الإسلامية عام 1948 م وقبل هذا التاريخ.
فقد سعوا إلى تحقيق أهدافهم دوماً من خلال القيام بالأعمال الإرهابية كما حدث في قضية دير ياسين والقضايا الأخرى التي سمعتم بها. فقد كانوا يدخلون إلى القرية فيقومون بقتل الرجال والنساء والأطفال أو يقتلون الرجال ثمّ يلقون النساء في الصحارى والقفار ليذهبن إلى حيث شئن، وبعد ذلك يقومون بإحراق البيوت.
فدولة (إسرائيل) الغاصبة قامت منذ تشكيلها وحتّى اليوم – أي خلال نصف قرن من إيجاد هذه الغدّة السرطانية في قلب العالم الإسلامي – بتحقيق أهدافها عن طريق ممارسة الإرهاب. إذاً فالأعمال التي يقوم بها هؤلاء الصهاينة هي النموذج الواضح والكامل لإرهاب الدولة.
وأخيراً اجتمع (السادة) رؤساء الدول الصناعية السبعة في العالم وتباحثوا وتناقشوا بخصوص مسألة الإرهاب.
فهل يوجد عندكم شيء من الإنصاف (أيّها السادة الرؤساء)؟ هل تخجلون ولو قليلاً من الرأي العام في العالم؟ وهل تعتبرون الإنسان موجوداً عاقلاً وله القدرة على التمييز؟ أنتم الذين تدّعون الدفاع عن حقوق الإنسان نسألكم من هو الإرهابي؟ ومن هي الدولة الإرهابية في العالم؟ ومن هو الذي يقوم بالهجوم يومياً على لبنان فيقتل ويخطف الناس الأبرياء؟ ومن هي الدولة التي قامت – ومنذ اليوم الأول لتأسيسها – على الإرهاب وبثّ الرعب وعمليات القتل الجماعي غير دولة (إسرائيل)؟ إنّكم تبحثون عن الإرهاب، تبحثون عن إرهاب الدولة، تفضّلوا ها هي (إسرائيل)، فلماذا تسكتون؟ لماذا تدافعون؟ لماذا تُكذّبون؟
هذا هو البلاء الذي تعاني منه البشرية. فالعالم يعيش اليوم بلاءين، أحدهما: الإرهاب الذي تعتبر الحكومة الصهيونية الغاصبة مظهره الكامل كإرهاب دولة، وكإرهاب حزبي يعتبر المنافقون وأمثالهم مظهره الأعلى والأكمل، هؤلاء الذين تناموا وتكاثروا تحت حماية ودعم الدول الكبرى كما تتكاثر الجراثيم وتنمو في المزابل وفي الأجواء القذرة.
أمّا البلاء الثاني – والذي قد يكون أكبر من الأول – فهو: محاولة كتمان الحق وتضعيفه من قبل مُدّعي قيادة البشرية، فهؤلاء يرون الإرهاب ويعرفون من هو الإرهابي ويعرفون من هو الذي يمارس إرهاب الدولة، إلاّ أنّهم ينكرون الحقّ ويكتمونه، حقاّ إنّه بلاء كبير تعاني منه البشرية. والذي يتوسّل بالإرهاب هو الذي لا يمتلك المنطق، فلا يُتعبوا أنفسهم باتّهام الجمهورية الإسلامية بهذه التهم الرخيصة التي تفتقر لأبسط الأدلّة.
فما هي حاجة الجمهورية الإسلامية إلى ممارسة الإرهاب، وأنتم الذين تقولون بأنّ شعارات الثورة الإسلامية هي التي قلبت الأوضاع في مصر والجزائر وغيرها من البلدان؟ فبالرغم من أنّه ليس لنا حضور مادّي هناك غير أنّ أفكارنا وكلامنا لهما تأثير ونفوذ على المسلمين في تلك البلدان.
وأنتم الذين تقولون بأنّ أفكار إيران الإسلامية تشكّل خطراً كبيراً على الرأسمالية الغربية، والقوى الغربية، أليس هذا هو كلامكم؟
إذاً، فأفكارنا هي التي تنفذ إلى كلّ مكان وتقوم بتغيير النفوس. فما هي حاجتنا إلى ممارسة الإرهاب مع امتلاكنا سلاح المنطق والفكر الفعّال؟
ولهذا فالدول الغربية لا تسمح – خوفاً – لأفكارنا من أن تنتشر هناك.
ولعليّ قلت في وقت ما بأنّه في حياة الإمام رضي الله عنه وحينما أصدر الإمام أحد بياناته إلى حجّاج بيت الله الحرام حاول المرتبطون بالإمام نشره في إحدى الصحف الأميركية الواسعة الانتشار – وقد كنّا على اطّلاع على هذا الأمر وأيّدناه ولهذا قاموا بمراجعة إدارات الصحفة الأمريكية المعروفة وعرضوا عليهم المبالغ التي يبغونها لقاء طبعهم ونشرهم لذلك البيان، إلاّ أنّ صحيفة لم تكن على استعداد للقيام بهذا الأمر.
حسناً، هناك يطبع وينشر كلّ شيء حتّى أنّهم يقومون بنشر آراء معارضيهم (السياسيين والعقائديين)؛ لأنّهم عبيد المال، عبيد الدولار. فمن أيّ مصدر جاءت تلك الأموال فإنّهم لا يمتنعون عن نشر أيّ شيء، ولكن حينما يصل الأمر إلى نشر مثل هذا البيان فإنّهم يتخذون موقفاً جدياً ولا يتسامحون في ذلك أبداً.
ومن ناحية أخرى هل أنّهم على استعداد لأن يضعوا جزءاً من وقت المحطات التلفزيونية في إحدى الدول الكبرى تحت تصرّف أفكار الثورة الإسلامية؟ أبداً، إنّهم ليسوا على استعداد لذلك بأيّ شكل من الأشكال، لماذا؟ لأنّهم يعلمون جيداً أنّ تلك الأفكار عندما تطرح هناك فإنّها ستأخذ طريقها إلى قلوب الناس؛ لأنّ عامّة الناس ليس لهم عداء معنا.
فما هو العداء الذي يكنّه الشعب الأمريكي لنا؟ أو ما هو العداء الذي تكنّه الشعوب الأوروبية لنا؟ فحينما تطرح الأفكار بشكل منطقي فإنّ الناس على استعداد لاستقبالها والاعتقاد بها؛ ولهذا فإنّهم على يقين بأنّ تلك الأفكار لو طرحت هناك فستؤدّي إلى إيمان الناس بها أو أنّها ستحدث خللاً – على أقل تقدير – في الإعلام الذي تتحمّل الدول الغربية والأجهزة الصهيونية تكاليفه الباهظة. فكم ينفقون من الأموال من أجل تشويه صورة الثورة الإسلامية.
إذاً، فنحن لدينا مثل هذا الفكر، مثل هذا المنطق، مثل هذا البيان. نحن في الأمم المتحدة وفي المؤتمرات الدولية – سواء في ذلك الوقت الذي كنت أحضر فيه إلى تلك المؤتمرات وفق المسؤولية التي كنت أتحمّلها، أو في الوقت الحاضر الذي يحضر فيه رئيس جمهوريتنا الفاضل العزيز إلى هذه المؤتمرات العالمية – في أيّ مكان نطرح فيه أفكارنا كان جميع الذين يسمعون بتلك الأفكار يقرّون بصحّتها وكثير منهم كان يظهر ذلك الإقرار على لسانه.
فإذا كنّا نمتلك مثل هذا الفكر فما هي حاجتنا لممارسة الإرهاب؟
فالإرهاب يمارسه من لا يمتلك الفكر، يمارسه ذلك المنافق الذليل الذي ليس له مكانة في أوساط الشعب الإيراني، فالشعب الإيراني يبغض ويلعن أولئك المنافقين من صميم قلبه، وكلّما قام هؤلاء بمثل هذه الأعمال فإن تنفّر الشعب منهم يزداد أكثر فأكثر.
فهؤلاء هم بحاجة إلى ممارسة الإرهاب؛ لأنّ مثل هذه الموجودات المسكينة ليس لها طريق إلاّ ممارسة الإرهاب لعلّها تشفي حقدها وتشفي غليلها شيئاً ما. أمّا الصهاينة فإنّهم مجبرون على ممارسة الإرهاب لتحقيق أهدافهم أيضاً؛ لأنّهم لا يمتلكون أيّ كلام منطقي، وهناك بعض الدول – تتشبّث بالإرهاب كطريق لتحقيق غاياتها.
فإيران الإسلام ليست بحاجة إلى القيام بمثل هذه الأعمال، ولكن حينما تقع حادثة في زاوية ما من العالم فإنّهم يفتحون أفواههم القذرة فوراً ليوجّهوا أصابع الاتهام إلى الجمهورية الإسلامية.
فبأي حقّ تصدرون الأحكام ضدّ الجمهورية الإسلامية وفقاً لنفسياتكم المريضة.
فالجمهورية الإسلامية طيّبة وطاهرة تعتمد على شعب مؤمن وعزيز وأصيل وذي جذور عميقة.
هذه هي الجمهورية الإسلامية، فمن أنتم؟ فأنتم دولة ليس لها أصل ولا نسب، دولة مختلفة وشعب كاذب ليس له وجود حقيقي. فقد جمعوا عدداً من الأشرار ومن مختلف أرجاء الأرض وخلقوا منهم شيئاً كاذباً سمّوه (الشعب الإسرائيلي)، فهل هذا شعب؟
إنّهم جمعوا – في مكان واحد – كلّ يهودي شرير في العالم، في حين أنّ اليهود يعيشون في كثير من البلدان. ففي بلادنا يعيش اليهود الذين يمارسون حياتهم بشكل طبيعي من دون أن يتعرّضوا لأحد ومن دون أن يتعرّض لهم أحد.
أمّا أولئك الذين تجمّعوا في (إسرائيل) فقد كانوا الخبثاء والأشرار والطامعين والسرّاق والقتلة، تجمّعوا هناك ليجعلوا من أنفسهم شعباً مصطنعاً..
هذه هي الدولة وهذا هو الشعب اللذان تشكّلا بهذه الصورة، وقد سمّيا نفسيهما (إسرائيل)، فمثل هذه الدولة ليس أمامها طريق سوى طريق الإرهاب؛ لأنّها ليس لديها أيّ كلام منطقي.
وهذه الموجودات الدنيئة والقذرة تحاول تشويه صورة الحكومة الإسلامية، في حين أنّها هي الأكثر اتهاماً والأكبر جرماً.
إنّ الشعب الإيراني صهرته التجارب وهو يزداد قوّة يوماً بعد يوم بالرغم من تعرّضه لمؤامرات القوى العالمية الخبيثة، وتحمّله للمشاق خلال الأعوام التي أعقبت الثورة الإسلامية.
وهذا من بركات وعطاءات التوجّه لله سبحانه وتعالى، ومن بركة الإسلام العظيم، ومن بركة توحيد الكلمة والتعاون والتنسيق بين جميع فئات الشعب، وببركة معرفة أجهزة الدولة وعموم طبقات الشعب لمسؤولياتهم.
فعليكم مواصلة هذا الطريق، فإنّ ألطاف الإمام الحجّة (أرواحنا فداه) ستعين هذا الشعب إن شاء الله على مواصلة هذا الطريق.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يردّ شرّ الأشرار إلى نحورهم، وأن يمنّ بتوفيقاته يوماً بعد يوم على الشعب الإيراني في جميع ميادين العزّة والافتخار.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته