-إن غياب برنامج احتفالي معدّ سابقاً، ساهم إلى حدّ كبير بإعطاء اللقاء الأخير لتلاميذ مرحلتي الروضات والتمهيدي بمعلماتهم وأفراد إدارتهم في مدارس المجتبى عليه السلام سمة العفوية المنطلقة إلى دائرة الفرح الشامل لكلّ الأطفال الذين كانوا فوق رمال الملعب الصيفي المفتوح لكلّ ألوان الضياء الضرورية لطفولةٍ سعيدة.
-إنّ تبنّي إدارة المدرسة لتكاليف الاحتفال المادية لم يكن وحده أمراً مستحدثاً، لكن المستجد أنّ هذه التكاليف شملت انتقال "مدينة ملاهٍ كاملة" إلى الملعب، حيث بدت آلات هذه المدينة المتنوعة (حصان، طائرة، دراجة،..). جزءاً من المكان، لصيقةً به، أليفةً معه. وقد فتحت إدارة المدرسة للأطفال وقتاً لامتناهياً، فلعب الصغار "مجاناً" دون أن ترعبهم "صفّارة ضيق الوقت" الأمر المفقود في مدن الملاهي عامّة، وقد كان اهتمام المعلّمات الكريمات بسلامة أطفالنا أثناء استعمالهم هذه الآلات لافتة تستحق الشكر وتضاف إلى سجلّهن الجاهز لكلّ أشكال الرعاية..
-تخلّلت ألعاب "مدينة الملاهي" هذه، ألعابٌ فكرية هادفة.. تحمس لها صغارنا واجتازوا صعوباتها بتركيز أدخلت اسم كلّ من تجاوزها بنجاح في قرعةٍ قدّمت في نهاية الاحتفال هدايا رمزيّة أرضت الكثيرين منهم بالهديّة أو بسحب القرعة أو بجوّ الحماس الذي رافقة العملية ولهذا الأمر دلالة هامّة على قدرات أطفالنا التي تحتاج منّا رعاية لا ضغطاً وتوجهاً لا تشكيلاً على قياسنا نحن.
-تميّزت الضيافة المجانية – التي شكّلت جزءاً كبيراً من تكاليف الاحتفال – ببساطة الشكل حيث اعتمدت قاعدة: الخدمة الذاتية التي حرصت الإدارة على جعلها في متناول الصغار والكبار بسهولة ويُسْر "تعويضاً للصغار عن صعوبة شراء (المنقوشة) وسط تزاحمهم في فرصة الساعة العاشرة طوال العام".
-إن ترك المذياع حراً فوق المسرح المقترب بإلفة من الملعب الرملي، أوجد بين الصغار جواً حميماً. وأعطاهم جميعاً إحساساً بالقدرة على التعبير. فتناوبوا على اعتلاء المسرح جماعاتٍ وأفراداً، وأدّى كلّ منهم منا يتوق إلى قوله منفرداً. (أناشيد إسلامية مقاومة، قصار السور القرآنية، زجلٌ وشعر..). أو ساهم في الإنشاد ضمن جوقة انتظمت بشكلٍ عفوي لتؤدّي نشيداً مشتركاً دون خوفٍ أو رهبة.
ومن اللافت هنا، أنّ صغارنا قد انطلقوا في تعبيرهم العفوي من دون أن يخضعوا لتدريباتٍ شاقةٍ مضنية الأمر الذي أمّن لهم جواً من حرية التعبير فأعطت أداءهم جمالاً يفوق أداء الذين يتشكلون – وفق تدريباتٍ قاسية طويلة – على خبرات مدرّبيهم. فيضيع الأداء بين ما هو مطلوب منهم وبين ما هم عليه من براءة وعفوية.. وقد ذكرتنا هذه الأجواء التعبيرية الحرّة بالمسريحي الألماني "برشت" الذي أسّس ما يسمى بمسرح الهواء الطلق الذي يلغي المسافة بين خشبته وجمهوره بل ويتركها متداخلةً بين المكاتبين أهو توارد خواطر بين هذا المسرحي الألماني وإداريي مدارس المجتبي عليه السلام؟..
أشك في ذلك وأجزم: إنّها خصوصية خطوة جديرة بالتنويه لإنتاج بحثٍ جادٍ ومسؤولٍ عن سويعات فرحٍ مفقود تضاف إلى زمن أطفالنا الضائع في متاهات القلق والخوف..
أخيراً ونحن نسجّل شكرنا نؤكّد على أمنيتنا "الصادقة" أن يفوق امتناننا لكلّ مبادرة كهذه في الأعوام المقبلة حجم الأقساط المدرسية "المدروسة" على بيادر الغلاء العام متجاهلةً بيدر الوضع الاقتصادي الخانق لمن تشجّع وشكّل "دزينة من طلاب العلم والمعرفة" في منزله على مبدأ الطائفة "الودود – الولود" الوحيدة المتصفة بهذه الصفة بين طوائف لبنان تأميناً للذخيرة البشرية المقاومة.
ونحن إذ نضع ملاحظتنا الأخيرة برسم كلّ المؤسّسات التربوية والتعليمية في لبنان نقول لكلّ أفراد الهيئة التعليمية والإدارية في مدارس المجتبى عليه السلام في حي السلّم: كلّ عام وأنتم بخير .. وموعدنا معاً ... عند بوابة.. الخريف القادم.