مع الإمام الخامنئي | لا تنبهروا بقوّة العدوّ* نور روح الله | لو اجتمع المسلمون في وجه الصهاينة* كيف تكون البيعة للإمام عند ظهـوره؟* أخلاقنا | كونوا مع الصادقين* الشهيد على طريق القدس عبّاس حسين ضاهر تسابيح جراح | إصابتان لن تكسرا إرادتي(1) على طريق القدس | «اقرأ وتصدّق» مشهد المعصومة عليها السلام قلبُ قـمّ النابض مجتمع | حقيبتي أثقل منّي صحة وحياة | لكي لا يرعبهم جدار الصوت

آخر الكلام: في سبات الغياب

إيفا علويّة ناصر الدين

 


ما إن يسمع رنين الجرس حتى يهرع إلى الباب مستبشراً بقدوم زائر يمزق شباك الوحدة القاتلة التي تغزل خيوطها في زوايا منزله، حيث يعيش منذ سنوات وحيداً بعدما رحلت رفيقة دربه وتركته في صراع مع الكبر الذي يُحكم سطوته على جسد عجوز في عمر الثمانينات.

تدخل عليه فينهال عليك بكلمات الترحيب، وهو يرافقك إلى غرفة الجلوس التي حوّلها إلى صالة مركزية معتمدة للاستقبال، والراحة، والنوم، والطعام، هاجراً الغرف الأخرى التي يدوي في أرجائها الصدى، وتحلِّق في فضائها أشباح الفراغ والسكون. يجلس على كنبته المعتادة، وأمامه طاولة مجهّزة بجميع مستلزمات يومه اختصاراً لحركة الذهاب والإياب المتكررة التي تمنعه عنها همته المتهالكة وخطوة قدميه المثقلتين: أدوية مختلفة الأصناف والأشكال، مياه للشرب، آلة فحص السكري، آلة فحص الضغط، سلة لعلب السجائر للضيافة، وسلة خاصة لسجائر التبغ العربي الأصيل والتي يُسلي نفسه بلفِّ أوراقها وهو يتابع برامج التلفاز التي تؤنس أوقاته في ساعات النهار الطويلة والمملّة .

بابتسامة عريضة يسابقك إلى السؤال عن الصحة والأحوال والأعمال والأولاد، وعندما تبادره بالسؤال يسارع إلى حمد الله وشكره، والدعاء له تعالى بنزول الرحمة، ويصمت برهة ثم يكمل في نبرة تخفي وراء ستارها ذبذبات الحزن والحسرة: الأولاد جميعهم بخير، الله يعينهم ويساعدهم، إنهم غارقون في أعمالهم وهمومهم، الله يوفقهم ويسدد خطاهم. ويسترسل متحدثاً من غير سؤال عن الأحفاد: الله يرضى عليهم، بعضهم يأتي دائماً للاطمئنان علي وقضاء حوائجي، وبعضهم من يذكرني بزيارة في المناسبات، والآخرون ألتقط أخبارهم من هنا وهناك بعدما انقطعوا عني وغرقوا في سبات الغياب. يقف على الباب مودّعاً وهو يشدُّ عليك بإلحاحٍ وتأكيد على العودة قريباً، ثم يطل عليك من على الشرفة ملوّحاً بيده كمن يلتقط النظرات الأخيرة قبل الفراق.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع