محمد القدسي
هو السيد السند والركن المعتمد قدوة المحققين العالم
اللوذعي والأديب الألمعي، فقيه أهل بيت العصمة والطهارة، السيد شمس الدين محمد بن
علي بن الحسين بن أبي الحسن الموسوي العاملي الجبعي.
* ولادته:
ولد (السيد محمد) عام 946 هجرية من أبوين صالحين تقيين، عارفين بالأحكام الشرعية،
فوالده العالم الفاضل السيد علي بن الحسين الموسوي العاملي أحد أعلام الطائفة في
زمانه، وأما والدته فهي بنت وحيد عصره وفريد دهره الشيخ زين الدين العاملي الشهيد
الثاني قدس الله أرواحهم الزاكية. وتبع على النهج أولادهم كذلك، فكانوا خير خلف
لخير سلف، فولد للسيد (السيد محمد) السيد حسين عالم فاضل فقيه، سافر إلى خراسان
فتولى مشيخة الإسلام هناك، وكان أحد أساتذة الحوزة المبرزين في مدينة مشهد المقدسة،
وقد قرأ على أبيه كتاب المدارك.
* دراسته:
كان (السيد محمد) مجداً في التحصيل، وقد هيأ الله تعالى له الجو الصالح للدراسة،
فكان شريكه في الدرس خاله العالم الرباني الشيخ حسين ابن الشهيد الثاني في أكثر
أبحاثه وحضوره عند أعلام العلماء في ذلك الزمان.
وتتلمذ على يد أبيه السيد نور الدين علي- صهر الشهيد الثاني- وعلى يد المولى الجليل
الشيخ حسين بن عبد الصمد- والد الشيخ البهائي وعلى الشيخ أحمد بن حسن النباطي
العاملي.
وكان للسيد محمد وشريكه في الدرس الشيخ حسن طريقة في الدراية تعتبر فريدة نشرحها في
ما يلي:- وعندما سافرا إلى العراق حضرا عند المولى المقدس أحمد الأردبيلي قدس الله
روحه فقالا له: نحن ما يمكننا الإقامة مدة طويلة ونريد أن نقرأ عليك على وجه نذكره
إن رأيت ذلك صلاحاً، فقال: ما هو؟ قالا: نحن نطالع وكل ما نفهمه لا نحتاج معه إلى
تقرير بل نقرأ العبارة ولا نقف وما يحتاج إلى البحث والتقرير تتكلم فيه، فأعجبه ذلك
وقرءا عنده عدة كتب في الأصول والمنطق والكلام وغيرها.
* مؤلفاته:
وقد ترك لنا (السيد محمد) رحمه الله- آثاراً قيمة نافعة، على الرغم من أنه كان
معروفاً بقلة التصنيف وكثرة التحقيق، ومن أهم تلك
* المصنفات:
1- مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام: وقد جعل المدارك بمنزلة التتمة للمسالك
لأنه مختصر في العبادات ومطول في المعاملات.
2- حاشية على الاستبصار.
3- حاشية على تهذيب الأحكام.
* أقوال العلماء فيه:
السيد العاملي أحد تلكم الشخصيات العلمية ذات الفكر الثاقب والرأي السديد والتي
زودت الحوزة العلمية بالبحوث المبتكرة.
لذلك فقد أثنى عليه كثير من الأعلام ممن عاصره وممن جاء بعده. فالسيد مصطفى
التفريشي يقول في معرض حديثه عنه:
سيد من ساداتنا، وشيخ من مشايخنا، وفقيه من فقهائنا رضي الله عنهم، مات عن قرب إلا
أنه كان بالشام ولم يتفق لقائي إياه.
والحر العاملي يقول: كان عالماً فاضلاً متبحراً ماهراً محققاً مدققاً زاهداً عابداً
ورعاً فقيهاً محدثاً كاملاً جامعاً للفنون والعلوم، جليل القدر عظيم المنزلة.
وقال الحر أيضاً: ولقد أحسن وأجاد في قلة التصنيف، وكثرة التحقيق، ورد أكثر الأشياء
المشهورة بين المتأخرين في الأصول والفقه، كما فعله خاله الشيخ حسن.
*وفاته:
انتقل السيد العاملي إلى جوار ربه الكريم في ليلة العاشر من شهر ربيع الأول سنة
1009 هجرية في قرية جبع، عن عمر ناهز الثانية والستين.
ورثاه خاله ورفيقه الشيخ حسن بأبيات كتبت على قبره:
لهفي لرهن ضريح كان كالعلم |
للجود والمجد والمعروف والكرم |
وقد كان للدين شمساً يستضاء به |
محمد ذو المزايا طاهر الشيم |
سقى ثراه وهناه الكرامة والر |
يحان والروح طرا بارىء النسم |
وكتب على قبره الآية المباركة
﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ
فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا
تَبْدِيلًا﴾