الشاعر خليل عجمي
| قُتل الحسين بكربلا فتخلّدا | لكنَّ موتَ يزيدَ كان مؤبّدا |
| وقف الإمام بقومهِ متأمّلاً | جيشَ ابن سعد قادماً فتنهّدا |
| سبعون شخصاً يلتقون عرمرماً | سبعينَ ألفاً هلْ يُظَنُّ لهم صدى؟ |
| ومضى الإمام إلى الجموع مخاطباً | كالعندليب أمامَ غربانٍ شدا |
| يا قوم كفّوا شرّكم ولتعلموا | أني ابنُ فاطمةٍ وجدّي المفتدى |
| وأبي أمير المؤمنين وسيفُهُ | هذا الذي قد جئتُ فيه مُقلَّدا |
| ولطالما أنّي ابن بنت نبيّكمْ | فعَلامَ هذا الجيش جاء مهدِّدا |
| أنسيتُم أني حفيد المصطفى | وهو الذي فيهِ الأنامُ قد اهْتدى |
| أنسيتُم أن الخلافة حقّنا | والناس هم خبرٌ ونحن المبتدا |
| ماذا ستنتظرون من ربّ السما | بعد الذي فيهِ أسأتُم للهدى |
| وتقدَّمَ البطل الغضنفر نحوهم | كتقدُّم الجبل الأشمِّ إذا حَدا |
| ما إن تلظّى الوقع واحتدم الوغى | فإذا الفتى العباس أقبل مُنشدا |
| ها قد أتيتُ أنا فمُرني يا أخي | إني أريد اليوم أن أستشهدا |
| ومضى الشجاع إلى القتال كأنه | أسدٌ رأى تلك الثعالب موردا |
| ورد الفرات ليستغيث بقطرةٍ | يروي بها العطش الذي فيه ابتدى |
| فرمى بماء النهر فوق ضفافه | متذكراً عطش الحسين فما اجتدى |
| بل عاد للميدان يهتف يا أخي | ألماء دونك لم يكن لي موردا |
| أمّا الحسين فقد تأمّل ابنهُ | العطشان فاشتعلتْ به نار الفدا |
| أسقوهُ بعضَ الماء فاختلفوا له | لكنّ حرملةَ اللعين تمرّدا |
| قطع النزاع بنبلةٍ في نحره | فابتلَّ في دمه الزكي مغرِّدا |
| وضعَ الإمامُ رضيعه فوق الثرى | وضعَ الإمامُ رضيعه فوق الثرى |
| وإذا بهِ كالليث يحمل سيفهُ | ويكاد فوق جوادهِ أن يرعُدا |
| شقَّ الصفوفَ طوى الفرات بعزمهِ | قتل المئاتِ وعاد حُرّاً سيِّدا |
| ثمّ انحنى كي يستريح فجاءَهُ | حجرٌ أصاب جبينه فتورّدا |
| ما كاد يمسَحُ مقلتيه بكفّهِ | ويلمُّ جرحاً بالجبين تجعَّدا |
| وإذا بسهم قد أتاهُ مشعّباً | فرماهُ فانتفض الحسين موَحِّدا |
| ولشدَّ ما برتِ السيوف ضلوعه | وقع الحسين على الطفوف مُمدّدا |
| فتشهّد البطل العظيم وقد رنا | نحو الخيام قبيل أن يستشهِدا |
| ليرى أحبّتهُ لآخرِ نظرةٍ | وإذا بزينبَ كالنسيم إذا عدا |
| حضنتهُ زينبُ والدموع كأنها | درٌّ على خدّ الجمال تنضّدا |
| ورنا إلى الحوراء زينب قائلاً | الله أكبر قد رأيت محمدا |
| يا أختنا الحوراء أين سكينةُ | نادي الحمى فلقد بلغتُ الموعدا |
| صرختْ سكينةُ صوتاً ملتهب الحشا | ما زال في أذُن الزمان له صدى |
| أبتاه كيف رحلتَ دون وداعنا | فالعيش بعدك سوف يصبح أسودا |
| أبتاهُ قد قتلوك ظلماً ويلهم | من يوم حشرٍ يلتقون بهِ وغدا |
| مولاي إنك في الجهاد مهنّدٌ | في كل عصر قد نراهُ تجدّدا |
| حُبُّ الحسين عليّ فرضٌ واجبٌ | إن كان هذا الحب لا يرضي العِدا |
| إن كان حبُّكَ يا حسين مُقيّدي | فأنا سروري أن أعيش مُقيّدا |