ثلاثة أعوام مرت وعاشوراء تكبر بلا حدود، وتتسع لكل المحبين، أما نحن فقد كبرنا بها، ولا عكس، وإنما كبرت بالكربلائيين، الخمينيين، المستخلصين، من علماء وجامعيين وأبطال ومجاهدين حتى انصهر القلم بالقلم والكتاب بالكتاب، والدم بالدم. بدم العشق أمكن للاتحاد بين الحوزة والجامعة أن يصبح حقيقة. فقد فتحوا لنا مدرسة جديدة في الزهد والخلود.
وإذا علم الله سبحانه منهم الصدق، فقبلهم واختارهم إلى جواره، كانوا ينظرون إلى المستقبل غداً من خلال الشهادة اليوم، وإذا ماتوا فإنهم أغمضوا أجفانهم على محمد بالخروج من القبور مؤتزرين للأكفان، شاهرين للسيوف.
بهؤلاء الذين لم يتخلفوا، طمعاً ببلوغ الفتح "الأكبر"، فمن يكونوا هؤلاء الذين يحثون الخطى سراعاً شطر وادي القدس لينعموا بالالتحاق يركب الممهدين.
إنهم الحفاة المستضعفين الذين ليس لهم إلا يد الغيب، وغربة الحسين عليه السلام وبلاءات زينب بعثاً للثورة والنصر.
إنهم فتية عزفوا عن حطام الدنيا بالزفرات والأنين والترجيع، حتى نطقت قلوبهم بـ "إنا لله وإنا إليه راجعون".
إنهم رجال الله وحزبه وخاصته. وهؤلاء غير المغضوب عليهم ممن راقت لهم لحود الذل، ومخادع العيش الوبيل، وغير أولائك الذين عشعش الجبن في حنايا قلوبهم حتى بدا لهم قرين الحكمة، ونظروا إلى عنفوان الشباب فحسبوه خُرقاً.
هؤلاء ليسوا من أولائك الذين ما آمنوا بالغيب وما حسبوا له أي حساب. هؤلاء هم أصحاب الحسين، يتراكضون إليه بالدم المسفوح، علّهم يسمعون منه.. أنتم أمامي في الجنة.
قبل عددين كتبت عن ثقافة الشهادة خاتماً مقالتي بـ كلمة "فمن يكون اللاحق؟"كان حينها الشهيد القائد أبو علي رضا آخرهم، وبعدها تلاحق الشهداء وبكثرة بدءاً بالشهيد ملاك، وانتهاءً بالشهيد الشيخ خليل سعيد الذي تشظى جسده واحترقت سيارته بنفس الصورة التي استشهد بها الشهيد أبو علي رضا، وقبله سيد شهداء المقاومة الإسلامية، فمن يكون اللاحق؟
سيدي يا ابن أحمد هل إليك سبيل فتُلقى، غير سبيل الشهادة مع الحسين. هل سيصل يومنا منك بِعِدَّةً فنحظى. متى نرد مناهلك الروية فنروى. متى ننتقع من عذب مائك فقد طال الصدى.
آه آه العطش العطش إلى الشهادة بين يديك.
الشيخ خليل سعيد يمم وجه جنوباً فوصل. خافت منه إسرائيل، خافت أن يغرز نصلاً في جهة مجدل الشمس، وأقصى الجنوب، ولكنه حقق ما أراد. أما نحن فمازلنا هنا ننظر للثورة ونهدي إلى "أمراء الملكوت"باقة من كلام معسول لا يزيد الظامي إلا عطشاً إلى ما بلغوه، فمتى نصدق القول بالفعل فتلحق؟!!