أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

آخر الكلام: سطوة الانعكاس

نهى عبد اللَّه

 



انصرف القاضي "زين" إلى عمله صباحاً بعد أن ألقى نظرة على كل مرايا المنزل والواجهات الزجاجية، ليتأكد أنها مغطاة تماماً. فما زال صوت جدتّه يسكن كل وعيّه: "عندما يبدو لك الخداع سبباً لنجاحك، اصفعه، وكن نزيهاً وقل الصدق في تلك الظروف خاصّة". حينها كان فتىً قادح الذهن، يجيد الاحتيال، وقد استشرفت جدّته خطر دهائه، فألزمته بقطع وعد بالصدق. وقد حافظ "زين" على وعده، لولا ذلك الانعكاس المزعج في المرآة، الذي يُظهر رجلاً في ملامحه، لكنه يغويه دائماً بلعبة "الكذبة البيضاء".

بات "زين" قاضياً الآن، حتى عرض عليه أحدهم منصبّاً أعلى كان يطمح إليه، شرطه الإطاحة برئيسه المعروف بالتوائه. لم يقبل، لكن راودته بعض الأفكار فيما كان يسير مساءً على ضفة نهر، فظهر انعكاسه في الماء وبادره بابتسامة خبيثة: "ما رأيك بحيلة بيضاء؟". حدّق به "زين"، بدا هزيلاً شاحباً، ارتفع صوت انعكاسه: "عدوك فاسدٌ، يستحق الإيقاع به". قاطعه زين: "أنت خبيث"، ردّ الانعكاس: "وأنت طموح.. المنصب بحاجة إليك. ولستُ بقوتي السابقة لأسيطر عليك".

تمت الصفقة، وتقلّد المنصب. في مرآة كبيرة تغطي جداراً يقابل مكتبه، يظهر فيها انعكاسه جالساً مثله، على كرسي جلد وثير... وبدأت قضايا الفساد والمحسوبيات تحيطه. اكتفى "زين" وخشي أن يفتضح أمره، فغطى المرآة، لكن انعكاسه بات قوياً، فخرج من المرآة واتّحد به وأحكم سيطرته عليه. بقي صوت جدّته الطيبة يتردد داخله: "قل الصدق"... لم يكن سهلاً أن يصرخ: "أنا محتال وكاذب" لكن المرآة تكسرت، وشعر بضعف سطوة انعكاسه، فأمسك قلماً بيدٍ ترتجف، وخطّ اعترافاته دون تبرير مخادع.. حينها تبدد انعكاسه كليّاً.

قضى "زين" عقوبة مخفّفة، لكنه بات لا يخشى النظر إلى المرآة، التي لا يرى فيها غروره، بل نفسه التي يُسيطر عليها.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع