نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

العلم في مدرسة الأئمة عليهم السلام

الإمام الصادق عليه السلام والمفضل

* معاش البُوم والهام والخفاش

أعلمت يا مفضّل ما طعام هذه الأصناف من الطير التي لا تخرج إلا بالليل، كمثل البوم والهام والخفاش؟
قلت: لا يا مولاي.
قال: إن معاشها من ضروب تنتشر في الجو من البَعُوض والفراش وأشباه الجراد واليعاسيب، وذلك أن هذه الضروب مبثوثة 1 في الجو لا يخلو منها موضع... واعتبر ذلك بأنك إذا وضعت سراجاً بالليل على سطح في عرصة2 دار، اجتمع عليه من هذه الضروب شيء كثير... فمن أين يأتي ذلك كله، إلا من القرب؟ فإن قال قائل: إنه يأتي من الصحاري والبراري، قيل له: كيف يوافي تلك الساعة من موضع بعيد، وكيف يبصر من ذلك البعد سراجاً في دار محفوفة بالدور فيقصد إليه، مع أن هذه عياناً تتهافت على السراج من قرب فيدل ذلك على أنّها منتشرة في كل موضع من الجو، فهذه الأصناف من الطير تلتمسها إذا خرجت فتتقوت بها.

فانظر كيف وجه الرزق لهذه الطيور التي لا تخرج إلا بالليل من هذه الضرورة المنتشرة في الجو، وأعرف ذلك المعنى في خلق هذه الضروب المنتشرة التي عسى أن يظن ظان أنها فضل لا معنى له.

* خلقة الخفاش

خلق الخفاش خلقة عجيبة بين خلق الطير وذوات الأربع، وهو إلى ذوات الأربع أقرب، ذلك أنه ذو أذنين ناشزتين وأسنان ووبر وهو يلد ولادةً ويرضع ويبول، ويمشي إذا مشى على أربع، وكل هذا خلاف صفة الطير. وهو أيضاً مما يخرج بالليل، ويتقوت بما يسري في الجو من الفراش وما أشبهه. وقد قال قائلون إنه لا طعم للخفاش وإن غذاءه من النسيم وحده، وذلك يفسد ويبطل من جهتين: إحداهما خروج الثقل3 والبول منه، فإن هذا لا يكون من غير طعم، والأخرى أنه ذو أسنان، ولو كان لا يطعم شيئاً لم يكن للأسنان فيه معنى، وليس في الخلقة شيء لا معنى له. وأما المآرب فيه فمعروفة، حتى أن زبله يدخل في بعض الأعمال، ومن أعظم الإرب فيه خلقته العجيبة الدالة على قدرة الخالق جل ثناؤه، وتصرفها فيما شاء كيف شاء لضرب من المصلحة.

* النحل: عسله وبيوته

انظر إلى النحل واحتشاده في صنعة العسل، وتهيئة البيوت المسدسة وما ترى في ذلك من دقائق الفِطنة، فإنك إذا تأملت العمل رأيته عجيباً لطيفاً، وإذا رأيت المعمول وجدته عظيماً شريفاً موقُعه من الناس، وإذا رجعت إلى الفاعل4 ألفيته، غبياً جاهلاً بنفسه فضلاً عما سوى ذلك. ففي هذا أوضحُ الدلالة على أن الصواب والحكمة في هذه الصنعة ليس للنحل بل هي للذي طبعه عليها، وسخره فيها لمصلحة الناس.

* كثرة نسل السمك وعلة ذلك

فكر الآن في كثرة نسل السمك وما خص به من ذلك، فإنك ترى في جَوف السمكة الواحدة من البيض ما لا يُحصى كثرةً، والعِلة في ذلك أن يتسع لما يغتذي به من أصناف الحيوان، فإن أكثرها يأكل السمك، حتى أن السباع أيضاً في حافات الآجام5 عاكفة على الماء أيضاً كي ترصد السمك، فإذا مر بها خطفته، فلما كانت السباع تأكل السمك، والطير يأكل السمك، والناس يأكلون السمك، والسمك يأكل السمك، كان من التدبير فيه أن يكون على ما هو عليه من الكثير.


1 مبثوثة: منتشرة.
2 عرصة: باحة.
3 الثفل: -بالضم- وهو الكدرة المستقرة في أسفل الشيء.
4 الفاعل: يراد منه النحل.
5 الآجام: جمع الجمع للأجمة وهي الشجر الكثير الملتف.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع