نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

في رحاب بقية الله: الإمام المهدي عجل الله فرجه في القرآن‏


الشيخ نجيب صالح‏


القرآن الكريم هو المصدر الأساس والمرجعية الأولى في التشريع والاعتقادات الإسلامية. فما وافقه يؤخذ به وما خالفه وعارضه يضرب به عرض الجدار على حد تعبير الإمام الصادق عليه السلام.  وفي خصوص مسألة الإمام المهدي عجل الله فرجه يرد السؤال التالي:

هل تعرض القرآن الكريم لقضية الإمام المهدي عجل الله فرجه؟
أو هل يمكن أن يُغفلَ القرآنُ ذكر أمر في غاية الأهمية والخطورة، الغاية منه إحياء الإسلام من جديد وإحقاق العدل الذي من أجله بعث الأنبياء والرسل وذلك على يد إمام هادٍ مهديٍّ من سلالة النبيين وهو وصي وليس بنبي؟! علماً أن أمر الخلاص مما يعتقد به أصحاب الديانات السماوية والكتب المنزلة، وأن أمر المهدي عجل الله فرجه مما يعتقد ويجمع عليه المسلمون مع الاختلاف في ولادته وعدمها بينهم؟ وفي مقام الإجابة عن هذه التساؤلات لا بُدّ من البحث في آيات الكتاب العزيز ثم الرجوع إلى الراسخين في العلم وأهل الذكر محمد وآله عليهم السلام، لنخرج من بين ذلك إلى قناعة راسخة بأن القرآن والمهدي عجل الله فرجه ثقلان يسند بعضهما بعضاً ولا يفارق أحدهما الآخر وكل يهدي إلى الآخر ويتممه فالقرآن يطهّر أهل البيت عليهم السلام الذين منهم مهدي آخر الزمان عجل الله فرجه. قال سبحانه: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا والمهدي هو حامل لواء الكتاب ومحيي شريعته ومبيّن آياته للناس فعن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: "إني تارك فيكم الثقلين كتاب اللَّه وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً". فإننا نجد من بين آياته آيات كريمات وعدت المؤمنين المستضعفين بالتغيير والتمكين في الأرض والتي سيكونون أئمتها وقادتها، وأن في الأمر إرادة إلهية لا تتخلف عن المراد ووعد حق لا يخلفه لهم ربهم.

1 - قال تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (القصص: 5). فهذه الكريمة وإن كان مورد وشأن نزولها في قوم موسى ممن استضعفهم فرعون فهذا المورد لا يخصص الوارد ولا ينحصر به على حد تعبير أهل العلم، ففيها وعد إلهي مبرم للمؤمنين بأنهم ورثة هذه الأرض ضمن سنّة إلهية تكوينية وهي هزيمة للكفر والظلم على أيدي عبادٍ للَّه يريدون ما أراد ويريد ما أرادوا. ثم إن الذي يساعدنا على أن إمامنا ومولانا قصد بها بل هو قطب رحاها قول الإمام علي عليه السلام عند ذكره لهذه الآية: "هم آل محمد عليهم السلام يبعث اللَّه مهديهم بعد جهدهم، فيعزُّهم ويُذلُّ عدَّوهم"(1). وقول الإمام أبي جعفر الصادق عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها ثم قرأ: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ(2). فالأئمة من آل الرسول عليهم السلام قد استدلوا واستشهدوا بهذه الآية وبغيرها كما سيأتي على دولتهم ودولة المهدي المنتظر منهم عجل الله فرجه.

2 - وقوله تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا(النور: 55). فعن مولانا الإمام الصادق عليه السلام: "نزلت في القائم وأصحابه"(3). فالاستخلاف في الأرض والتمكين منها والطمأنينة فيها والأمن وعود إلهية آتية لا ريب فيها بعد هذا الإذلال والاستعباد وغربة الإسلام من الكافرين عبر التاريخ لا سيما في زماننا الحاضر، وسيكون بعد ذلك الفرج الموعود والقريب بإذن اللَّه وتحت راية الإسلام المحمدي الأصيل راية قائم آل محمد عجل الله فرجه، كيف لا وهلاك الظالمين ومحقهم فضلاً عن كونه وعداً إلهياً فهو سنةٌ إلهية قال تعالى: ﴿وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا والتاريخ شاهد على ذلك، أين الأمم السابقة أين قوم عاد وثمود وأصحاب الرَّس وقوم لوط أين الإمبراطوريات التي لم تغب عنها الشمس، كالفرس والروم والإنكليز والروس كلها صارت في مجاهل التاريخ، قال سبحانه: ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ.

3 - وقوله تعالى: ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ً، فعن الإمام الباقر عليه السلام: "إذا قام القائم ذهبت دولة الباطل" وإن كان هذا من باب التوصيف والجري فهو وعد حاسم برجوع الحق وإقامة دولته عجل الله فرجه.

4 - وقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (الفتح: 28).
- وفي أخرى: ﴿وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (الصف: 9).
وهو وعد وعهد إلهي بظهور الإسلام على كل دين وشريعة سماوية وأرضية وهو ما لم يتحقق إلا بظهور منقذ البشرية حجة اللَّه قائم آل محمد عجل الله فرجه وهذا الظهور سيكون حاسماً ونهائياً وللأبد.
- فمن خلال بعض آيات الكتاب العزيز التي مرَّ ذكرها وقد يستفاد من غيرها أيضاً: فإن حركة الإمام عجل الله فرجه الإصلاحية التي تبعث الحق من جديد تدخل ضمن الوعود الإلهية.
قال تعالى: ﴿إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (الأعراف: 128). وقال تعالى: ﴿بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ.


(1) كتاب أهل البيت في الكتاب والسنّة للريشهري ص‏503.
(2) المصدر السابق عن غيبة الطوسي.
(3) كتاب أهل البيت في الكتاب والسنّة عن غيبة النعماني.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع