أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق مع الإمام الخامنئي | انتظار الفرج(*) الافتتاحية | ستبقى فخرنا وعزّنا مع الإمام الخامنئي | لا تنبهروا بقوّة العدوّ* نور روح الله | لو اجتمع المسلمون في وجه الصهاينة* كيف تكون البيعة للإمام عند ظهـوره؟*

مصلح آخر الزمان‏

السيد حسن أبطحي‏


الحمد لله رب العالمين. السلام على أنبياء الله العظام. السلام على منقذ البشرية الإمام المهدي عليه السلام. السلام على شهداء طريق الحرية والسلام على قادة الثورة الإسلامية الذي أنقذونا بجهادهم وصبرهم واستقامتهم من الظالمين والطواغيت الكافرين.
الموضوعات الأساسيان لهذه المقالة هما: "المقام الشامخ للإنسان" و"حكومة الدين على العالم" وهو الوعد الإلهي الذي لا بدّ أن يتحقق يوماً... آمين. وسوف نعتمد في عرض الموضوعين على ما ثبت في الكتاب المقدس وفي الآثار الإسلامية.


* المقام الشامخ للإنسان‏
لا شك أن الإنسان يمتاز عن جميع المخلوقات بالعقل والمنطق. ولذلك فقد جعله الله تعالى مسلطاً على سائر الحيوانات والمخلوقات ومنحه وسام خلافة الله على الأرض.
ورد في الآية 26 من الإصحاح الأول من سفر الظهور في الكتاب المقدس: الإنسان مسلط على سائر الحيوانات أي أنه حاكم على أسماك البحار وطيور السماء وبهائم البر والحشرات الزاحفة.
فهذه الآية تؤكد شرافة الإنسان وأفضليته على كل شي‏ء، وما ذلك إلا لأن اله تعالى قد خلق روح الإنسان على صورته وجعله في الصفات المعنوية مثله الأعلى كما ورد في الآية نفسها (وقال الله لنصنع آدم على صورتنا وشبهنا) وجاء في قاموس الكتاب المقدس- ص 114: "ولأن الله تعالى خلق الإنسان في التقدس والعدالة على صورته فقد جعل له شريعة".

فاختصاص الإنسان بالشريعة من بين المخلوقات عائد إلى مقام الإنسان السامي وقدرته على الوصول إلى كمال الإنسانية.
وهذا الأمر عينه في شأن الإنسان ومقامه يظهر بوضوح في لإسلام. جاء في القرآن الكريم في سورة الجاثية، الآية: 12: ﴿وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه فهذه الآية الكريمة وكثير من الآيات المشابهة لها تؤكد أن جميع المخلوقات العالم مسخرّة لخدمة الإنسان. ويقول أيضاً في سورة الإسراء، الآية: 70: ﴿ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا. حيث يظهر فيها مقام الإنسان السامي وأفضليته على كثير من مخلوقات الله وتظهر اللطف الإلهي والمحبة الخاصة لبني آدم.

ومن جهة أخرى، يقرن القرآن مقام الإنسان وعظمته بالعبودية والتقوى والعمل. فيقول في سورة الحجرات، الآية: 13: ﴿إن أكرمكم عند الله أتقاكم، وفي سورة الزمر، الآية: 9: ﴿هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون. ويصف الذين لا تقوى ولا علم لهم ولا كمالات روحية بأنهم شر البهائم فيقول في سورة الأنفال، الآية: 27: ﴿إن شر الدواب عند الله الصم البكر الذين لا يعقلون ثم يعتبر أن الهدف الأساسي من الخلق هو العبادة والارتباط بالله تعالى، فيقول في سورة الذاريات، الآية 56: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون.
وورد في الأحاديث الإسلامية أنّ على البشر أن يتخلّقوا بالأخلاق والصفات الإلهية، وأنّ أوجب الواجبات عليهم تزكية أنفسهم حتى يصلوا إلى مقام الخلافة الإلهية.

وعليه، فكما أن الكتاب المقدّس يعتبر أن خلق الإنسان كان من أجل الارتباط بالله وعابدته والتخلّق بأخلاق الله والاتصاف بالصفات الإلهية، وأن البشر لهم المقام الأسمى والأشرف في عالم الخلق وأنهم مسلّطون على سائر المخلوقات، كذلك في الإسلام توجد النظرة ذاتُها في شأن مقام الإنسان السامي وأفضليته على سائر المخلوقات.

* إحياء الأرض
بالنطر لكون الإنسان خليفة الله على الأرض. فإن الإسلام- وكذلك المسيحية- يعتبر أن من أهم وظائف هذا الخليفة منذ بداية الخلق إحياء الطبيعة وحفظ الثروات الطبيعية وعمارة الأرض والصحارى.
جاء في الكتاب المقدس "خلق الله تعالى الإنسان ليعمل في الأرض". وواضح جيداً أن المراد من العمل في الأرض هو إحياء الطبيعة والسعي لاكتشاف الثروات الطبيعية المدفونة واستخراجها من باطن الأرض. كما ويجب أن يسعى الإنسان للحفاظ على سلامة البيئة والمحيط بما يتناسب مع الحياة على الأرض.

الإسلام بدوره أولى هذا الموضوع اهتماماً كبيراً. فقد جاء في القرآن الكريم ﴿والأرض وضعها للأنام والمراد من الأرض بما فيها من أشجار ونباتات وخيرات، حيث جعل كل ذلك للإنسان كالمهد الذي يستريح عليه الطفل ﴿ألم نجعل الأرض مهاداً. وجاء في القرآن أيضاً في مكان آخر: ﴿هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها وهذا برهان ساطع على تكليف الإنسان من قبل الله تعالى بإحياء الأرض. عمارتها وحفظ سلامة الطبيعة.
يقول الرازي في كتابه "التفسير الكبير": كان لدى بعض سلاطين إيران عمر طويل مثير للعجب. فجاء نبي من أنبياء ذلك الزمان وسأل الله تعالى عن سبب طول عمر هؤلاء الناس؟ فجاءه الجواب: لأنهم يعمّرون المدن والممالك ويحيون الأرض الميتة ويحفظون سلامة الطبيعة".

* حكومة الإنسان الكامل على العالم‏
لما كان الأمر كذلك- أي أن الله تعالى سلّط الإنسان على سائر المخلوقات لإحياء الأرض وعمارتها- فمن الطبيعي أن يُلحظ للإنسان نوع من الحاكمية. ولا شك أن الحاكمية لا يمكن أن تتحقق من دون قوانين اجتماعية تقبل بها الناس وتلتزم بها. ومن المسلّم به أن أكثر البشر- وهم المؤمنون بالأديان العالمية الكبرى- يقبلون فقط بالقوانين الإلهية والحاكمية المنبثقة عنها.
وعلى هذا، فإن الرب المتعال منذ اليوم الأول الذي خلق فيه البشر على الأرض وأنزل إليه شريعته ليعمل بها ويسعى في عمارة الأرض، كان المراد أن تقوم حكومة عالمية واحدة يرأسها الإنسان الكامل حتى لا يحدث نزاع أو اختلاف أو فساد وليهنأ الناس بالعيش مع بعضهم بأمن وسلام ووئام.
وليس هذا سعي الأديان العالمية الكبرى فحسب . بل إن جميع البشر وبالأخص العلماء والفلاسفة في العالم يسعون دائماً للوصول إلى حكومة عالمية واحدة.

بناء عليه، فإنه في نهاية المطاف لا بد للدين أن يحكم العالم يوماً ما، لأن الهدف الإلهي من خلق الإنسان على الأرض ليس سوى حكومة الدين على الأرض. والعقل يحكم وكذلك العلماء الكبار في العالم أن البشرية لن تحصل على السعادة ما لم تخضع لحكومة عالمية واحدة مؤيدة من الرب المتعال.
وسوف نثبت في هذا المقال أن الإسلام والمسيحية يتفقان على وجود وعد إلهي بهذه الحكومة للبشرية وأنه سوف يأتي شخص باسم "المهدي" أو "القائم" أو "ابن الإنسان" أو "شيلو"1 أو "روح الحقيقة" أو "المسلّي" أو المخلِّص" أو "روح الله". وهي أسماء لشخص واحد يقيم هذه الحكومة.

ويُعتبر هذا الأمر من البديهيات الدينية.
1- في سورة التوبة، الآية 33، يقول تعالى: ﴿هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. وقد تكرّرت هذه الآية بقريب من هذه العبارة في ثلاث سور أخرى من القرآن الكريم (سورة الفتح- سورة الصف- سورة النور). وهي واضحة الدلالة على أن الدين الإلهي الحق سوف يتغلب على سائر الأديان والمذاهب المختلفة والباطلة في العالم.

2- في سورة الأنبياء، الآية 105، يقول تعالى: ﴿... أن الأرض يرثها عبادي الصالحون وقد تكرّرت هذه الآية بألفاظ مختلفة مثل: ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض وكذلك في قوله تعالى: ﴿ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين.
في هذه الآيات وعد صريح من قبل الله تعالى بحكومة الصالحين الذين ليس عندهم ظلم ولا يحكمون إلا بالعدل والإحسان والذين جعلهم الله خفاءه والوارثين للأرض في إقامة الحكومة العالمية الواحدة.

* وعد الكتاب المقدس بالحكومة العالمية الواحدة
يتحدث الكتاب المقدس- من أوله إلى آخره- عن الأمن والسلام وحكومة الدين على العالم في أخر الزمان. وإذا أردنا أن نستفيض في شرح هذا الأمر لما وسعنا كتاب مفصّل لذلك.
ومن يقرأ كتاب المزامير (أي زبور داود) يرى بالتأكيد الإفاضة في ذكر الحكومة الإلهية والسلطة الدينية على العالم، كما يرى في أكثر من إصحاح الطلب من الناس والمؤمنين أن يعملوا من أجل هذه الحكومة ويمهدوا لها. جاء في المزمور السادس والتسعين: (بلّغوا بين الأمم أن الإله سوف يحكم وتأمن المسكونة ولن تشعر بالخوف أبداً، وسوف يُقضى بين الناس بالعدل والإنصاف وتبتهج السماء وتفرح الأرض...".

* من هو المصلح ومقيم الحكومة الإلهية في العالم‏
اتفق الإسلام والمسيحية على وجود وعد إلهي بمصلحٍ هو نموذج عن الأنبياء الماضيين يقيم حكومة العدل العالمية وهو صانع مصير مستقبل البشرية. ومن الجدير ذكره أن الأديان العالمية الكبرى الأربعة (الإسلام، المسيحية، اليهودية، الزرادشتية) أي ما يشكل تقريباً ثلاثة مليارات من مجموع البشر اليوم يعتبرون وجود المصلح العالمي من المسلّمات الدينية. وعليه، فمن الواجب أن يوجد استعداد تام بين الناس لاستقبال هذا الحدث التاريخي الكبير وأن لا يغفلوا عنه. وإذا كانت الدنيا محظوظة اليوم أكثر من الماضي فذلك عائد لنضوج هذه الحقيقة واستعداد الناس لحكومة العدل العالمية. لكن- وفي المقابل- يوجد في كل زمان أناس يؤمنون بالباطل ويعارضون وجود المصلح العالمي لأنه يتعارض مع مصالحهم ومنافعهم ويسعون جهدهم للتبليغ ضده حتى يقول بعضهم صراحة: "يجب أن نعمل ما يمنع من مجيئة".

ففي الفيلم الذي عرض مؤخراً باسم المتكهنين "نوستر آداموس" والذي دبلج إلى لغات مختلفة، عندما يتنبأ آداموس بمجي‏ء شخص من نسل الأنبياء من شبه جزيرة العرب ويقول: "ويصبح مسلّطاً على العالم". يعتبر ذلك الفيلم أن هذا المصلح ضد المسيح ويأتي لتدمير الحياة على الأرض ويقول بصراحة: "يجب أن نعمل شيئاً لعدم مجيئه حتى لا يستطيع أن يزيل الدول الكبرى مثل أمريكا وفرنسا ولكي لا تفنى المسيحية".
إلا أن المؤمنين بالأديان العالمية الكبرى يعتبرون أن حكومة العدل الإلهية ليست ضد المسيح، بل المسيح عندهم روح الله وكلمة الله وسوف يكون إلى جانب المصلح حيث ينزل من السماء ويكون ويزره. والمصلح العالمي يأتي من أجل بسط العدل ورفع الظلم وليس لجلب الخراب والدمار للعالم.
ولذلك فإننا سوف نبين خصائص هذا المصلح العالمي من الكتاب المقدس والقرآن الكريم ثم نقارن فيما بينها.

* صفات المصلح العالمي من الكتاب المقدس‏
1- في كتاب التوراة في سفر الظهور الإصحاح 49- الآية 10 يقول: (لن تزول عصا القدرة والسلطنة من اليهود، ولن تخرج صلاحية التشريع عن سلطتهم حتى يظهر شيلو (أحد أسماء المخلّص). وتذعن له الأمم بالطاعة".

2- في إنجيل يوحنا، الإصحاح 15 الآية 27 يقول:
"لكن عندما يأتي إليكم المسلّي من قبل الأب يعني روح الحقيقة الصادر من الأب، يكون شهيداً علي وأنتم أيضاً تكونون شهداء".

3- وفي إنجيل يومنا، الإصحاح 16، الآية، يقول:
"الحق أقول أن رحيلي نافع لكم لأني لو لم أرحل لن يأتي إليكم المسلّي. ولكن إذا رحلت فإني أوفده إليكم لأنه عندما يأتي بملأ الأرض بالعدل والخير... ويقول لكم أشياء كثيرة لا طاقة لكم عليها الآن، أما ويعني روح الحقيقة فإنه يهديكم إلى جميع الحقائق لأنه لا يتكلم من عنده بل يتكلم بما سمعه (من الله أو الأنبياء....)..".

4- وفي إنجيل متى، الإصحاح 24 الآية 27 يقول:
"لأنه كما أن البرق يخرج من المشارق ويظهر إلى المغارب هكذا يكون أيضاً مجى‏ء ابن الإنسان... وحينئذٍ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء وحينئذٍ تنوح جميع قبائل الأرض ويبصرون ابن الإنسان آتياً من السماء بقوة ومجد كثير... وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بها أحد ولا ملائكة السموات... لذلك كونوا أنتم مستعدين لأنه في ساعة لا تظنون يأتي ابن الإنسان".

5- في إنجيل مرقس الإصحاح 13 الآية 24 يقول:
"عندما ترون ابن الإنسان آتياً بقوة وجلال... وتحيط به الملائكة من الجهات الأربع من أقصى الأرض إلى تخوم السماء... ولكن ذلك اليوم وتلك السعة لا يعلمها غير الأب، لا الملائكة في السماء ولا الابن أيضاً، إذا احذروا واستيقظوا وادعوا لأنكم لا تعلمون ذلك..

6- وفي إنجيل لوقا الإصحاح 12 الآية 40 يقول:
"فكونوا أنتم إذاً مستعدين لأنه في ساعة لا تظنون من يأتي ابن الإنسان".

7- وفي الكتاب نفسه الإصحاح 21، الآية 11 يقول:
"وتكون زلازل عظيمة في أماكن ومجاعات وأوبئة وتكون مخاوف وعلامات عظيمة من السماء... وتكون أورشليم مدوسة من الأمم حتى تكتمل أزمنة الأمم. وتكون علامات في الشمس والقمر والنجوم. وعلى الأرض كرب أمم بحيرة. البحر والأمواج تضج. والناس يُغشى عليهم من خوف وانتظار ما يأتي على المسكونة لأن قوات السموات تتزعزع. وحينئذ يبصرون ابن الإنسان آتياً في سحابة بقوة ومجد كثير".

8- وفي زبور داود من الكتاب المقدس- المزمور 37- يقول:
"وينقطع الأشرار وأما المنتظرين لله فإنهم يرثون الأرض و....".

9- وفي الكتاب نفسه- المزمور- 27:
"حتى يحكم عبادك والفقراء إليك بالعدالة والإنصاف" وأيضاً "ويحكم المستضعفون وينجو المسكين وينكسر الظالمون" وأيضاً (حتى يبعد الخوف مثل بعد الشمس والقمر).

10- وجاء في كتاب دانيال من الكتاب المقدس الإصحاح 7:
"يأتي ابن الإنسان مع غيوم السماء وتُعطى له السلطة والجلال والملكوت حتى يخدمه جميع الأقوام والشعوب والأمم".

وخلاصة الآيات المذكورة- بالإضافة إلى كثير غيرها- حول خصائص المخلص هي كالتالي:
1- يأتي شخص باسم "شيلويو أو روح الحقيقة" أو "المسلّي" أو "روح الله" أو "ابن الإنسان" لإصلاح المجتمع البشري وتشكيل الحكومة العالمية والمسيحيون جميعاً بانتظاره.
2-قبل مجي‏ء هذا الشخص تحدث حرب عالمية مدمرة- خاصة في منطقة فلسطين- وتحدث ويلات كبرى لم يشهد العالم مثيلاً لها. وتخضع لحكمه وسلطانه ويكون رئيس العالم.
4- في الوقت الذي يعيش مع الناس، إلا أن الناس لا يرونه وإذا رأوه لا يعرفونه. لكن الأولياء والأبرار والأشخاص الذين هذبوا نفوسهم وصاروا لائقين لرؤيته فإنهم يرونه ويعرفونه وهو دائماً معهم- (راجع إنجيل يوحنا الإصحاح 14).
5- قبل مجيئه إلى الدنيا تُملأ الأرض ظلماً وجوراً ويسيطر الطواغيت والظالمون على العالم.
6- يحكم بين الناس بالعدل. ويمحو الظلم والجور عن وجه الأرض حتى لا يُظلم أحداً أبداً ولا يبقي أثراً للظالمين والمعتدين.
7- مؤيد بروح الله تعالى ولا يعمل أي عمل إلا رضا لله وهو العبد الحقيقي لله تعالى. ولا يتكلم من عنده ولا ينطق عن هوى نفسه بل كل ما يقوله من الله وأنبيائه.
8- عندما يأتي يهدي البشر هداية تامة ويطلعهم على جميع الحقائق ويزداد العلم وينشر. ويُوقر العلماء والحكماء ويشع نورهم في تبليغ دين الحق والعدل مثل النجوم. وأهم من ذلك كله يهتدي الناس إلى معرفة الله حق المعرفة. (زبور داود المزمور 96 وإنجيل يوحنا الإصحاح 16).
9- يخبر الناس بأمور المستقبل لأنه محيط، بجميع علوم الأولين والآخرين ومطلع على علم الغيب.
10- يحكم بالأحكام الواقعية ولا يعمل بالتقية وخصوصاً في انتصاره للمظلومين. (كتاب أشعيا الإصحاح 11).
11- يعظِّم عيسى عليه السلام ويوقروه وينفي عنه اتهامات الأعداء أو الأصدقاء الجهلة. ويشهد بنبوة عيسى عليه السلام. ولكون عيسى عليه السلام معه يشهد المسيحيون بأحقيته قبل الآخرين (إنجيل يوحنا- الإصحاح 16).
12- يجب أن يكون الجميع مستعدين لظهوره لأن ذلك غير معين. فلا أحد يعلم ذلك حتى ملائكة السماء ولا عيسى عليه السلام، الله تعالى وحده يعلم بذلك.
13- الكثير ممن ماتوا ودفنوا يستيقظون من موتهم ويعودون إلى الدنيا ويُعبّر عن ذلك بالرجعة (إنجيل متى- الإصحاح 24- الآية 27).
14- وظيفة الناس في زمان غيبته أن يكثروا من الدعاء لظهوره وأن يكونوا مستعدين لذلك لأنهم لا يعلمون متى يكون ذلك.
15- يوجد علامات لظهوره. وفي ذلك الزمان تظهر علامة ابن الإنسان في السماء.
كان هذا خلاصة ما ورد في الكتاب المقدس وخصوصاً الإنجيل في حق مخلص المجتمع البشري ومؤسس الحكومة العالمية الواحدة ومودّد دعائم العدل في الأرض.

* ما ورد في الإسلام في هذا الخصوص:
بداية ينبغي أن نعلم أن الإسلام يعتبر إقامة الحكومة العالمية الواحدة وإقرار العدالة الاجتماعية وإلغاء كل أنواع التمييز من أهم الأهداف الكبرى لبعثته الأنبياء العظام عليهم السلام. وفي أي زمان يجتمع فيه الناس حول هذه الحكومة، فقد وعدهم الله تعالى بالعون والتأييد والتوفيق لكي يسود العدل في الدنيا.
والإسلام يصرح بأن هذا الوعد الإلهي لا بد أن يتحقق يوماً وقد وعد القرآن الكريم في موارد ثلاثة بظهور دين الحق والقوانين الإلهية على جميع الأديان والقوانين الأرخى وبغلبة الحكومة الإلهية على سائر الطواغيت.

ويُذكر في الدين الإسلامي المفدى خصائص متعددة لمنجي عالم البشرية ومؤسس حكومة العدل الإلهية في كل أنحاء العالم، سوف نذكر منها ما يتوافق بوضوح مع تلك المذكورة في الكتاب المقدس عند المسيحيين.
1- تذكر الكثير من الآيات والروايات الإسلامية أن شخصاً في آخر الزمان يدعى "المهدي" أو "القائم" أو "بقية الله" أو "نور الله" أو "الحجة الغائب" أو "إمام العصر" أو "صاحب الزمان" أو "خليفة الله" أو... إلخ، يظهر لإصلاح المجتمع البشري وتشكيل الحكومة العالمية الواحدة فيملأها قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.

2- تبسط له أمم الأرض يد الطاعة والتسليم وتذعن لأوامره وتقبل به قائداً وإماماً لعالم البشرية أجمع. يقول الله تعالى في القرآن الكريم:﴿وله أسلم من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً. فعن الصادق عليه السلام في تفسير الآية الشريفة أنه قال: إذا قام القائم عليه السلام لا يبقى أرض إلا ودي فيها بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

3- لا يأذن الله له بالخروج حتى تستيقظ المجتمعات البشرية من غفلتها وتتوجه إلى وجوب إقامة الحكومة العالمية الواحدة وتعد عدّتها لذلك. ويعبر عن ذلك باكتمال الشروط وعدد الأنصار. فحكومة العدل لا تقوم إلا على أيدي الناس وهذا من المعتقدات المسلّم بها عند المسلمين.

4- من أسمائه "الإمام الغائب" أو "الحجة الغائب" أي أنه يعيش بين الناس ولكن الناس لا يعرفونه. ورد في وصف المتقي قبل الظهور في القرآن الكريم ﴿الذين يؤمنون بالغيب يقول الإمام الصادق عليه السلام: "المتقون شيعة علي عليه السلام، والغيب فهو الحجة الغائب". وفي دعاء الندبة: "بنفس أنت من مغيب لم يخلُ منا"، وعنه عليه السلام أيضاً: تفقد الناس إمامهم. يشهد المواسم ويراهم ولا يرونه.

5- أنصار المهدي عليه السلام الذين يبلغ عددهم 313 شخصاً بعد رجال بدر وبعض المؤهلين لرؤيته واللائقين لمشاهدته الذين هذبوب نفوسهم وطهروا من التكبر والغرور وغيرها من المفاسد الأخلاقية يرونه ويعرفونه ويقضون أكثر أوقاتهم معه. وأينما يكونوا فإن الله يجمعهم عند ظهوره. ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "الفقداء قوم يفقدون من قرشهم فيصبحون بمكة وهو قول الله عزّ وجل:﴿أينما تكونوا يأت بكم الله جميعاً وهم أصحاب القائم عليه السلام.
وعنه عليه السلام في الآية ذاتها: يعني أصحاب القائم الثلاثمائية يجتمعون في ساعة واحدة كقزع الخريف (المقصود من الأمة المعدودة قوله تعالى أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة).

6- قبل ظهور المهدي تُملأ الأرض ظلماً وجوراً وتتسلّط الطواغيت على الأموال العامة ويحدث انحراف هائل في الحياة الروحية والمعنوية والفكرية للناس ويصاب المجتمع البشري بالبؤس والشقاء ثم يظهر فيملأها قسطاً عدلاً وينشر الخير والبركة. فقد جاء في أحاديث كثيرة: يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما مُلئت ظلماً وجوراً.

7- في ذلك الزمان يكون الظلم والباطل زاهقاً مدحوراً. فقد ورد عن الصادق عليه السلام في تفسير الآية: ﴿جاء الحق وزهق الباطل أنه قال عند ظهور القائم تزول كل دولة للباطل وتندحر. وفي تفسير الآية ﴿وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله أن الباقر عليه السلام قال: لم يجي‏ء تأويل هذه الآية فإذا جاء تأويلها يقتل المشركون حتى يوحدوا الله عز وجل وحتى لا يكون شرك وذلك في قيام قائمنا.

8- أنه مؤيد بروح الله (أو الروح القدس) وهو معصوم عن الخطأ. ولأنه العبد الحقيقي لله عز وجل فهو لا ينطق ولا يعمل بهوى النفس. والآية الشريفة ﴿لا ينطق عن الهوى تشمل جميع المعصومين.

9- عندما يظهر تهتدي الناس إلى جميع الحقائق وتظهر كل العلوم وتنشر المعارف المختلفة وتشرق الأرض بالنور الإلهي والعلم الرباني. ورد عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام في تفسير الآية: ﴿وأشرقت الأرض بنور ربها أنه قال: "... عندما يظهر تشرق الأرض بنور ربها".

10- عندما يظهر تعود البركة للأرض وتخرج خيراتها. قال تعالى: ﴿واعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها. فعن الباقر عليه السلام قال: يحييها الله بالقائم عليه السلام فيعدل فيها فيحيي الأرض بالعدل بعد موتها بالظلم.

11- من أسمائه أنه حضن الأولياء كما ورد في دعاء الندبة. فعند قيامه يصبح الأولياء والعلماء والحكماء مكرمين ومعززين بعد تعرضهم لطول اضطهاد واستضعاف قبل الظهور. يقول تعالى: ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً.

12- ينشر المهدي عليه السلام معرفة الله وحبه بين الناس وتتوجه الناس إلى العبادة الحقيقية لله. فعن الإمام الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالى: ﴿فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه.

13- لا شك أن المهدي عليه السلام ممن عندهم علم الغيب وأنه مقصود بالآية الشريفة ﴿وكل شي‏ء أحصيناه في إمام مبين.

14- إن المهدي عليه السلام هو أكثر الناس خوفاً من الله لأنه أعرفهم بالله. والله تعالى يقول: ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء.

15- من المسلَّم به أن المهدي عليه السلام لا يعمل بالتقية إطلاقاً بل يحكم بالأحكام الواقعية ولا يمكن أن يخدعه أحد لأن الله تعالى يقول: ﴿يعبدونني لا يشركون بي شيئاً.

16- ينزل عيسى عليه السلام من السماء ويصلي خلف المهدي عليه السلام. وعندما يرى المسيحيون أن عيسى عليه السلام معه فإنهم يكونون أول من يؤمن به. فعن الإمام الباقر عليه السلام في تفسير الآية: ﴿وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته أنه قال: إن عيسى ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا فلا يبقى أهل ملة يهودي ولا نصراني ولا غيره إلا آمن به قبل موته ويصلي خلف المهدي.

17- المهدي عليه السلام ولي المقتولين ظلماً وهو الطالب بدمهم من الظالمين والقتلة والطواغيت المجرمين. يقول تعالى: ﴿ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فعن الصادق عليه السلام: ذلك قائم آل محمد.

18- يفتح الله على يديه مشارق الأرض ومغاربها. وقد ورد في هذا المعنى أحاديث كثيرة. فعن الباقر عليه السلام في تفسير الآية: ﴿الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة... أنه قال: نزلت في المهدي وأصحابه، يملّكهم الله مشارق الأرض ومغاربها، ويظهر الله بهم الدين حتى لا يُرى أثر من الظلم والبدع. وعنه عليه السلام أن القائم عليه السلام هو المقصود بالآية: ﴿ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون، حيث ورد عنه: هم أصحاب المهدي عليه السلام في آخر الزمان.
وكذلك ورد أن الآية ﴿الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نزلت في حقه.

19- يجب أن يكون جميع الناس مستعدين لظهوره ومنتظرين لقيامه، لأن وقت الظهور غير محدد ولا يعلمه إلا الله. فعن الصادق عليه السلام في تفسير الآية ﴿أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً أن المقصود من الأمر الإلهي ظهور القائم عليه السلام ويكون ذلك بالسيف فجأة:
وعنه عليه السلام أيضاً أن القائم عليه السلام و الغيب المذكور في الآية الشريفة: ﴿فقل إنما الغيب لله فانظروا إني معكم من المنتظرين.

20- تأتي صحية من السماء يسمعها كل الناس وتعلن عن خروج المهدي. فعن الصادق عليه السلام في تفسير الآية ﴿يوم يسمعون الصحية بالحق ذلك يوم الخروج قال: المنادي ينادي باسم القائم واسم أبيه عليهما السلام. وعنه عليه السلام أن جبرائيل ينادي بصيحة عالية من السماء يسمعها كل الخلائق ﴿أتى أمر الله فلا تستعجلوه.

21- على المسلمين أن يكثروا من الدعاء في زمان غيبة المهدي عليه السلام للتعجيل في ظهوره ففي ذلك الفرج للعالم أجمع وللمؤمنين خاصة. ورد عن الإمام عليه السلام: "وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإن في ذلك فرجكم".
وتذكر المصادر الإسلامية علامات كثيرة لظهوره عليه السلام يفرض عن ذكرها حذراً من الإطالة والإطناب، كما وتعتبر مسألة الرجعة قبل يوم القيامة وبعد ظهور المهدي من الضروريات عند الشيعة الإمامية.

كان هذا أكثر ما يُتوافق عليه في الإسلام والمسيحية بشكل دقيق حول خصائص الإمام المهدي عليه السلام. ونأمل أن تسنح لنا فرصة أخرى لشرح معتقدات الأديان المختلفة حول هذا الإمام العظيم. عجّل الله تعالى فرجه الشريف وجعلنا من أنصاره وأعوانه... آمين.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع

وعد الاخرة

محمد خضر

2015-06-08 10:03:26

اخيرا تحقق الوعد اندكت الاندلس الشام ظهرت تل ابيب احتلال القدس الخوارق العلمية المسيح قربيا