مع الإمام الخامنئي | كلّنا مَدينون للنبيّ الأعظم* نور روح الله| هكذا كانت حياة الرسول* مع إمام زماننا | حين تزفّ السماء نبأ الظهور (2): في مكّة السيّد محسن شهيداً على طريق القدس مقاومتُنا بعينِ الله صُنعت حاجّ محسن! إلى اللقاء عند كلّ انتصار* أبو طالب: قائدٌ في الميدان والأخلاق المقاومة الإسلاميّة: ثقافتنا عين قوّتنا الشهيد على طريق القدس بلال عبد الله أيّوب تسابيح جراح | جراحاتي لا تثنيني عن العمل

لقاء صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

حكى الحاج علي البغدادي أيّده الله قائلاً: تراكم في ذمّتي من سهم الإمام عليه السلام من الخمس مبلغ ثمانين توماناً، فرحلت إلى النجف الأشرف ودفعت منها إلى علم الهدى والتقى حضرة الشيخ مرتضى أعلى الله مقامه عشرين توماناً، وإلى حضرة الشيخ محمد حسين المجتهد الكاظمي عشرين توماناً، وإلى حضرة الشيخ محمد الشروقي عشرين توماناً، ولم يبق عليّ سوى عشرين توماناً كنت أروم أن أقدمها إذا قفلت من النجف إلى الشيخ محمّد حسن آل يس الكاظمي أيّده الله.

فتوجّهت إلى الكاظمية، وكان اليوم يوم الخميس، فزرت الإمامين الهمامين الكاظمين عليهما السلام ثم وافيت حضرة الشيخ سلّمه الله فنقدته شطراً من العشرين توماناً ووعدته بأن أؤدّي الباقي ثم أزمعت على مغادرة الكاظيمة ورفضت ما ألح فيه حضرة الشيخ من البقاء معتذراً بأنّ عليَّ أن أوفي بعض الأعمال في طريقي إلى بغداد لما قاربت ثلث الطريق إذا أنا بسيّد جليل من السادة يعرّج عليّ في طريقه إلى الكاظمية، فدنا منّي وسّلم عليّ وبسط يده للمصافحة والمعانقة ورحب بي قائلاً أهلاً وسهلاً وضمّني إلى صدره وتلاثمنا، وكان قد تعمّم بعمامة خضراء زاهرة وفي وجهه الشريف شامة كبيرة سوداء. فتوقف وقال: على خير أيها الحاج عليّ أين المقصد؟ فأجبته: قد زرت الكاظمين عليهما السلام وأنا الآن ماضٍ إلى بغداد، فقال لي: عُدْ إلى الكاظمين عليهما السلام فهذه ليلة الجمعة. قلت: لا يسعني العود، فأجاب: ذلك في وسعك، عد كي أشهد لك بأنّك من الموالين لجدي أمير المؤمنين ولنا، ويشهد لك الشيخ أيضاً فقد قال تعالى ﴿واستشهدوا شهيدين. وكان هذا تلميحاً إلى ما كنت أتوخّاه من التماس الشيخ أن يمنحني رقعة أجعلها في كفني يشهد لي فيها بأني من الموالين لأهل البيت عليهم السلام. فسألته: من أين عرفتني وكيف تشهد لي؟ فأجاب: وكيف لا يعرف المرء من وافاه حقّه؟ قلت: وأيّ حق هذا الذي تعنيه؟ فأجاب: هو وكيلي، فقلت في نفسي: ما كنت أعرف صاحبي هذا ولكنه كان قد دعاني باسمي فاحتملت أن تكون بيننا معرفة سابقة، وقلت أيضاً أنّه يطالبني بشي‏ء من الخمس ووددت أن أبذل له من سهم الإمام عليه السلام فقلت: يا أيّها السيّد إنّه قد بقي في ذمّتي من حقّكم شي‏ء (أي حق السادة) وقد راجعت في ذلك حضرة الشيخ محمد حسن كي أؤديه إليكم بإذنه فتبسّم في وجهي قائلاً: نعم، قد أديت شطراً من حقّنا إلى وكلائنا في النجف الأشرف.

فقلت: هل قبل ما أدّيته؟ قال: نعم. ثم انتبهت إلى أن صاحبي هذا يعبر عن أعاظم العلماء بكلمة وكلائي فاستكبرت ذلك ثم قلت في نفسي العلماء وكلاء السادة في قبض حقوقهم، ثم اعترضتني الغفلة. ثم قال لي: عد إلى زيارة جدّي، فطاوعته وعدت معه وكنت قابضاً على يده اليمنى بيدي اليسرى، فلما استأنفنا المسير وجدت نهراً إلى جانبنا الأيمن يجري بماء زلال ووجدت أشجار الليمون والنارنج والعنب والرمان وغيرها تظللنا من فوق رؤوسنا وكلها مثمرة معاً في غير مواسمها فسألته عن النهر والأشجار فقال إنّها تصاحب كل موال من موالينا إذا زار جدّنا وزارنا فقلت له: مسألة أريد سؤالها. قال: سل: قلت: إنّ الشيخ عبد الرزّاق رحمه الله كان ممّن يزاول التدريس وقد وافيته يوماً فسمعته يقول: من دأب في حياته على صيام النهار وقيام الليل وحجّ أربعين حجّة واعتمر أربعين عمرة ثم وافته المنون وهو بين الصفا والمروة ولم يكن هو من الموالين لأمير المؤمنين عليه السلام ما كان له شي‏ء من الأجر. فأجاب: نعم والله وما كان له شي‏ء.

ثم قلت: سيّدنا مسألة؟ قال: سل: قلت له: يقول خطباء مآتم الحسين عليه السلام أنّ سليمان الأعمش أتى رجلاً يسأله عن زيارة سيّد الشهداء عليه السلام فأجابه الرجل أنها بدعة، ثم رأى في المنام هودجاً بين السماء والأرض فسأل عن الهودج فأجيب بأن فيه فاطمة الزهراء وخديجة الكبرى عليهما السلام، فسأل أين تذهبان فأجيب إلى زيارة الحسين عليه السلام في هذه الليلة وهي ليلة الجمعة، وشاهد رقعاً تتساقط إلى الأرض من ذلك الهودج كتب فيها: أمان منِ النَّار لِزوَّارِ الحُسَيْن عليه السلام في لَيْلَة الجُمْعَةِ أمانٌ مِنَ النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ، فهل صحيح هذا الحديث؟ قال: نعم تامّ صحيح. قلت: سيدنا أصحيح ما يقال من أنّ من زار الحسين عليه السلام ليلة الجمعة كان آمناً؟ قال: نعم ودمعت عيناه وبكى.

ثم بلغنا متسعاً من الطريق يواجه مدينة الكاظمين عليه السلام محاطاً بالبساتين من الجانبين وكان شطر من هذه الجادة يقع على يمين القادم من بغداد ملكاً لبعض الأيتام من السادة وقد اغتصبته الحكومة فجعلته جزءاً من الطريق العام. وكان الورع التقي من أهالي بغداد والكاظمية يحذر المسير في هذا الشطر من الجادة. فرأيت صاحبي هذا لا يأبى من المشي عليه فقلت له: سيّدي هذا موضع ملك لبعض الأيتام من السادة ولا ينبغي التصرّف فيه. فأجاب: هو لجدّي أمير المؤمنين عليه السلام وذرّيته وأولادنا ويحلّ التصرّف فيه لموالينا.
ثم بلغنا ساقية مدّت من نهر دجلة لريّ المزارع والبساتين وهي تقاطع الجادة فيتشعب هناك المسلك إلى المدينة شعبتين هما الشارع السلطاني وشارع السادة. توجه صاحبي إلى شارع السادة فدعوته إلى الشارع السلطاني لكنه رفض وقال لنسر في شارعنا هذا. فما خطونا خطوات إلا ووجدنا أنفسنا في الصحن المقدّس عند منزع الأحذية من دون أن نمر بسوق أو زقاق.

دخلنا الإيوان من جانب باب المراد شرقاً فلم يمكث صاحبي للإستئذان لدخول الرواق الطاهر وورد من دون الاستئذان، ثم وقف على باب الحرم الشريف وخاطبني قائلاً: زر. قلت: إنِّي لا أعرف القراءة، قال: فأقرأ لك الزيارة؟ قلت: نعم. فقال: أأدْخُلُ يا الله، السَّلامُ عَلَيْكَ يا رسولَ الله السَّلامُ عليكَ يا أَمِيرَ الُمؤْمِنينَ، وسلم على الأئمة واحداً فواحداً حتى بلغ الإمام العسكري عليه السلام فقال: السَّلامُ علَيْكَ يا أبَا مُحَمَّدٍ الحَسَنَ العَسْكَريّ، ثم خاطبني قائلاً: أتعرف إمام عصرك، أجبت، وكيف لا أعرفه، قال: فسلّم عليه. فقلت: السَّلامُ علَيْكَ يا حُجَّةَ الله يا صاحِبَ الزَّمان يا بْنَ الحَسَنِ، فتبسَّم وقال: عَلَيْكَ السَّلامُ ورحْمَةُ الله وبَرَكَاتُهُ. فدخلنا الحرم الطاهر وانكببنا على الضريح المقدّس وقبلناه ثم قال لي زر قلت: لا أعرف القراءة. قال: فأقرأ لك الزيارة؟ قلت: نعم، قال: في أيّ الزيارات ترغب قلت: إقرأ عليَّ ما هو أفضل الزيارات. فقال: زيارة أمين الله هي الفضلى، ثم أخذ يزور بها قائلاً: السَّلامُ عَلَيْكُما يا أمِينَي الله في أرضِهِ وحُجَّتيه على عبادِهِ إلخ. وأججت حينئذٍ مصابيح الحرم الشريف فشاهدت الشموع لا تؤثر ضياءً في تلك البقعة الشريفة، فكأنّها أجّجت في وضح النهار، هذا وأنا ذاهل عن هذه الآيات فلم أنتبه إليها. ولمَّا انتهى من الزيارة دار إلى خلف القبر الشريف فوقف في الجانب الشرقي وقال: هل تزور جدّي الحسين عليه السلام؟ قلت: نعم أزوره عليه السلام فهذه ليلة الجمعة، فزاره عليه السلام بزيارة وارث. وانتهى المؤذن حيئنذٍ من آذان المغرب فقال لي صاحبي: صلّ والتحق بالجماعة. ثم أتى المسجد الواقع خلف القبر الشريف وقد أقيمت هناك صلاة الجماعة ووقف هو منفرد إلى يمين الإمام محاذياً له أما أنا فوجدت مكاناً في الصفّ الأول، ووقفت هناك مصلّياً مع الجماعة، ولما فرغت من الصلاة لم أجد صاحبي.

فخرجت من المسجد فتشت عنه الحرم الشريف لكني لم أجده. وأنا في هذه الحالة وإذا بي أفيق من غفلتي وأنتبه فأشخص السيّد الذي صحبني. وتتوالى في خاطري الآيات والمعجزات التي مرّت بي منذ كنت في طريقي إلى بغداد فإذا بهذه الشواهد الواضحة وغيرها مما شاهدت تورث لي القطع واليقين بأنّه هو الإمام المهدي عليه السلام.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع