أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

الأبعاد الاستراتيحية للثورة الإسلامية اللاشرقية واللاغربية

 


من خصائص ومميزات الثورة الإسلامية الفريدة تحررها الفعلي والعملي عن قوتي العالم الحالي (القرن العشرين) المتمثلين بالغرب (الأمريكي) والشرق الشيوعي (السابق).
وقد بدأت باكراً فكرة عدم التبعية ورفض الموالاة والتأثر بقطبي النفوذ الاستكبار وذلك قبل الثورة بسنوات عديدة ما يدل على أصالة هذه الثابتة الاستراتيجية في ثورة الإمام والشعب الإيراني العظيم فكان شعار "لا شرقية ولا غربية جمهورية إسلامية" يُطلق في مسيرات الثورة الدامية والمواجهة لنظام عميل للغرب وشرطي الخليج الأمريكي.
وفيما يلي نحاول ملاحظة جوانب وخلفيات هذا البعد في الثورة والجمهورية الإسلامية.

* البعد العقائدي:
وهو الفكرة الجوهرية لدين التوحيد ورفض الطواغيت والمتألهين الذين يريدون استعباد البشرية، ووجوب السعي لإقامة مجتمع ونظام موحّد لرب العالمين، واعتبار الإنسان وبالتالي الشعوب مسؤولة أمام الله سبحانه عن حريتها وأعمالها وسيرها للتوحيد ملازم لنفي الشرك والطاغوت  ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾

* قراءة وفهم معطيات الزمان:
استطاعت الثورة الإسلامية المباركة بقائدها العظيم ورواها فهم العلاقات السياسية الحاكمة على الأحداث وتجار الثورات والنهضات الأخرى حيث كانت أغلبها (أو كلها في القرن الأخير) تتجاذب بين المنظومة الغربية الرأسمالية والشيوعية السوفياتية ما يجعل شعوبها بعد انتصار الثورة تابعة ورهينة لكل مصالح هذين القطبين الاستعماريين فكان مفهوم التبعية في المجالات الفكرية والاقتصادية والثقافية والاجتماعي.. إلخ والذي رسخ فكرة الدول المتخلفة والنامية التي يرتبط استقلالها الموهوم بمحور الشرق أو الغرب بدون أي اهتمام حقيقي بمصالح هذه الشعوب بل إلغاء شخصيتها وهويتها ومسخها كما حدث في دول العالم العربي والإسلامي ما زاد آلام وضياع هذه الشعوب، ونسلتهم من الخميني المقدس (سلام الله عليه) الوعي المبكر والنظرة الإلهية الثاقبة حيث يقول في موارد الاستقلال وعدم التبعية وفكرة التحرر:

1- التبعية: الهوية:
"ما دامت أيدينا ممدودة نحو الشرق والغرب فنحن تابعون، فإذا أردنا أن نكون مستقلين غير تابعين لأحد وجب علينا أولاً: أن ندرك أن لنا شخصيتنا وأننا نستطيع أن نفعل شيئاً".

2- الثقة بالشعب ودوره:
"لقد اقترن اسم الشعب الإيراني العظيم بالوعي السياسي في العالم، حيث تمكن من الانتصار على أقوى الأعداء وقطع أيدي المستكبرين وأعداء البشرية".

3- العامل الفكري هو الأساس:
"إذا تمكنا من إنهاء التبعية الفكرية- والتي هي منشأ أغلب المصائب- فإننا سننهي سائر أنواع التبعية".

4- حقيقة المعركة:
"إن النزاع القائم اليوم ليس بيننا وبين أمريكا، أنه مواجهة بين الإسلام والكفر".

5- الفرق بين التطور والتبعية:
"إننا نقبل بالتقدم الحاصل بالغرب، لكننا نرفض فساده الذي يئن الغربيون أنفسهم منه.. والتربية التي سلخت الإنسان عن إنسانيته".
وهذه بعض المفاهيم الممزوجة بأقوال فقيه الثورة ومؤسس الدولة المباركة حيث التزمت الجمهورية الإسلامي بعد انتصارها بهذه الحدود الاستراتيجية ما جعل قوى الاستكبار الشرقي والغربي يتعاونان ولأول مرة (حسب الظاهر) في القضاء على الثورة عبر عميلها صدام الذي أشعل لمدة ثمانية سنوات حرباً شرسة وغادرة لمحاولة القضاء على الثورة أو حرفها للاستعانة والتذلل والتبعية نحو قطبي الاستعمار.. ولكن "هيهات أن تخضع أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم التي ارتوت من كوثر عاشوراء".
فكان الصمود والمواجهة الشاملة للشعب المسلم والقوى المسلحة المجاهدة في سبيل الاستقلال ورفض هيمنة القوى العظمى والشيطانية، فانقلب السحر على الساحر، وكانت بركات الحرب المفروضة أن ساهمت ورسخت مبدأ اللاشرقية واللاغربية أكثر في سياسة ووعي الثورة والجمهورية وقطع الارتباط نهائياً في شتى المجالات.

ولنستمع إلى الإمام المقدس: "لقد قاتلنا أداءً للتكليف.. ولم نندم لحظة واحدة، ففي الحرب وصلنا إلى الاعتماد على أنفسنا، وأثبتنا مظلوميتنا وظلم المعتدين.. في الحرب صدرنا ثورتنا العالم.. وما نتج من حصار اقتصادي وطرد الخبراء الأجانب كانت من الهبات الإلهية التي كنا غافلين عنها.. ورسخنا فيها جذور ثورتنا الإسلامية المعطاء".
وميزة الثورة أنها لم تُخدع بالفرق الظاهري بين المعسكر الشرقي والغربي فكلاهما وجهان لعملة واحدة تقوم على المادية والاستغلال وفرض القهر و الظلم. (يوضح العلامة الشهيد مطهري قدس سره): "أمريكا الرأسمالية وروسيا الشيوعية مثل شفرتي المقصّ، فحيث نراهما بالظاهر متخالفتين ولكنهما تتحركان في حركة محورية واحدة لقص نفس الشيء (والذي هو شعوبنا المستضعفة)".

وبعد الحرب وبعد ترسيخ المبدأ القوي للاستقلال ورفض التبعية وفي ظل القيادة الملهمة للإمام الخامنئي المفدى فإن (اللاشرقية واللاغربية) أصبحتا من أبده البديهيات وأوضح المسلمات في السياسة الخارجية للثورة وكذلك في مبدأ الاكتفاء الذاتي الداخلي والاعتماد على قوى الشعب المبدع والمنتج في شتى المجالات بدءاً من الفكر والثقافة والهوية الأصلية إلى الاكتفاء الاقتصادي والعسكري... إلخ وقد دفعت هذه العزة الإسلامية الشيطان الأكبر الأميريكي إلى محاولة الإضعاف والحصار والإرباك بشتى المجالات بعد أن يئس من إسقاط النظام الشعبي الإسلامي فحاول الحصار الاقتصادي الفاشل "قانون داماتو" حيث اعترف الأميريكي أخيراً بفشله وبنجاح السياسة الإيرانية بالاعتماد على الذات وكذلك في فتح أسواق وعلاقات محترمة بينها وبين دول أخرى لا تقوم على التبعية والإذلال ما زاد في النظرة المحترمة والقوية للجمهورية الإسلامية وجعلها نموذجاً يحتذى به عند الشعوب والحكومات في الثقة بالنفس والإيمان بالتسديد الإلهي وعلى سبيل المثال نرى في نجاح المؤتمر الإسلامي الأخير بطهران مؤشرات كبيرة على الدور الإيراني الاستراتيجي والعلاقات مع دول عربية وإسلامية كانت تدور في الفلك الأمريكي وتم تعطيل عمليات الاستسلام والمفاوضات مع الإدارة الصهيونية وكذلك الرفض المتزايد للوجود الأمريكي الغازي في الخليج حيث تطرح إيران بقوة شعار "أمن الخليج بيد أبنائه".

ونختم هذه الكلمات بما يلخص فكرة البحث من كلام الإمام الخامنئي دام ظله الوارف حيث يقول عن الإمام والثورة والمستقبل الحر المستقل:
"استطاع الإمام (قدس سره) أن يرسي دعائم نظام سياسي في هذا البلد محل ذلك النظام البائد ويولي الشعب اهتماماً خاصاً، ويهتم بمصيره وخاصة الشباب، أعاد إلى الإنسان عزته وكرامته بعد أن كان يعاني من الهزيمة والانكسار أمام الغرباء، والأهم أنه حقق للشعب استقلاله السياسي والاقتصادي والثقافي بعد أن كان مرتبطاً بالأجنبي.

هذا الشعب، الآن، ليس بحاجة إلى تقليد الآخرين أو التبعية لهم، فهو صاحب ثقافة غنية وعريقة، وسننه الأصيلة، وهذا ما يجعله قادراً على رسم أطر حياة جميلة وسعيدة ومرفهة ومصحوبة بالعزة والكرامة".

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع