نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

الجبهة والجهاد الأكبر: عدم الإسراف والتبذير

الشيخ مظاهري


"الإسراف" و"التبذير" من الأمور التي يجب علي جميع المسلمين وبالأخص المجاهدين في جبهات الحق ضد الباطل أن يلتفتوا إليها جيداً. فقد أمرنا الله تعالى بالاعتدال في جميع شؤون الحياة.

ولقد أكّد القرآن الكريم وروايات أهل البيت صلى الله عليه وآله وسلم على هذا الأمر كثيراً: ﴿إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما. (الفرقان/67) فالاعتدال في المصرف والمعيشة من علامات المؤمن. وفي بيت شعري منسوب لأمير المؤمنين، يقول عليه السلام:

وقد دقّت ورقّت واسترقّت

 فضول العيش أعناق الرجال

فالشيء الذي يحطم الإنسان ويجعله أسيراً وعبداً لغيره هو عدم رعاية الاعتدال، والتبذير في المصرف.

* سبب انتصار المسلمين الأوائل
إذا دققنا النظر في حياة المسلمين الأوائل لوجدنا أن أحد أهم أسباب انتصاراتهم في المعارك هو اختيارهم لكفاف العيش والعدالة فيه. عندما أعطى الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم رسالة لدحية الكلبي ليوصلها إلى ملك الروم لم يأخذ دحية من الزاد شيئاً، وإنما كان غذاؤه الوحيد أثناء الطريق حليب ناقته التي سافر عليها، ولم يأخذ معه نقوداً أو ما شابه. وفي معركة مؤتة تحمّل المسلمون العطش الشديد واضطروا أن يشربوا من الماء الآسن. ومع ذلك كانوا يشكرون الله. لقد تحملوا المصاعب الشديدة، مما حدا بأحد المؤرخين، ويدعى جورجي زيدان أن يقول: إن من أهم أسباب انتصار المسلمين على الروم والفرس هو أن عساكر الأعداء كانوا مدللين".
فهل يقدر المدلل الذي ألف حياة الدعة والترف على تحمّل مصاعب الجبهة والجهاد؟!

* علائم حب الدنيا
يحذّر الإسلام أتباعه من الغوص في الدنيا وشهواتها. ومن أهم علامات حب الدنيا الأمور التالية:
1- الترف
العلامة الأولى على الغرق في مستنقع الدنيا هو الترف، وقد كان أستاذنا الإمام الخميني العظيم يسمي هذه الحالة "بحياة القصور". ومن المعلوم أن هذه الحياة من أهم عوامل السقوط في الدنيا والعذاب في الآخرة. ويبيّن القرآن الكريم أن أغلب الذين كانوا يقفون بوجه الأنبياء ويكذّبونهم هم المترفين. فعندما نراجع تواريخ الأنبياء عليهم السلام نجد أنه في حياة كل نبي كان المترفون هم أول من يعترض عليه لأن أكثر أتباعه من المستضعفين. وكانوا يطلبون منه أن يطردهم من حوله لكي يستمعوا إليه. ويقول الله تعالى في سورة سبأ: ﴿وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنَّا بما أرسلتم به كافرون. من هنا، فإن هذه الحالة من الترف تؤدي بالإنسان إلى الغرور والتكبّر وتكذيب الأنبياء. ﴿إن الإنسان ليطغى أن رءاه استغنى. (العلق/6) فعندما يشعر الإنسان بالاستغناء، شيئاً فشيئاً يبدأ بالطغيان والعصيان. ينبغي أن نواظب على مراقبة أنفسنا لئلا نخرج عن حالة الافتقار إلى الله. والأمة التي تعيش حالة العبثية والبطالة مهزومة لا محالة. ﴿وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمّرناها تدميراً. (الإسراء/16)

وفي حرب الأيام الستة، كان الإسرائيليون يعملون بمختلف فئاتهم بجديَّة تامة، أما الضباط المصريون فكانوا مشغولين بأكل البوظة (وسماع أم كلثوم في معسكراتهم). من البديهي أن الهزيمة هي مصير هؤلاء الكسالى الذين كانوا يعيشون حالة الترف ولعب القمار في الأماكن العسكرية. يقول الله تعالى: ﴿وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال * في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم إنهم كانوا قبل ذلك مترفين وكانوا يصرّون على الحنث العظيم. فهذا هو مصير أصحاب الشمال الذين كانوا يعيشون حالة الترف في الدنيا.

2- الإسراف والتبذير
من العلامات الأخرى على حب الدنيا وشهواتها حالة الإسراف والتبذير.. يقول الله تعالى: ﴿إن المبذّرين كانوا إخوان الشياطين. والإسراف هو الزيادة في الشيء، والخروج عن الحاجة والشأن. والتبذير هو إتلاف الشيء الذي نحتاجه، كما يحدث عندما نرمي الطعام، ونضيّع الأموال من خلال صرفها في الأمور الكمالية. وعلى المجاهد أن يلتفت إلى أن إطلاق النار بدون حاجة أو ضرورة فيه إشكال. وكما قال أحد العلماء الكبار، إن رمي الزائد من الماء فيه إشكال.

* النظافة ليست إسرافاً
عندما تكونون بين الناس يجب أن تنظفوا أنفسكم وتعتنوا بمظهركم الخارجي. فلا تؤذوا الآخرين برائحة العرق المتصبب من أجسادكم، وارتدوا دائماً الملابس النظيفة، ولتكن أحذيتكم نظيفة أيضاً، وكلوا الأطعمة المتنوعة، فهذه الأمور ليست إسرافاً. يجب رعاية هذه الأمور حتى في الأماكن العسكرية. لقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يولي أهمية فائقة للنظافة، وكان إذا خرج من بيته يلتفت إلى نظافة ثوبه، وينظر في المرأة ويقول: "رحم الله من جبّ الغيبة عن نفسه". وكان صلى الله عليه وآله وسلم يتعطّر باستمرار ويتطيّب. هذا، رغم بساطة عيشه وعدم تكلّفه.

3- التعلق بالمباحات
العلامة الثالثة على حبّ الدنيا هي التعلّق بالمباحات. أي أن يكون الإنسان متعلّقاً بالمال والبطن والراحة والغريزة الجنسية و... الذي يحبّ التدخين هو من هذا القبيل أيضاً. بعض الآباء يشتكون من أبنائهم لأنهم يدخنون رغم ذهابهم إلى الجبهات. والتدخين يضرّ بصحة الجسم، واقتصاد الدولة والمجتمع. فالتدخين يدلّ على الغوص في المباحات. وهذا ما يمنعكم من أداء المستحبات. وبالطبع، فإن التدخين اليوم له حكم ثانوي، فحيث يكون سبباً لسوء الظن بالثورة أو المجاهدين فيه إشكال.

* وصية المرحوم الملا حسينقلي الهمداني
كان هذا العارف والفقيه العظيم يوصى طلابه قائلاً:
"الحذر الحذر من كثرة الطعام، وكثرة الكلام، وكثرة المجالسة مع الأنام، وعليك وعليك وعليك بذكر الله في كل حال". إن كثرة الكلام تؤدي إلى قساوة القلب مثلما الإكثار من الطعام والاستراحة. وقد جاء في الروايات الشريفة أن كثرة الكلام واللغة تؤدي إلى ضغطة القبر. وفي الحديث أن رسول الله كان يدفن فتى مسلماً مات، فجاءت أمه وهي تقول: بني لن أبكي عليك، لأن رسول الله قد أوراك الثرى! فلمَّا ذهبت الأم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إني لأسمع تحطّم عظامه من ضغطة القبر.. لقد كان فتى جيداً ومجاهداً ولكنه كان كثير الكلام.

إخوتي الأعزاء، لا تشتركوا في مجالس اللغو التي لا فائدة منها، ولا تنظروا هنا وهناك، لأن هدا يؤدي إلى الهوى وله عواقب وخيمة..

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع