أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

حكمة الأمير: بالعمل نرجو الآخرة


الشيخ علي ذو علم


عن أمير المؤمنين عليه السلام: "لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير العمل ويرجو التّوبة بطول الأمل"(1). يعتقد جميع أصحاب الديانات السماويّة بوجود عالم الآخرة. وهذا ليس مختصاً بالمسلمين فقط، بل إنَّ أتباع الأديان الإلهيَّة يعتقدون بعالم ما بعد الموت ويوم القيامة، لا بل يجعلون هذا الأمر من الأركان الأساسيَّة لمعتقداتهم. وتشترك الأديان الإلهية في الاعتقاد بالتوحيد والمعاد والنبوَّة، حيث يؤكِّدون على أهميّة هذه الأركان الثلاثة. والسؤال المطروح هنا ما هو تأثير الاعتقاد بالقيامة والآخرة في حياة المعتقدين بهما؟ وإلى أيِّ حد يسعى المعتقدون بالآخرة في إعمار آخرتهم؟ هنا تبرز إحدى أهم مشكلاتنا: نريد الجنة ولكن من دون أن نهيئ لها بالعمل والسعي والمجاهدة، كلنا أمل بالحصول على السعادة الأخروية ولكن من دون أن نجهّز الزاد.

* أصحاب الجنّة
ممَّا لا شك فيه أنَّ الجنة لن تكون من نصيب الذين لا يعملون ولا يسعون. فللجنّة ثمن، وثمنها هو ما صرّحت به الآيات القرآنيّة الشّريفة. إنَّ أصحاب الإيمان الصحيح، والمجاهدين في سبيل اللَّه بأموالهم وأنفسهم، هؤلاء يحظون بجنة اللَّه ورضوانه. وهذه حقيقة موجودة ليس في القرآن وحسب وإنَّما في جميع الكتب السماوية. طبعاً يجب السعي والعمل لنيل الجنَّة والوصول إلى السعادة الأخرويّة. ولكن هذا العمل لن يكون خارج إمكانياتنا وقدراتنا الطبيعية. وهذا الأمر لا يتنافى مع السعي لأجل تحصيل المعاش وتأمين الحياة الدنيوية. ويمكن تهيئة الزاد اللازم للآخرة حتى في أعمالنا اليومية كالعمل والتحصيل والزواج وأمور الحياة و... إذا كانت مرفقة بالإحسان للآخرين، ومساعدة المحتاجين، والسعي لأجل حل مشكلاتهم، والاهتمام بالعبادة والتقوى وتقوية العلاقة باللَّه تعالى والانضمام إلى الولاية الإلهيَّة. عندما تتَّسم هذه الأعمال الدنيوية بالشكل الإلهي وتترافق مع التقوى تصبح محل حاجة في الآخرة. وطبعاً التقوى هي أفضل زاد للآخرة.

* العمل ضرورة لنيل السعادة الأخرويّة
للأسف الشديد هناك الكثير من الناس ممَّن يرجون الآخرة من دون أن يعملوا لها، ويحملون آمالاً من دون أن يفكِّروا بالرجوع إلى طريق اللَّه وإصلاح أنفسهم، وينسون واقع حالهم ومستقبلهم من خلال الانشغال بالآمال البعيدة، فإذا وصلوا إلى المطبَّات فكَّروا بالغد، ولكن الغد قد لا يصل وبالتالي لن تتحقَّق آمالهم على الإطلاق. من الضروري أن يعيش الإنسان حالة التطلّع إلى المستقبل، ولكن بشرط أن تكون آماله واقعية وليست خياليّة. المقصود من طول الأمل الآمال التي لا تتحقَّق، حيث قد يقضي الإنسان عمره من أجلها وفي النهاية لا يصل لأنَّه قد نسي آماله الواقعيَّة والحقيقيَّة بصرف جميع إمكاناته في الآمال البعيدة. نعم، السعادة الأبديَّة والجنَّة الموعودة والمستقبل المشع هي أمور لا تتحصَّل إلا من خلال العمل وليس من خلال الآمال الدنيوية التي تمنع الإنسان من العمل المفيد والتطلع إلى المستقبل اليقينيّ. لنفكِّر في هذه اللحظة وفي هذا اليوم بالعمل إذ قد نتأخَّر حتَّى يأتي اليوم الآخر أو اللحظة الأخرى.

* لا يجب أن نكون...
في هذه الأجواء يحذِّرنا إمام المتقين علي عليه السلام من أن نكون ممن يأمل بالسعادة الأخروية ولكن من دون أن نعمل لها، وأن نكون ممَّن يمتلك آمالاً بعيدة تنسينا إصلاح ذواتنا والعودة إلى طريق اللَّه والتدبر والعمل للمستقبل القريب. لا يجب أن نكون ممَّن يؤخِّر التوبة. لا يجب أن نكون ممَّن يتكلم عن الدنيا كلام زهد ولكننا من أشد الملتصقين بها. لا يجب أن نكون ممَّن يهرب من الموت لكثرة الذنوب والانحرافات العمليّة في الحياة. لا يجب أن نكون ممَّن يذكر اللَّه عند حلول المشكلات والبلايا فقط، وختاماً لا يجب أن نكون ممَّن يرشد الآخرين ويغفل عن ضلالة نفسه.


(1) تحف العقول، ابن شعبة الحراني، ص 157.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع