إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد

مع الإمام الخامنئي: ربُّوا أنفسهم فصاروا تعبويّين


إنّ منظومة‌ التّعبئة الشّعبية‌ العظيمة، تعبئة المستضعفين، هي حقيقة‌ ساطعة وجليّة. وهي روضة أوجدها إمامنا الجليل وسقاها بكلماته وسلوكه. وقد ازدادت هذه الغرسات، والحمد لله، ثمراً وطراوة‌ يوماً بعد يوم. التعبئة اليوم، هي حقيقة عظيمة منقطعة النظير لا تقبل الإنكار.

صحيح أنّ إعلام الأعداء، وأتباعهم وأنصارهم في الداخل، يحاولون تصغير التّعبئة والحطّ منها وإهانتها، إلاّ أنّ هؤلاء تعرّضوا أيضاً لكلام الله والرسول. ولكنّ الذي تحلّى بالعظمة والتألّق لن يصغُر إن تعرّض للإهانة أو للتهم ولن ينقص ذلك شيئاً من تألّقه.
التعبئة، اليوم، حقيقة عظيمة متألقة في بلادنا وليس لها مثال. لاحظوا الصنوف المختلفة من نساء ورجال، وشباب، وكهول وشرائح مختلفة من طلبة الجامعات إلى طلبة الحوزات وأساتذة الجامعات ومعلّمي المدارس والتلاميذ والعمال والمزارعين والتجار وباقي الشرائح المتنوّعة المؤمنة، في شتّى أرجاء البلاد، كلهم أعضاء في التعبئة ولهم مشاركتهم فيها. إنّ التعبئة جماعة منظّمة لها أهدافها، ولا يمكن للمرء أن يُشاهد نظيراً لها بهذه السعة وبهذا التنوع أو هذا الكمّ الهائل وهذه الكيفيّة الإيمانية.


* التعبئة في القلوب
قلوبكم، أنتم التعبويّون، منشدّة إلى التعبئة. ثمّة أحزاب في العالم وهي أحزابٌ كثيرة العدد - ولكن لا يوجد في أي حزب هذا العدد المليوني الهائل الذي نلاحظه في التعبئة - وليس من المعلوم والمؤكد أن تكون قلوبهم واختلاجاتهم الإيمانية للحزب أيضاً، أما التعبئة فهي تعبئة القلوب والأرواح والعواطف والمعتقدات والإيمان. وهذا ما ينفع الشعب في الشّدائد والصعاب. حينما تواجه الشعوب المشكلات فلن تنفعها الأجسام، ولا بد من نزول القلوب إلى وسط الساحة، ولا بد من تقدم القلوب وريادتها وتحطيمها للعقبات. الذين كانوا سباقين ومحطمين للعقبات والموانع لم تكن لهم بالضرورة أجسام قوية، بل كانت لهم قلوب قوية وإيمان متين استطاعوا به تحطيم الجبال وطيّ الطرق الصعبة وتجاوز المزالق والوصول إلى الأهداف. التعبئة مثل هذه الحقيقة. وعلينا أن نعرف قيمتها، وعلى التعبوي نفسه أن يعرف قيمتها وأن يشكر الله لتوفيقه الانضواء‌ في مثل هذه المنظومة.

* هذه حقيقة التعبئة
الأهمية الأخرى للتعبئة هي أنها ليست مقصورة على اتجاه معيّن وهدف واحد. فللتعبئة فنونها العسكرية ومشاركاتها في خطوط القتال الأمامية، إذا اقتضى الأمر، وقد تولّت أصعب المهمات وأشد الأعمال، وشاركت في كافة الميادين وكانت طليعيّة وسبّاقة.
وشبابنا التعبوي، اليوم، سبّاقون وروّاد حتى في ميادين العلم. وأساتذتنا التعبويون من أنجح الأساتذة في المشاريع العلمية. كما أن الفنّانين التعبويّين - الذين دخلوا ساحة الفن بروحٍ تعبوية - أصابوا نجاحات أكبر وأفضل واستطاعوا جذب مخاطبين أكثر. أيّ ساحة، يدخل إليها التعبويون بروح التعبئة وإخلاصها وإيمانها وشجاعتها وقدرتها على الابتكار والإبداع، بوسعهم إنجاز أعمال كبيرة. هذه هي حقيقة التعبئة.
علينا جميعاً، التعبويين ونحن، أن نعزّز أركان الحالة التعبوية في أنفسنا، يوماً بعد يوم.

* مشاهدة الواقع
أيها الشباب الأعزاء، قلنا مراراً إن المهم بالدرجة الأولى هو روح الإخلاص وروح البصيرة. هذا الإخلاص وهذه البصيرة يؤثران أحدهما على الآخر. كلما زادت بصيرتكم كلما اقتربتم من الأخلاص في العمل. وكلما عملتم بإخلاص أكبر زاد الله تعالى من بصيرتكم ﴿اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ (البقرة:257). الله وليكم... وكلما اقتربتم من الله أكثر، كلما زادت بصيرتكم ورأيتم الحقائق أكثر. فإذا توفّر النور استطاع المرء مشاهدة الواقع والحقائق ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ (البقرة:257). حينما تعمي أهواء النفس - وهي الطاغوت الحقيقي والأسوأ من فرعون في داخلنا - وحينما تعمي أعيننا نزعات الجاه والحسد وحب الدنيا وعبادة الأهواء‌ والغرق في الشهوات، فلن نستطيع مشاهدة الواقع.

* فيلٌ ثَمِل
بعض الناس لا يدركون، بعضهم بسبب ظلمة قلوبهم قد يدركون لكنهم غير مستعدين لترتيب أثر على هذا الإدراك والفهم. هذه كلها من أعراض هوى النفس. وهي كلها من نتائح أوامر ونواهي فرعون الذات. إنه فيل الهوى والنزوات الثمل الذي أعطى الشرعُ المقدس بيد الإنسان المؤمن مطرقة التقوى والورع ليقرع به رأسه ويروّضه. إذا استطعنا ترويض هذا الفيل في دواخلنا فسيصبح العالم نيّراً وسنرى كل شيء، وسوف تنفتح أعيننا، ولكن حينما يكون هناك "هوى النفس" فسوف لن ترى العيون. وأنتم بوصفكم تعبويين وشباباً، وقلوبكم طاهرة ونيرة، تستطيعون بنقاء بواطنكم تعزيز هذه الروح وهذه الحالة في أنفسكم. التعبوي إنسان نقي يتحلى بالصفاء والنور.

إن الصمود في درب التعبئة حالة على جانب كبير من الأهمية. البقاء على هذه الحالة منوط بمراقبتنا الدائمة لأنفسنا. يجب أن نواظب ولا نخرج عن الطريق. فمسار المجتمعات الإنسانية يجب أن يكون نحو الله ونحو الجنة ونحو الحقيقة. ومن البديهي أن أهل الباطل لن يقعدوا ساكتين. الذين يرتبط وجودهم بالباطل والظلم وسحق الشعوب لن يقعدوا ساكتين عن الشعب الّذي يصرخ بنداء الحقيقة والهداية ويوقظ الناس والبشرية، إنما سيعارضون حركة هذا الشعب.

* الانتصار نهاية الكفاح
وبالطبع، إذا واصلنا صمودنا فإن نتائج هذه المعارضة ستكون إيجابية ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ (الحج: 40). لأنّ الله تعالى جعل النصر للذين يسيرون على درب الحق ويدعون إلى الحق، وهذا ما جرّبناه. إنَّ العدو يزداد ضعفاً يوماً بعد يوم. أمّا قدرتنا على الصمود اليوم، هي أكبر مما كانت عليه قبل عشرين عاماً. هذه هي تجربتنا. ونهاية هذا الكفاح هو انتصار الإسلام والمسلمين. ولكن يجب أن تتنبهوا إلى أنّ هناك صراعاً وتحدياً. عليكم أن تحافظوا على جهوزيّتكم واستعدادكم وبصيرتكم وإخلاصكم وحالتكم التعبوية. وهذا هو رمز النجاح الّذي حقّقناه.
ستشهدون أنتم الشباب إن شاء الله اليوم الذي تفتتحون فيه قمم الفخر، وكما وعد القرآن الكريم: ﴿لتكونوا شهداء على الناس (البقرة:143)، لتكونوا شهداء على الناس ولتكونوا في القمة، ولتنظر إليكم الشعوب وتتحرك صوب هذه القمة.
اللهم عجّل في فرج وليك وجوهرتك الفريدة في عالم الخلقة. اللهم اجعلنا من المتمسكين بولايته وولاية أجداده الطاهرين. اللهم اجعلنا مؤمنين وتعبويين وثوريين بالمعنى الحقيقي للكلمة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


* كلمة الإمام الخامنئي دام ظله التي ألقاها في حضور 110 آلاف تعبوي بمناسبة عيد الغدير.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع