مع الإمام الخامنئي | لا تنبهروا بقوّة العدوّ* نور روح الله | لو اجتمع المسلمون في وجه الصهاينة* كيف تكون البيعة للإمام عند ظهـوره؟* أخلاقنا | كونوا مع الصادقين* الشهيد على طريق القدس عبّاس حسين ضاهر تسابيح جراح | إصابتان لن تكسرا إرادتي(1) على طريق القدس | «اقرأ وتصدّق» مشهد المعصومة عليها السلام قلبُ قـمّ النابض مجتمع | حقيبتي أثقل منّي صحة وحياة | لكي لا يرعبهم جدار الصوت

سمير القنطار: تضحيات المقاومة الإسلامية دَين


حوار: ولاء إبراهيم حمود


وفاءً لدم الشهيد المجاهد عميد الأسرى سمير القنطار، تعيد مجلّة بقيّة الله نشر المقابلة التي أجرتها معه عام 2008م.

ليس بين السِّجن والقلب حدٌّ لعن الله ما بَنَوْا من حدودِ(1)




إنّه سمير القنطار الآتي إلينا شعاعاً حرّاً من ظلمة "هداريم" آخر معاقل بطولته.

وهذه مقابلتنا معه حصريّةً للمجلّة، أردناها تحيّةً له في ذكرى اعتقاله في 22 نيسان. إنه حوارٌ استثنائي، فيه كمٌّ هائل من الحب الصادق والولاء الراسخ للمقاومة ورجالها والثبات معها حتّى آخر تحرير. فيه أمرٌ لافتٌ لم أكتشفه إلّا بعد قراءتي إجاباته، فأنا لم أتعمده إطلاقاً.


إنّ أسئلتي توجّهت إليه بمعظمها، كأنه بيننا وقد تحرّر لتوِّه. ترى هل يحقّق الله حلم عائلته التي نقاسمها إياه فيقرأ سمير مباشرة هذه المقابلة في القريب العاجل حرّاً وهو يرتشف مع أمّه الحبيبة وشقيقه بسَّام فنجان قهوة لطالما انتظرت إعداده في عمق أمنياتها، لهما معاً بيديها الظامئتين لريِّ العناق المنتظر منذ أكثر من ثلاثين عاماً؟ إنها أمنيتنا لسمير وإخوانه الأسرى جميعاً والله سبحانه على تحقيقها قادرٌ وقدير... ولكم قراءنا الأعزّاء هذه الصفحات التي سطَّرها بجهاده قبل حبره وبقلبه قبل يديه... عميدُ أحرارنا، قنطار البطولة العصيّةِ على القيد، سميرها...

* ما هي أهمّ المشاعر التي تحتفظ بها ذاكرتك من لحظة وعيك الأولى لحقيقة اعتقالك؟
في البداية أحيّيكم جميعاً وأُحيّي مجلّة "بقيّة الله"، متمنياً لها المزيد من التقدّم والعطاء. عند اعتقالي، كنت مصاباً إصابات بالغة في أنحاء مختلفة من جسدي. وعند إدراكي أنني أصبحت أسيراً انتابتني حالة من الدهشة، لأنني لم أغادر هذه الدنيا مع رفاقي الذين غادروا، ممزوجة بحالة من الشعور بالرضا؛ لأنّ العدوّ لم ينَلْ مني إلّا بعد تنفيذ جزءٍ كبير من المهمة. لكن أكثر ما كان يشغل بالي هو مقاومة الضغوطات الجسديّة التي بدأت أتعرّض لها على الرغم من إصاباتي، من أجل كشف المكان الذي سأعود إليه حاملاً الرهائن في لبنان، حيث كنت أعلم أنّ بعض القيادات والمقاتلين ينتظرون في مكان ما على الساحل اللبنانيّ، وهذا المكان لا يعرف حقيقته سواي، لأنّني كنت قائداً للعملية، وكان همّي الصمود وعدم البوح عن المكان لإنقاذ من كان ينتظرني. والحمد لله أنّني نجحت في ذلك.

* كيف وبمَ قاومتَ في داخلك المشاعر الإنسانيّة الأولى التي انتابتك في فترات الاعتقال الأولى (الإحباط، الخوف، القلق، الألم)؟
إنّ الإيمان بعدالة القضيّة التي قاتلنا ونصمد من أجلها، وتذكُّر المعاناة الهائلة التي تعرّض لها الشعب الفلسطينيّ وشعبنا في لبنان على يد الصهاينة، والتي كنّا شهوداً عليها، جعلني دائماً متحفّزاً للصمود وعدم الضعف وتسخير كلّ طاقاتي لمقاومة السجن. كما أنّ وحشيّة السجّان أعطت مفعولها الإيجابيّ في الإصرار والعناد وعدم الضعف.

* بمَ كنتَ تعالج حنينك طوال هذه الفترة إلى الوطن وما يعنيه، الأمّ وما تمثّله، الأخت، الأخ، الصديق، وربما وجه الحبيبة الأولى؟
إنّ علاج الحنين للأحبّة، للأُسرة وكلّ مكوّناتها، لأصدقاء الطفولة والمدرسة يكون دائماً بنوع العلاقة الحميمة التي تربطنا كأسرى، إذ إنّها تعطي نوعاً من العزاء. صحيح أنّ وضعي يختلف بعض الشيء لأنّني منذ قرابة ثلاثين عامّاً ممنوع من أن أرى أيّ فرد من أسرتي، بينما باقي الأسرى تقريباً يمكنه تلقّي الزيارات كلّ أسبوعين، إنّما الحرمان ومعاناة الأسر تبقى حاضرة عند الجميع. وعلينا دائماً مهمّة أن نخفّف عن بعضنا البعض، وخصوصاً على ضوء حالة التضامن التي تحيط بي من الكثير من الأسر الفلسطينيّة الكريمة، أو من السؤال الدائم عنّي ومتابعة أخباري. وقبل عشر سنوات، كان مسموحاً بزيارتي من قبل عائلة فلسطينيّة. وهنا، أستغلّ هذه المناسبة لأوجّه التحيّة إلى أمّ الأسرى العرب أمّ جبر وشاح.

* هل تُولِّد فترة الإقامة الطويلة في مكان ما (إقامة جبريّة، أسر واعتقال...) نوعاً من العاطفة لتفاصيل ذاك المكان؟ لمشاركيه؟ وهل يمكن إقامة علاقات إنسانيّة مع السجّان؟
إنّ الإقامة الطويلة في الأسر تجعل الحنين إلى الناس؛ أي إلى الأسرى الأصدقاء أكثر منه إلى الجدران والقضبان، حيث لا يمكن الحنين إلى مكان كهذا، بل إلى الناس الذين تقاسمنا معهم المعاناة وقسوة الأسر. أمّا فيما يخصّ السجّان، أقول: إنّه تنشأ أحياناً علاقات إنسانيّة رغم ندرتها مع بعض السجّانين، لكن هذه العلاقات هي آنيّة بسبب طبيعة الصراع وكثافته.

* هل راودك شعور، ولو للحظات، باليأس من رؤية الوطن والأحبّة فيه؟ وبمَ كنتَ تشعر عندما يغادرك إلى حريّته أحد شركاء القيد؟
لم يراودني للحظة واحدة اليأس من رؤية الوطن والأحبّة، بل شعلة الأمل كانت وما زالت وستبقى قائمة طالما هناك صوت واحد يقاوم ويرفض الاحتلال. أمّا فيما يتعلّق بالأحبّة الذين كانوا يغادرون الأسر، فقد كانت المشاعر ممزوجة بالحزن على الفراق خصوصاً الأصدقاء، وبالراحة والفرحة، لأنّ عائلة إضافيّة قد انتهت معاناتها مع تحرّر الابن والزوج والأب.

* ما الذي كان يسيطر على تفكيرك، لحظة كانت عيناك تصافحـــان مــن كوّة سجنــك النقّال، السماء الفلسطينيّة، الأرض والتراب... أثناء نقلك من منطقة لأخرى ومن سجن لآخر؟
إنّ قصّة لقائي مع فلسطين، بدأت لحظة رؤيتي الساحل الفلسطينيّ الممتدّ من رأس الناقورة إلى حيفا ورؤية أضواء القرى العربيّة في العمق. كانت هناك لحظات لم أصدّق فيها أنّني أقف على أرضها، لدرجة أنّني ذهبت إلى جانب أحد البيوت في مدينة نهاريا لتفحّص لوحة سيارة والتأكّد أنّني فعلاً في فلسطين، حيث كنت أعلم أنّ لوحات السيارات في الكيان الغاصب لونها أصفر. وفعلاً عندما شاهدت أنّ لوحة تلك السيارة صفراء انتابني المزيد من الارتياح. وبعد مضيّ شهرٍ ونصف على أسري، وبعد سفر أكثر من ساعتين في السيارة، دخلنا منطقة مليئة بالضوضاء والروائح التي تذكّرنا برائحة الأسواق المكتظة. وبدأت السيارة تسير ببطء وبدأت أُميّز أصواتاً باللغة العربية، ولكن لم أكن أعلم بحقيقة المكان، وانتابتني مشاعر الفرحة والارتياح والحنين. سألت أحد الأسرى الذين تمكّنت من الحديث معهم دون رؤيته وهو كان في زنزانة مجاورة للمكان الذي وضعوني فيه تمهيداً لمقابلة الصليب الأحمر: أين نحن؟ فأجابني: إنك في سجن غزّة المركزيّ. وبعد ذلك وخلال تنقّلي بين السجون، وهذه المرّة غير معصوب العينين، كنت أشاهد فلسطين والحسرة تنتابني دوماً، وأتساءل كيف تمكّن الصهاينة من السيطرة على هذه البلاد الرائعة وكيف ضاعت فلسطين من أيدينا؟!

* تجربتك السابقة مع الأسر في الأردن، ولّدتك مقاوماً في سجن طويل مدّة ثلاثين سنة. كيف ستلدك هذه العقود الثلاثة للحرية؟ وما هي برأيك أهمّ صفات هذا المولود النابض في شخصك؟
إنّ السنوات الثلاثين ستلدني إلى الحرية مقاوماً أكثر إيماناً بعدالة قضيتي، وأكثر إصراراً على استمرار مسيرة العطاء، لا أَنحني إلّا لله سبحانه وتعالى. وصفاتي الناس ستكتشفها ولا أستطيع أن أتحدّث عن ذاتي في هذا المضمار.

* ماذا أضافت تجربة الأسر والمقاومة إلى علاقتك بالله سبحانه؟
إن علاقتي بالله عزَّ وجلَّ كانت موجودة طوال سنوات الأسر. لكنّ الفرق بين الأمس واليوم، هو أنّ الله سبحانه وتعالى كان الأنيس الذي ألجأ إليه في اللحظات القاسيّة. أمّا اليوم، فهو الأنيس الدائم في الشدّة والتعب والفرح والراحة.

* هل تسنّى لك الاطلاع على بعض أدبيات الاعتقال (شعر، نثر، رواية، مسرح)؟ وهل تجلّت تجربتك في نتاج أدبيّ خاصّ بك (شعر... إلخ)؟
إنّ الأسرى لم يتوقّفوا عن إنتاج الإبداعات الثقافيّة من روايات وقصائد وخواطر... إلخ. وكنّا قد أسّسنا في سجن نفحة عندما كنت هناك مجلة اسمها "نفحة الثورة". وكانت هذه المجلة تحتوي على المقالات السياسيّة والفكريّة التي يكتبها الأسرى، وهي عبارة عن دفتر ننسخ فيه المواضيع ثمّ تجري مداورته على غرف السجن كافة. و"نفحة الثورة" هي مجلة شهريّة، وكان لهذه المجلة ملحق أدبيّ. كما أسّسنا خلال الانتفاضة الأولى نشرة أسبوعيّة أسميناها "الانتفاضة مستمرة"، وكانت تحوي تعليقاً عن الأحداث التي تدور في الانتفاضة وإبراز المهمّ، وأيضاً التعليق على أقوال قادة العدوّ بهذا الصدد. وقد استمرّت مجلة "نفحة الثورة" من العام 1981 حتّى توقيع اتّفاق أوسلو، حيث أحدث هذا الاتّفاق الكثير من الإرباك والتجاذب والاسترخاء في الجسم الاعتقاليّ. وقد اطّلعت على الكثير من إنتاج الأسرى، لأنني كنت منذ العام 1987 عضواً في هيئة تحرير المجلة والنشرات الملحقة بها. على صعيدي الشخصيّ معظم كتاباتي سياسيّة، باستثناء بعض الخواطر الوجدانيّة.

* كيف أثبتَّ أمام سجّانك حقّك في التعلّم؟ وما الذي تعنيه لك شهادة علميّة وقّعها مَن هم سجّانوك؟ (مع تقديرنا واعتزازنا بهذا النصر التربويّ).
منذ البداية كنت مثل باقي الأسرى في ذلك، أقرأ كلّ ما يقع في يدي. وكان حين ذاك "الصليب الأحمر" يزوّدنا ببعض الكتب. وفي بداية التسعينات، بدأنا كأسرى نبحث عن سبل للتعلّم الأكاديمي عن بعد، ولم تكن هناك سوى جامعة مفتوحة واحدة يمكن أن ننتسب إليها عن بعد، وهذه الجامعة هي "الجامعة المفتوحة في إسرائيل". والمعضلة التي واجهناها، كانت موادّ هذه الجامعة التي غالبيتها تدرّس باللغة العبرية. وعندما طلبنا أن ننتسب لهذه الجامعة، رفضت إدارة السجون ذلك، لكن بعد أن خضنا إضراباً استمرّ تسعة عشر يوماً، وابتداءً من 27 أيلول 1992، وافقت مديريّة السجون على التحاقنا بالجامعة المفتوحة. وقد تمكّنت من نيل شهادة البكالوريوس في العلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة. وبعدها بدأت أُجهّز رسالة الماجستير، لكنّ مديريّة السجون أوقفت دراستي قبل فترة، ومنعتني من مواصلة تحضير رسالة الماجستير.

إنّ التعلّم وتثقيف الذات، يعتبر جزءاً مهمّاً وأساسيّاً من برنامج الصمود للأسير. إنّنا، وبفخر، نستطيع أن نسجّل انتصاراً هامّاً على سجّانينا في الحقل الثقافيّ والأكاديميّ.

* ماذا تقول أيها الحرّ خلف قضبان سجنك لمَن يتجاهلون في الخارج، وهم قادرون، قضيّتك مع إخوانك الأسرى (أعني شركاءنا في الوطن)؟
إنني لست مستغرباً سلوك أولئك الذين تجاهلوا ويتجاهلون قضيّتي وقضيّة الأسرى. وصدّقوني، لو لم تكن المقاومة حاضرة، لكان هؤلاء قد طالبوا بأن نمضي بقيّة حياتنا في سجونهم في لبنان، ولوضعونا ربّما في ظروف وشروط حياة أقسى ممّا نحن فيه الآن، وخصوصاً أنّ بعض هؤلاء قاموا بتسليم مقاومين ومدنيين أبرياء لسلطات العدوّ. لذا، لا يمكن أن يسعى لحرية الأحرار، إلّا من كان حرّاً ويؤمن بحريّة أُمَّته.

* كيف ترى المقاومة وسط الأمواج التي تتلاطم حولها، من مؤيّد ومناهض ومحايد ومحارب بكلّ شراسة؟ وكيف تراها بين الأمس واليوم؟
إنّ المقاومة الإسلاميّة التي انطلقت بإمكانيّات متواضعة جدّاً، تمكّنت من أن تصنع نصراً تاريخيّاً عام ألفين يمثّل سابقة في تاريخ الصراع مع العدوّ الصهيوني. إنّ انتصار عام ألفين من المفروض أن يكون مرحلة الذروة. والكثيرون اعتقدوا أنّ المقاومة الإسلاميّة قد وصلت إلى ذروتها عام ألفين وستبدأ مرحلة الانحسار والاضمحلال والتلاشي. لكن، جاء نصر عام 2006 النصر الأعظم. وهناك اليوم من يعتقد أنّ نصر 2006 كان أيضاً الذروة ويراهن على اضمحلال وتلاشي المقاومة الإسلاميّة، لكن رأيي المستند إلى عقيدة لا يفهمها غير المؤمن بها هو أنّ ذروة المقاومة الإسلاميّة تكون عندما يسود العدل ويزول الظلم والجور، كما نحن موعودون.

من هنا، فإنّ المقاومة الإسلاميّة ستبقى تسير بإذن الله في خطّ تصاعديّ إلى ذلك اليوم العظيم، ولن أدخل في شرح ذلك كي لا تبدأ الغربان بالنعيق، لأننا نقول مزارع شبعا و"مش خالصين".

* ماذا أعطى انتصار الوعد الصادق الذي أطلقه سماحة السيّد لسمير القنطار؟ ماذا أخذ منه؟ هل شرّع أمامه باباً للحرية؟
إنّ الوعد الصادق الذي أطلقه سماحة السيّد القائد حسن نصر الله (حفظه الله)، هو باب الأمل بعد أن كان محصوراً في كوّةٍ صغيرة. إنّ معاني الوعد الصادق أكبر بكثير من أن تسجّلها كلماتي. إنّه تعبير عن قيمة الإنسان في ثقافة المقاومة الإسلاميّة. إنّه انعكاس لنوع جديد من قيادات العمل الوطنيّ. لقد كان حلمي، ولا أبالغ عندما استخدم تعبير حلم، أن أناضل وأجاهد في ظلّ قيادة تحمل كلّ هذه الصفات الرائعة التي تتجسّد بشخص سماحة القائد الحبيب السيّد حسن نصر الله. دائماً كانت تنقصنا قيادة ذات صفات إنسانيّة ومبدئيّة وأخلاقيّة عالية وها نحن اليوم ننعم بهذا والحمد لله.

إنّ تضحيات المقاومة الإسلاميّة وجماهيرها، هي دَين في عنقي حفّزني أكثر لأكون معطاءً بحجم ذاك العطاء الذي عكسه الوعد الصادق وتضحيات تموز وانتصاراته.

إنّ الوعد الصادق، هو تجسيد لعقيدة وفكر قادنا ويقودنا حتماً نحو المزيد من الانتصارات والإنجازات. إنّ الالتزام بهذه العقيدة وهذا الفكر، هو تعبير عن كلّ الأماني والطموحات الأخلاقيّة والإنسانيّة والوطنيّة والوفاء إلى الخالق الجبّار.

* ما هو السؤال الذي تحب أن تجيب عنه دون أن يسألك إيّاه أحد؟ والسؤال الذي تحبّ أن تطرحه علينا نحن محاوريك؟ لتكن إجابتك الأخيرة حرّة كقلبك الحرّ... ككيانك المقاوم. ونحن أسرة مجلة بقيّة الله، نشكرك ونسأل الله لك اقتراب فجر الحرية إنه سميع مجيب.
أحبّ أن أجيب عن سؤال: هل سأستثمر سنوات نضالي وصمودي من أجل لعب دور سياسيّ في البلد؟
وجوابي هو: إنّ ما قدّمته وأقدّمه كان جزءاً من واجب، وإنّ حريّتي هي محطة لاستمرار الدرب والعطاء. وإنني أرفض أن أستثمر معاناتي وقيامي بواجباتي من أجل مكاسب ضيّقة هنا أو هناك. إنّ جلّ طموحي هو أن أواصل دربي مقاوماً عنصراً في المقاومة الإسلاميّة.

أمّا السؤال الذي أرغب أن أسأله لمجلّتكم الغرّاء فهو: كيف تقيّمون دور مجلة "بقيّة الله" في التحضير لنصر تموز العظيم؟ وهل هناك من عِبَر يجب استخلاصها على صعيد مسيرة المجلة بعد الحرب؟

سمير! أيها المرابط على تخوم حريتنا، يصدُّ عنها منذ ثلاثين سنة كيد أعدائها... نسأل الله لك ولإخوانك، إخوة الحرية الذين شاركوك وعثاء الدرب، أن نجتمع قريباً عند نقاء فجر أطلقت يداك حدود مداه... وحينها ستكتشف بنفسك جواب سؤالك لنا... أمّا العِبَر، يا مقاومنا العتيق، فمن مسيرتك تُستلهم ومن صمودك تُستوحى... ومن صدق مشاعرك تُصاغ دروساً تتعلَّمها الأجيال... وليس لنا في هذا المجال سوى دعائنا أن يضي‏ء الله أمامنا أنوار حريتك وإخوانك، وأن يكون ما تبقى لكم من ليالي الأيام هناك... سلامَ المقاومين الشرفاء... حتى مطلع فجرها...


(*)مجلة بقيّة الله/ العدد:200/ جمادى الأولى 1429هـ /أيَّار 2008م/ السنة السابعة عشرة.
1- هذا البيت (بتصرُّف) هو في الأصل للشاعر السوري بدوي الجبل:
ليس بين العراق والشامِ حدٌّ لعن الله ما بنوا من حدود


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع