نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

فقه الولي: من أحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (2)


الشيخ علي معروف حجازي


ورد عن النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "لا تزال أمّتي بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، وتعاونوا على البرّ والتقوى، فإن لم يفعلوا ذلك، نُزعت منهم البركات، وسُلّط بعضهم على بعض، ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء"(1).

وممّا ورد في خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام: "... فأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، واعلموا أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لن يقرّبا أجلاً، ولن يقطعا رزقاً"(2). نتابع في هذا المقال عرض شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بعد عرض الشرطَين الأوّلين:

* شروط وجوبهما

الشرط الثالث: احتمال التأثير
أ- أن يحتمل تأثير الأمر أو النهي ولو في المستقبل، واحتمال التأثير كافٍ للوجوب حتّى لو حصل الظنّ بعدم التأثير، فمع وجود الاحتمال لا يسقط الوجوب.

نعم، لو حصل العلم أو الاطمئنان بعدم التأثير، سقط الوجوب.

ب- إذا كان الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لا يحتمل التأثير من كلامه وحده، ولكن يحتمل التأثير فيما لو نسّق مع آخرين واستعان بهم، فيجب التنسيق والاستعانة بهم للقيام بهذا الواجب المهمّ.

ج- لو علم أو احتمل أنّ أمره أو نهيه يؤثّر مع التكرار، وجب التكرار.

د- لو علم أو احتمل تأثير الأمر أو النهي في تقليل المعصية وليس في اقتلاعها، وجب الأمر أو النهي.

هـ- لو علم أنّ فلاناً همّ بارتكاب حرام، واحتمل تأثير نهيه في دفع المنكر، وجب النهي.

الشرط الرابع: عدم احتمال المفسدة
أ- أن لا يكون في الأمر أو النهي مفسدةٌ على الآمر أو الناهي، ولو على نحو الاحتمال: فلو احتمل احتمالاً عقلائيّاً حصول مفسدةٍ عليه، أو على مسلمٍ آخر، نتيجة الأمر والنهي، مثل الخوف على النفس أو العِرض أو المال أو الوقوع في الحرج، فلا يجب الأمر والنهي، بل حتّى قد لا يجوز في بعض الموارد (كما إذا كان الخوف على أموال المؤمنين المعتدّ بها، فلا يجوز الإنكار).

ولكن إذا كان المعروف أو المنكر من الأمور التي يهتمّ بها الشارع المقدّس كثيراً (مثل حفظ النفس لمجموعة من الناس، أو حفظ الإسلام أو محو حجّيّته بما يوجب ضلالة المسلمين وما شابه ذلك)، فيجب لحاظ الأهمّيّة؛ فقد يكون الأمر أو النهي واجباً حتّى وإن علم أنّه سيتضرّر، إذا كان المعروف المطلوب الأمر به، أو المنكر المطلوب النهي عنه أهمّ، وهكذا.

فمجرّد الضرر والحرج في هذه الموارد لا يمنع وجوب الأمر والنهي، فعلى هذا -مثلاً- لو توقّفت إقامة الحجج الإلهيّة لرفع الضلال على بذل نفس واحدة أو أكثر، فلا يسقط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ب- إذا كان الخوف على أموال الآمر أو الناهي نفسه المعتدّ بها، فلا يجب الأمر أو النهي، فإذا كان توجّه الضرر الماليّ عليه لم يبلغ إلى مرتبة الحرج والشدّة، فيجوز الأمر أو النهي، ولا يجب، إن بلغ مرتبة الحرج والشدّة، بل يحرم الأمر أو النهي.

* العدالة
لا يشترط في الآمر والناهي العدالة، كما لا يشترط أن يكون آتياً بما أَمر به، أو تاركاً لما نَهى عنه، فلو كان تاركاً لواجب، وجب عليه الأمر به مع اجتماع الشروط (كما يجب عليه أن يعمل به)، ولو كان فاعلاً لحرام، فيجب عليه النهي عنه (كما يحرم عليه ارتكابه).

هذا يعني أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان على جميع المكلّفين، الذين تجتمع فيهم الشروط.

* الصغير والمجنون
أ- لا يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الصغير (غير البالغ) حتّى لو كان مميّزاً.

ب- لا يجب أمر أو نهي الصغير أو المجنون؛ لأنّهما غير مكلّفين.

نعم، لو كان المُنكَر ممّا لا يرضى المولى بحصوله مطلقاً (من المكلّف وغيره)، وذلك كما لو همّ الصغير أو المجنون بقتل نفس محترمة، فيجب على المكلّف منعهما عن الفعل.

* المعذور
أ- لو كان مرتكب الحرام أو تارك الواجب معذورين شرعاً أو عقلاً، فلا يجب الإنكار، بل لو احتمل كونهما معذورين، فلا مجال للإنكار.

مثال على ذلك: مع احتمال كون المُفطِر في نهار شهر رمضان معذوراً، فلا يجب النهي، بل النهي فيه إشكال. نعم، لو كان فعله جهراً موجباً لهتك أحكام الإسلام، أو موجباً لجرأة الناس على ارتكاب المحرّمات، فيجب نهيه عن الجهر بذلك.

ب- لو كان المكلّف يتبع مرجعاً يجيز شيئاً ما، فلا يجوز الإنكار على من يقلّد مرجعاً آخر يقول بحرمته.

وتتمّة المسائل في العدد القادم إن شاء الله.


(1) وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج16، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حديث 5.
(2) (م. ن.)، حديث 7.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع