عن الصادق (عليه السلام): "إنّ المؤمن لينوي الذنب فيحرم الرزق".
وفي رواية أنّ عيسى المسيح عليه السلام أوصى أتباعه قائلاً: "إنّ موسى أمركم أن لا تزنوا" وأنا آمركم أن لا تحدثوا أنفسكم بالزنا فضلاً عن أن تزنوا، فإن من حدّث نفسه بالزنا كمن أوقد في بيت مزوق فأفسد التزاويق الدخان وإن لم يحترق البيت".
وفي الروايات المنقولة بشأن المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نلاحظ بوضوح أهمية النية والقصد في تعيين منزلة الأفراد، من ذلك:
1- روى عاصم بن قتادة أنّ رجلاً من أهل المدينة يسمى "قزمان" لم يكن معروف النسب، كان كلّما ذكر اسمه عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال عنه أنّه لمن أهل النار.
فلما كان يوم أُحد قاتل قتالاً شديداً، حتّى قتل بضعة نفر من المشركين. فكثرت جراحه، فحمل إلى خارج ساحة المعركة، فقال له رجل من المسلمين: أبشر يا قزمان، فقد أبليت اليوم، وقد أصابك ما ترى في الله.
قال قزمان: بماذا أُبشر؟! فوالله ما قاتلت إلاّ حمية عن قومي!!
فلمّا اشتدت به جراحاته وآذته أخذ سهماً من كنانته فقطع شريان يده ومات منتحراً.
2- غزوة تبوك تحمل المسلمون ألوان العسر والمشقة بسبب شدّة الحرّ وقلّة المؤونة حتّى همّ قوم بالرجوع، ثمّ تداركهم لطف الله تعالى، قيل إنّه إذا بلغ الجوع من أحدهم – في تلك الغزوة – أخذ التمرة فلاكها حتّى يحس بطعمها، ثمّ يعطيها صاحبه فيمصّها ثمّ يشرب عليها جرعة من ماء، وهكذا حتّى يأتي عليها آخرهم فلا يبقى منها إلاّ النواة.
في تلك الغزوة الشاقة قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه: "إنّ بالمدينة أقواماً ما قطعنا وادياً ولا وطناً موطئاً يغيظ الكفار ولا أنفقنا نفقة، ولا أصابتنا مخمصة إلاّ شاركونا في ذلك وهم في المدينة".
قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله، وليسوا معنا؟!
فقال: "حبسهم العذر، فشاركونا بحسن النيّة".
3- في الخبر – إنّ رجلاً من المسلمين قتل في إحدى الغزوات بأيدي بعض الكفار وكان يُدعى بين المسلمين "قتيل الحمار" لأنّه قاتل رجلاً من الكافرين نية أنّ يأخذ حماره وسلبه، فقتل على ذلك فأضيف إلى نيته.
4-
5- بعد استشهاد الحسين بن علي (عليهما السلام) في كربلاء، ووصول خبر شهادته إلى المدينة، همّ الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري بزيارة قبر الحسين، ووصل إلى كربلاء بعد أربعين يوماً من مقتل سيد الشهداء، وهو آنذاك شيخ ضرير، ووصل إلى القبر ومعه عطية بن سعد بن جنادة الكوفي، وهو من العلماء والمفسرين. فوقع جابر على القبر، وأغمي عليه، ثمّ أفاق، فندب الحسين ورثاه ثمّ قال:
"السلام عليكم أيتها الأرواح التي حلّت بفناء الحسين وأناخت برحله، وأشهد أنّكم أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة، وأمرتم بالمعروف، ونهيتم عن المنكر، وجاهدتم الملحدين، وعبدتم الله حتّى أتاكم اليقين، والذي بعث محمداً بالحقّ نبياً لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه".
فسأله عطية متعجباً: وكيف نكون قد شاركناهم ولم نساهم معهم في قتال؟ قال جابر:
"يا عطية سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من أحبّ قوماً حشر معهم، ومن أحبّ عمل قوم أشرك في عملهم، والذي بعث محمداً بالحقّ نبياً إنّ نيتي ونية أصحابي على ما مضى عليه الحسين عليه السلام وأصحابه".