أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

قراءة في كتاب: موسوعة الإسلام وإيران: ديناميكية الثقافة وحيوية الحضارة



زينب طحان


يقدم الدكتور والبروفيسور الإيراني علي أكبر ولايتي موسوعة شاملة تبحث في تاريخ العلاقة بين الدين الإسلامي وبلاد فارس تحمل عنوان: "موسوعة الإسلام وإيران: ديناميكية الثقافة وحيوية الحضارة".

* هوية الكاتب
الدكتور علي أكبر ولايتي من مواليد طهران في العام 1945م. هو رجل جمع بين العلم والفكر والسياسة. عمل بروفيسوراً متخصصاً في الطب ووزيراً للخارجية ومؤلفاً للكتب الثقافية. سيرته الذاتية تؤكد أنه كان في آن واحد كاتباً في التاريخ وباحثاً في الطب ومسؤولاً عن السياسة الخارجية لبلده في أصعب الظروف (1981م - 1997م). وهو أستاذ في كلية الطب في جامعة طهران منذ العام 1974م. ويشغل حالياً موقع مستشار قائد الثورة الإسلامية سماحة السيد علي الخامنئي للعلاقات الدولية. وهو عضو في مجمع تشخيص مصلحة النظام، وعضو في المجلس الأعلى للثورة الثقافية، إضافة إلى مسؤولياته العلمية والثقافية الأخرى.

* مقدمة الكتاب
يقول الدكتور ولايتي في مقدمة الكتاب إنه بصفته مسلماً إيرانياً كان ينتابه هاجس الهوية الثقافية والحضارية للإسلام وإيران، وأنه أدرك تدريجياً مدى الظلم العظيم الذي لحق بأمتنا وشعبنا وثقافتنا وحضارتنا بفعل سوء نية الأجانب وتكاسلنا. فالأجانب أنكروا من جانب فضائل المسلمين، والمسلمون تساهلوا من جانب آخر في كتابة وعرض إنجازاتهم ومكتسباتهم العلمية والثقافية، فانتشر بالنتيجة هذا الخطأ العالمي حتى بين المسلمين، وهو أن الغربيين يتفوقون على غيرهم في الخلقة ويتميزون بذكاء استثنائي لا نظير له بين الأمم الأخرى بما فيها الأمة الإسلامية.

* المراحل التاريخية العشرة
جاء هذا الكتاب نتيجة جهد طويل، قسم فيه المراحل التاريخية إلى عشرة، تحدثت عن تاريخ الإسلام في مكة المكرمة بدعوة الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وهذه بداية الحركة في تاريخ الثقافة والحضارة الإسلاميتين. وفي المرحلة الثانية تبلورت هذه الحركة في تاريخ الإنسان المسلم. وفي المرحلة الثالثة كان انتشار الإسلام وفي المرحلة الرابعة كانت مجاورة الثقافة والحضارة الفتية الإسلامية للحضارات العالمية القديمة، وفي المرحلة الخامسة كان ازدهار الحضارة الإسلامية الذي بدأ منذ القرن الثالث واستمر حتى القرن الخامس الهجري. في المرحلتين السادسة والسابعة تطورت الحضارة الإسلامية في الأدب وفن العمارة والخط والرسم والترجمة، بينما كانت المرحلة الثامنة عنوان الغزوين الكبيرين الصليبي والمغولي من غرب وشرق العالم الإسلامي، وما خلفا من آثار ونتائج وخيمة على الأمة واستنزفا طاقات المسلمين وأشاعا الخرائب والدمار. وفي المرحلة التاسعة كان عصر التجديد الأول لحياة العالم الإسلامي. أما الغزو الاستعماري فكان في المرحلة العاشرة حين بدأ عهد الجمود الثاني، حيث سعت بلدان قوية في أوروبا إلى غزو بلدان العالم الإسلامي. ولا ينسى الدكتور ولايتي هنا الإشارة إلى الغزو الغربي الثاني الذي حمل عنوان الحروب الصليبية الثانية وفي هذه المرة استهدف الغزو تغيير الثقافة الإسلامية وتدمير عقيدة المسلمين وسائر الأمم التي أخضعوها لسيطرتهم.

* أجزاء الموسوعة
الجزء الأوّل من الموسوعة يشمل أربعة أبواب رئيسة موزعة على فصول عدة تتمحور حول علوم التفسير والحديث والفقه والأصول عند الشيعة والسنة، والتصوف والعرفان، بينما الباب الثاني يتحدث عن المؤسسات الإدارية والاجتماعية في الحضارة الإسلامية، والباب الثالث يختص بالفن في الحضارة الإسلامية، أما الباب الأخير فيعرض تأثير الحضارة الإسلامية على الحضارة الغربية، حيث يبرز الدكتور ولايتي الآثار الإيجابية الهائلة للحروب الصليبية ونقل ثقافة الإسلام ومعارفه وعلومه إلى أوروبا، وما لها من تأثير على تطور وازدهار العلوم والحضارة والآداب الأوروبية حتى أن بعض الكلمات العربية لا زالت مستعملة في اللغات الغربية. كما لا ينبغي نسيان علاقات الدول الغربية بأسبانيا وصقلية، ولا تجاهل احتكاكها بعالم الإسلام على مدى قرون في شرق وغرب السويس. الجزء الثاني من الموسوعة يتضمَّن فصولاً متعددة، تتمحور حول الاستعمار وأنواعه، ودخوله إلى العالم الإسلامي، وظهور الصهيونية وانتشارها، وأهداف الاستشراق. يتناول الباب الثاني الصحوة الإسلامية خلال قرنين، في العالم العربي وإيران وتركيا وأفغانستان، وآسيا الوسطى وفي جنوبي شرقي آسيا. أما الباب الثالث فهو يختص في نقد الحضارة الغربية. وفي فصل محدد يتعرض الدكتور ولايتي إلى الإسلام والديمقراطية ويبين إذا كان هناك ثمة تعارض. ويعرض كيف تدعي الولايات المتحدة الديمقراطية وكيف تمارسها فعلاً بحق شعبها. وفي قراءته للإسلام والديمقراطية يعرض كيف تلتقي الديمقراطية الإسلامية مع الديمقراطية الحديثة في بعض الوجوه، لكنها تختلف عنها في وجوه أخرى عديدة.

أما في وجوه الاختلاف التي من المهم الوقوف عندها فقد بيّن الدكتور ولايتي أنه إذا كانت الديمقراطية الحديثة تعني حكم الشعب بواسطة الشعب ولأجل الشعب، أي أنها تعطي المرتكز الأساس للسيادة في الدولة للشعب وللأمة القائمة ضمن حدود جغرافية وقومية، فإن للأمة في الإسلام مفهوماً أعمّ وأشمل. فالأمة الإسلامية هي مجموعة المؤمنين الذين اتخذوا الإسلام ديناً لهم.

والإسلام هو الجنسية التي يحملها كل مسلم. فعبارة "المواطنين" التي ترتكز عليها الديمقراطية الحديثة لا وجود لها في الإسلام. والعبارة التي تملأ المجتمع الإسلامي هي عبارة "المؤمنين" بالإسلام. ذلك لأن الإسلام جاء عالمياً فلا تحده حدود قومية أو جغرافية. وقد جاء في القرآن الكريم: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا (سبأ: 28). ونلاحظ أن أهداف الديمقراطية الحديثة هي أهداف دنيوية تسعى إلى إسعاد جماعة الناس المقيمة في إقليم محدد وفي إطار قومي معيّن.

أما الديمقراطية الإسلامية فتهدف إلى تحقيق غايات زمنية وروحية في آن معاً. وهي في مداها تتجاوز الحدود الجغرافية والعنصرية. والغاية القصوى التي يهدف إليها الإسلام هي الآخرة. وما الحياة الدنيا سوى مطية لهذه الآخرة. وإذا كانت الديمقراطية الحديثة تحدد مدة زمنية معينة لتولي الحكّام وظائفهم، فالإسلام لا يعرف فكرة التحديد الزمني لولاية الحكام. فمتى تمت المبايعة لخليفة أو إمام بقيت الرئاسة له ما زال متمماً لشروط الولاية. فمدة الولاية تحددها الصفات الذاتية التي فيه. وقد يبقى الخليفة أو الإمام طوال حياته متمتعاً بالولاية. أما الديمقراطية الحديثة فلا تعرف حاكماً فعلياً للشعب يحكمه مدى الحياة. وتقوم الديمقراطية على مبدأ العلمانية وفصل الدين عن الدولة، أما الإسلام فقد جاء ديناً ودولة في آن معاً.

ولا يمكن للديمقراطية الحديثة أن تعيش في مجتمع لا يؤمن بضرورة هذا الفصل. ذلك بأن الغرب لم يحقق ديمقراطيته إلا بعد أن تخلّص من نفوذ رجال الكنيسة وبعد أن أصبح "ما لقيصر لقيصر وما لله لله"، وبعد أن تقوقع الباباوات في الفاتيكان والمطارنة والقساوسة في أديرتهم.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع