أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

الشجرة الطيبة التي زرعها الإمام الخميني قدس سره(*)

مع الإمام الخامنئي: الشجرة الطيبة التي زرعها الإمام الخميني قدس سره(*)

 

قال اللَّه الحكيم فى كتابه: (بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء  تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون (إبراهيم: 24). لقد غاب الإمام العزيز من بين أعيننا، ورحل شخصه من بيننا، إلا أنَّ حقيقة الإمام وفكره وروحه ودروسه ومدرسته، لم تزل باقية في أوساطنا، وأوساط الأمة الإسلامية. لقد انتشرت أغصان وأوراق هذه الشجرة الطيّبة التي جاء ذكرها في الآية الشريفة قبل قليل في جميع أجواء الأمّة الإسلامية، وأخذت بالتجذّر والقوة يوماً بعد آخر. هذه الكلمة الطيّبة والشجرة الطيّبة "الجمهورية الإسلامية"، هي التي أنتجت الصحوة الإسلامية في العالم الإسلامي، والمجد والجلال والتقدّم في بلدنا، وبين أفراد شعبنا. لقد قطف شعبنا من هذه الشجرة الطيّبة ثمرات طيّبة، تشكّل قضايا مصيرية بالنسبة لأي شعب، تتّضح في عدّة مسائل:

* الثقة بالنفس‏
المسألة الأولى هي: أنَّ شعبنا كان مجهولاً وتابعاً لسياسة القوى الأجنبية، وينفعل تجاه قرارات الدول المتسلّطة، إلا أنّ هذه الشجرة الطيّبة حوّلتنا إلى أقوى الشعوب المؤثّرة في العالم، وأقوى البلدان والأمم في هذه المنطقة؛ وهو ما يعترف به حتى أعداؤنا. لقد كان شعبناً فَزِعاً ليس له إيمان أو معرفة بإمكاناته الذاتية، وقلوبنا كانت متعلّقة ومخدوعة ببهرجة الأجانب؛ لكن هذه الشجرة الطيّبة حوّلتنا إلى شعب مبتكر له ثقة بنفسه، يمتلك أفكاراً جديدة ومعاصرة في مجالات مختلفة. ثمرات هذه الشجرة الطيّبة اليوم، هي آلاف المحققين والباحثين، وآلاف العلماء والمفكرين، وآلاف العقول المفكّرة المنتجة التي يُشار إليها بالبنان في مختلف المجالات، وعلى جميع الأصعدة، سواء كان ذلك في مجال العلوم الإنسانية أو التجريبية، أو المسائل الاجتماعية أو السياسية أو الدينية.. يمكن لنا رؤية ثمرات هذه الشجرة الطيّبة أيضاً في جميع أرجاء العالم الإسلامي، فلقد انتبه مسلمو العالم، وحققوا هويتهم الإسلامية، وأخذوا يشعرون بالعزّة لانتمائهم الإسلامي.

* نصرة اللَّه تعالى‏
المسألة الثانية هي: أنَّ العامل الأساسي لسمو إمامنا العظيم ونجاحه، هو أنَّه آمن من أعماق كيانه وقلبه بمبدأ وحقيقة قرآنية، وسعى لتحقيقها بكل ما يمتلك من قوة. هذا المبدأ والحقيقة القرآنية، هو ما جاء في قوله تعالى: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ، والذي جاء مثله في آيات كثيرة أكّدت على ذلك أيضاً، فمن ينصر الله ينصره الله، ومن يخطُ خطوة في سبيل الله، يضاعفْها الى عشرات ومئات الخطوات نحو الأمام، هذه هي إحدى الحقائق والقوانين الإلهية، وهي: أنَّ نصرة الله تعالى تعني نصرة الدين. إنَّ الدين ليس هو أحكام الطهارة والنجاسة وحسب، وليس هو الأعمال الدينية الظاهرية فقط، بل إنَّ الدين هو برنامج لسعادة الناس في الدنيا والآخرة، وكما أنَّ هذا البرنامج هو وسيلة لضمان النمو والتسامي المعنوي للمجتمعات الإنسانية، هو وسيلة لضمان إحياء قابلياتهم الفكرية وتنمية شخصياتهم واستعدادتهم كذلك. وكما أنَّ الدين يهتم بالمعنويات، فإنَّه يهتم بالحياة الدنيوية للإنسان أيضاً، ويمتلك برنامجاً لسعادته. إنَّ معنى نصرة الله تعالى في الحقيقة هي أن نخطو خطوة لإحياء السنة الإلهية، والتأثير في الكون والمجتمع، وفي إيقاظ الفطرة، والسعي من أجل نجاة الإنسان من التعاسة والشقاء. هذه هي نصرتنا للإسلام. إنَّ الإمام وظّف هذه الحقيقة القرآنية؛ ونصر الله، ونهض وأقدم على نجاة وحرية شعبه، وقد نصره الله تعالى أيضاً وبارك في نهضته، فعوّضه بدل الخطوة مئات الخطوات.

* التمسك بالقيم‏
المسألة الثالثة هي: أنَّ ثورتنا تتمتّع بحقيقة مدهشة، تُعد فريدة من نوعها، فقد جاء في قوانين العلوم الاجتماعية المتعلّقة بالثورات، أن للثورات صعوداً وهبوطاً. وأنَّ الثورات تتقدّم نحو الأمام وتصل إلى ذروتها، مع وجود حالة الحماسة عند الناس، ثم تتضاءل هذه الحماسة وتتبدّل إلى عكس ذلك في بعض الموارد، فتسقط الثورات وتتراجع إلى الخلف. إلا أنَّ الثورة الإسلامية مستثناة بالكامل من نظرية علم الاجتماع هذه، فلقد وُضع عامل استمرار الثورة الإسلامية في الثورة نفسها. إن أساس حركة نظام الجمهورية الإسلامية، هو التمسّك بالقيم. إنَّ الشي‏ء الذي يُحسب كعنوان لمبدأ مشروعية هذا النظام؛ أي الولاية الإلهية التي تنتقل للفقيه، مشروطة بالتمسّك بالأحكام الإلهية، وإنَّ الشخص الذي يتحلّى بدرجة الولي الفقيه، إذا لم يتقيّد بالأهداف والقوانين الإسلامية نظرياً وعملياً، سوف تسقط مشروعيته، ولم يبق وجوب على أحد في إطاعته، بل لا تجوز إطاعته، وهذا ما سُجّل في نفس الدستور، أي في الفقرة الإساسية للثورة. بناءً على ذلك، فإنَّ هذه الثورة غير قابلة للانكسار، أو السقوط، ولا تتوقّف في مسيرتها وانطلاقتها؛ لأنَّ مجتمعنا مجتمع إيماني وديني، وإنَّ الدين والإيمان بالإسلام يعيش في أعماق قلوب الناس، ومتغلغل في جميع نفوس شرائح المجتمع، والشعب يعتقد بالإسلام بكل ما للكلمة من معنى.

* الاستقلال السياسي‏
المسألة الرابعة هي: أنَّ رأس المال الذي ادّخره الإمام للبلد والشعب، هو رأسمال تاريخي ومصيري، رأس المال هذا هو استقلالنا السياسي، والثقة بالنفس الوطنية والثقافية، وإيمان شعبنا المتجذر، وشجاعة الشعب والمسؤولين في مواجهة تهديدات العدو، وعدم الاغترار مقابل مدائحه وترغيباته. هذه دروس أعطاها الإمام العزيز إلى الشعب خلال عشرة أعوام، من خلال أنفاسه الدافئة، وأسلوبه، وطريقته.

* بناء المستقبل‏
أمّا ما يلزم لبناء المستقبل فهو:

أولاً: تقوية الإيمان الديني، الذي يعتبر الركن الأساسي للعمل.
ثانياً: العدالة، التي هي حاجة ماسّة للبشرية.
ثالثاً: يجب أن يأخذ الجميع العلم بنظر الإعتبار وبصورة جدية، ومتابعته؛ فلا يمكن للبلد الحصول على حقوقه أبداً ما لم يتمتّع أفراده بالعلم، كما لا ينبغي أن يُستجدى العلم من الآخرين.
رابعاً: علاوة على ذلك، إنّ إرساء الوحدة الوطنية والاستقرار في البلد، هو الذي يمهّد لإرساء الإيمان والعدالة والعلم، ومع عدم تحقيق الاستقرار، لا يمكن الإستفادة من العلم، ولا يمكن أن يتحقق الإيمان ولا العدالة في المجتمع.

إنَّ الإمام الخميني قدس سره كان يمتلك الإيمان بأربعة أمور: الإيمان بالله، والإيمان بالخلق، والإيمان بالنهج الذي يسلكه، والإيمان بالنجاح الأكيد في نهاية العمل. إنَّ وجود هذا الإيمان في قلوب الناس، يفرض عليهم التحرّك والتفكّر والتطوّر.

المسألة الأخيرة: على الجميع سواء كانوا من المسؤولين، أو أفراد المجتمع، أو النخب السياسية أو العلمية، أو المنتسبين إلى الحوزة العلمية أو الجامعة، أو العمّال، أو جميع الشرائح الأخرى الحفاظ على هذه الشجرة الطّيبة التي غرسها الإمام الخميني قدس سره، وبارك الله تعالى فيها، وامتدت أغصانها وأوراقها بهذا الشكل.


(*) كلمة الإمام الخامنئي في الذكرى السابعة عشر لرحيل الإمام الخميني قدس سره 4- 6 - 2006.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع