الشاعر يوسف سرور
مهداة إلى جرحى المقاومة والانتفاضة في لبنان وفلسطين بمناسبة يوم الجريح
|
خضِّبي الكــونَ بالدَّمِ الفـَّواحِ |
واسْــبُكي صكَّ عودةٍ للصَّباحِ |
|
وانشُري نشوةَ الخلاصِ يغنِّيها |
الرَّصاصُ العَصِيُّ في الأرواحِ |
|
واسطعي فوق أمنياتِ الملايينِ |
مناراتٍ للغَدِ الوضَّاحِ |
|
واقْرإي سُنَّة الدِّماءِ على الدُّنيا |
بألحانِ زغرداتِ السِّلاحِ |
|
وابعثي من شذاكِ للقُدس أنسامَ |
الوفاءِ النَّديِّ في كلِّ ساحِ |
|
وارفعي عن معالمِ النَّصرِ جِلباباً |
مسجًّى كَسَوْهُ ألفَ وشاحِ |
|
واغرسي يا جراحُ أُفْقَ فلسطينَ |
بأزهارِ سنبلاتِ الكفاحِ |
|
فَلأَنتِ الضِّياءُ للحائرِ الملهوفِ |
يهوي أمام هُوجِ الرِّياحِ |
|
ولأنتِ العزاءُ للبائسِ المُلتاعِ |
يَضْرَى بسُؤْلِهِ المِلْحَاحِ |
|
ولأنتِ العطاءُ للبَرِّ يسْتجدي هناءً |
من النفوسِ الشِّحاحِ |
* * * * * *
|
يا جِراحَاتُ أنت فجرُ أمانينا، |
ومِدْماكُ ثورةِ الإصلاحِ |
|
أنتِ حصْنُ المعذَّبينَ، |
يرَونَ النُّورَ فيما وهبتِ سرَّ النَّجاحِ |
|
أنت شمسُ الخلاصِ، |
خَضَّبتِ أعماقَ المُعانينَ بالهُدَى الفَوَّاحِ |
|
أنتِ للأقصَى نُورُهُ وضِياهُ |
أنتِ أنتِ المشكاةُ للمصبَاحِ |
* * * * * *
|
يا امْتدادَ الوجودِ لمْلِمْ بقايا الجودِ |
والأُعطياتِ من كلِّ ناحِ |
|
واهْدِهَا للجريحِ في طبقٍ زاهٍ |
على طيبِ زاهراتِ الأقَاحي |
|
فهُو الثَّائرُ الهَصُورُ تجلَّى |
في حناياهُ كلُّ معنى سمَاحِ |
|
وهو الرَّائدُ الهُمامُ تخفَّى |
بالجراحاتِ بين سُحْبِ الرِّماحِ |
|
وهو الشُّهْبُ يزدهي في غداةٍ |
وهو النَّجمُ يرتقي في رَوَاحِ |
|
وهو النَّشوةُ الرَّقيقةُ تسْري |
في عُرُوقِ الزَّمانِ بالأفرَاحِ |
* * * * * *
|
إيهِ يا باذلَ الدِّماءِ عطاءً |
والمُضَحِّي بكلِّ شيءٍ مُتَاحِ |
|
يا شهيدَ الحياةِ تعرُجُ |
شوقًا لسَمَاءٍ عَلِيَّةِ الألوَاحِ |
|
صُنتَ وجْهَ الثَّرى أبيًّا قويًّا |
رافعَ الرأسِ من لهيبِ اجْتياحِ |
|
صارخًا: خُذْ يا ربُّ منّي نجيعًا |
كيْ أرى في رضاكَ فكَّ سراحي |
|
فأجُوب السَّماءَ نجمًا منيرًا |
مالئًا سؤدُدَ العلى بصياحي: |
|
يا شموسَ الفَضاءِ غوري حياءً بحجابٍ، |
ويا جبالُ انْداحي |
|
فلقدْ جئتُ للجَنائنِ أسمو |
في رُباها مخضَّبًا بجراحي |