مع الإمام الخامنئي | كلّنا مَدينون للنبيّ الأعظم* نور روح الله| هكذا كانت حياة الرسول* مع إمام زماننا | حين تزفّ السماء نبأ الظهور (2): في مكّة السيّد محسن شهيداً على طريق القدس مقاومتُنا بعينِ الله صُنعت حاجّ محسن! إلى اللقاء عند كلّ انتصار* أبو طالب: قائدٌ في الميدان والأخلاق المقاومة الإسلاميّة: ثقافتنا عين قوّتنا الشهيد على طريق القدس بلال عبد الله أيّوب تسابيح جراح | جراحاتي لا تثنيني عن العمل

نور روح الله: إليه تهفو القلوب


اعلم أنَّ في الإنسان إن لم نقل في كلِّ موجود حباً فطرياً للكمال وللوصول إلى الكمال المطلق. وهذا الحب مما يستحيل أن يفارق الإنسان تماماً. كما أنَّ الكمال المطلق محال أن يتكرَّر أو أن يكون اثنين؛ فالكمال المطلق هو الحق جلّ وعلا، والجميع يبحثون عنه، وإليه تهفو قلوبهم وهم لا يعلمون، فهم محجوبون بحجب الظلمة والنور. لذا فهم يتوهّمون أنهم يطلبون شيئاً آخر غيره؛ ولذا تراهم لا يقنعون بتحقيق أيّة مرتبة من الكمال، ولا بالحصول على أيّ جمال أو قدرة أو مكانة. فهم يشعرون أنَّهم لا يجدون في كلِّ ذلك ضالّتهم المنشودة؛ فالمقتدرون ومن يمتلكون القدرة الكبرى، هم في سعي دائم للحصول على القدرة الأعلى مهما بلغوا من القدرة، وطلاب العلم يطلبون الدرجة الأعلى من العلم مهما بلغوا منه، وهم يشعرون دوماً أنهم لم يجدوا ضالّتهم، وفي الحقيقة إنهم غافلون عنها.

* لسان الفطرة
ولو أعطي الساعون إلى القدرة والسلطة التصرف في جميع العالم المادي من الأرضين والمنظومات الشمسية والمجرات، بل وكل ما هو فوقها، ثم قيل لهم: إن هناك قدرةً فوق هذه القدرة التي تملكونها، أو إن هناك عالماً أو عوالم أخرى فوق هذا العالم، فهل تريدون الوصول إليها؟ فإنهم من المحال أن لا يتمنوا ذلك، بل إنهم من المحتّم أن يقولوا بلسان الفطرة: ليتنا بلغنا ذلك أيضاً! وهكذا طالب العلم، فهو إن ظنّ أن هناك مرتبة أخرى غير ما بلغه فإنّ فطرته الباحثة عن المطلق ستقول: يا ليت لي هذه القدرة، أو يا ليت لي سعةً من العلم تشمل تلك المرتبة أيضاً!  وعليه فإن ما يُطَمئن النفس المنفلتة، ويهدّئ من لهيبها، ويحدُّ من إلحاحها واستزادتها في الطلب، إنما هو الوصول إليه تعالى، والذكر الحقيقي له جلّ وعلا؛ لأن الاستغراق في ذلك فقط، هو الذي يبعث الطمأنينة والهدوء، وكأنّ قوله تعالى ﴿أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (الرعد: 28) هو نوع من الإعلان أن: انتبه! انتبه! عليك أن تلجأ إلى ذكره حتى تحصل على الطمأنينة لقلبك الحيران الذي يواصل القفز من جانب إلى جانب، والطيران من غصنٍ إلى غصن.

* عذاب الروح
إذاً، فما دام الله سيبعث في قلبك الطمأنينة بذكره، فاستمع يا ولدي العزيز لنصيحة أبٍ عانى من الحيرة والقلق، ولا تتعب نفسك بالانتقال من باب إلى باب، للوصول إلى هذا المنصب أو تلك الشهرة أو ما تشتهيه النفس. فأنت مهما بلغت من مقام، فإنك سوف تتألم وتشتد حسرتك وعذاب روحك لعدم بلوغك ما فوق ذلك، وإن سألتني: لِمَ لم تعمل أنت بهذه النصيحة؟! أجبتك بالقول: انظر إلى ما قال، لا إلى من قال… فما قلته لك صحيح، حتى وإن صَدَر عن مجنون أو مفتون؛ يقول تعالى في محكم كتابه العزيز: ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (الحديد: 22)، ثم يتبع ذلك بقوله: ﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ.

* وعسى أن تكرهوا شيئاً..
فالإنسان في هذا العالم معرّض لأمورٍ شتى، فهو عرضة أحياناً لأن تنزل به المصائب، كما أنه قد يلاقي إقبالاً من الدنيا، فيبلغ فيها المقام والجاه ويحصل على المال ويحقّق أمانيه وينال القدرة والنعمة، وكلا الحالين ليس بثابتٍ؛ فلا ينبغي أن تُحزنك المصائب والحرمان فتفقدك صبرك، لأنها قد تكون أحياناً في نفعك وصلاحك ﴿وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ (البقرة: 216)، كما لا ينبغي أن تدفعك الدنيا بإقبالها عليك وتحقيقها ما يُشبع شهواتك إلى أن تتكبر وتختال على عباد الله، فما أكثر ما تعدّه أنت خيراً، وهو شرّ لك.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع