أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

مشاركات القراء: مدرسة في دمعة

فاطمة مبدر


اليوم بكيت من كلّ قلبي، إنّها المرة الأولى التي أجدني لا أستطيع أن أتماسك أمام أحد تلاميذي، فأبكي بحرقة.

إنها ابنة الشهيد "حسن عبد الله": طفلة في ملامحها السمراء الرقيقة، والحزن العميق الذي يسكن خلف ابتسامةٍ محبّبة، تعرف تماماً كيف تأسر بها أناساً أضاعتهم الدنيا، مثلي.
ودمعاتها التي تنساب فوق خدّيها بغزارة وهدوء؛ كأنّما هي كل الآلام، تسيل على ملامح وجهها تخاف أن تجرح حبّاً يسكنه، وعشقاً لشهيد لا يفارقه.

تجلس أمامي... بكلّ الشوق الذي لا يستطيع الكبرياء في عينيها أن يخفيه. تبكي شهيداً رحل سريعاً. تركها وحيدةً تصارع آلامَ غياب لا تظنّ الزمانَ قادراً على مداواة جروحه...
وكأنّها بدأت تعشق هذا الوجع الذي يسكنها، يؤنس وحدة الفراق فيها، يعطي لدنياها طعماً فقدَته يوم سمعت خبر تخلِّي والدها عن دنيا مظلمة، وتركها في قلب الدنيا المظلمة..
تتمنّى لو تكون إسماعيلَ، يضرب بقدمه الأرض، فتصعد من الأرض أنهار الجنّة.

وحدها الجنّة تخلق في قلبها الصغير أملاً بلقاء لم يطل..

كأنها برفضها الحديث عن أبيها تقول لي: "أرجوكِ اتركي هذا الوجع يدغدغني، يرسم في قلبي صورة لبطلٍ لم تكتمل أمام ناظريّ، فذابت في جوف قلبي ألماً مرغوباً فيه..".

"أرجوك يا سيدتي.. خذي منّي ما شئتِ، ولكن لا تأخذي الدمع الذي يحارب كلّ نظريات التفريغ والتنفيس والراحة التي تؤمنون بها ولا أريد أن أعرفها...
خذي ما شئتِ، واتركيني في عالمي أتنفّس أباً أشتاقه حدَّ الجنون، ولكني رغم آلام الفراق، رغم الفراغ والحنين والاحتراق الذي يقتل فيَّ كلّ مشاعر الأمان، لا أتمناه إلّا شهيداً... راية من نور، جسراً للوصال فوق وادٍ مخيف اسمه دنيانا الغريبة..".

أمام هذه الطفلة التي علّمتني درساً في بضع دقائق لن تنسيَنيه الأيام، وجدتُني أبكي بحرقة وقلبي يقول لها: "اعذريني إذ لم أفهم قبل اليوم أنّ الشهيد حين كان مدرسةً، كان أبناء الشهداء ذاك الحرف الذي يمحو عنّا جهلاً معيباً..

اعذريني..
واقبليني في دفترك سطراً، تنساب فوقه دموعك الرقيقة، ولا أملّ السباحة في حكايا آلامك الكبيرة".

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع