مع الإمام الخامنئي | لا تنبهروا بقوّة العدوّ* نور روح الله | لو اجتمع المسلمون في وجه الصهاينة* كيف تكون البيعة للإمام عند ظهـوره؟* أخلاقنا | كونوا مع الصادقين* الشهيد على طريق القدس عبّاس حسين ضاهر تسابيح جراح | إصابتان لن تكسرا إرادتي(1) على طريق القدس | «اقرأ وتصدّق» مشهد المعصومة عليها السلام قلبُ قـمّ النابض مجتمع | حقيبتي أثقل منّي صحة وحياة | لكي لا يرعبهم جدار الصوت

شباب: ألزهايمر الجدَّة

ديما جمعة فواز

همس للمرّة السابعة في أذنها: "أنا محمد، ابن سعاد، وأنا بأفضل حال، الحمد لله". ابتسمت له الجدة السبعينيّة مؤكّدة أنها عرفته ومسحت رأسه قائلة: "الله يرضى عليك".

صاح خاله قائلاً: "لقد تفاقمت حالتها سوءاً، ولعلها بعد قليل ستسألك، ومن هي سعاد؟". وعلت ضحكات المجتمعين، فيما اكتفى محمد بالنظر إلى وجه جدَّته الخالي من ملامح التواصل الاجتماعي. وحين هدأت الأصوات قال بحزم: "أرجو أن تعتنوا بها وتتفهموا عمرها، وحاجتها للرعاية". التفت إليه الجميع وكأنما هالهم حدّة تعليقه، لتصيح به الوالدة: "محمد، أخوالك يهتمون بها وجميعنا نتفهمها، يا بني. وإنما نضحك من ألمنا وحزننا لما يصيبها". ابتسم لها محمد وهو يهزّ رأسه مؤكداً موافقته على تبريرها فيما جال بنظره في أرجاء الغرفة الواسعة التي طالما ضجّت بالأقارب والأحبة. ولطالما كانت جدّته تجول فيها متفقّدة أحوال الجميع وساعيَّة لإسعادهم. هو يدرك أنّ الجميع اليوم يسعى لرضاها، ولكن يؤلمه تبرّمهم من وضعها الصحي وشكواهم من تكرار أسئلتها البديهيّة.

استأذن للرحيل، ولكن قوة خفيّة شدته إلى مقعده، التفت ليجد أنامل جدته المرتجفة تمنعه من الذهاب: "من أنت يا بني؟" ابتسم وانخفض نحوها هامساً بعبارات لم يفهمها من حوله، فيما هزت والدته رأسها بألم وقالت: "صبّر الله قلوبنا وشفاها، من كان يظن أن مرض ألزهايمر سيتمكّن منها بهذه الطريقة". لم يلحظ أحد نظرات الجدّة المتّقدة التي رافقت محمد، فيما غاب ظلّه خلف الباب، مودعاً الأقارب.

بعد بضعة أيام، كانت الغرفة نفسها تضجّ بالمهنّئين، لقد أتى خبر استشهاد محمد منذ دقائق، والناس تتدافع لمواساة العائلة. ها هي والدته تجلس في زاوية الغرفة تبكي بصمت، والأقارب يتوافدون مكررين عبارات الفخر، والدعوة للصبر. وفجأة قامت الجدّة من مقعدها وبخطىً متعثّرة اقتربت نحو ابنتها سعاد، جلست قربها وصاحت بالجميع: "ابنك محمد يا سعاد، أخبرني أن أذكره عند شهادته، كان يعرف أنه سيرتحل إلى جوار الله، حبيبي محمد". حملقت بها الأم بعينين جاحظتين واتجه الجميع نحو الجدة باكين متوسّلين أن تخبرهم المزيد. فيما تهامس الحضور حول قولها وكيفية إدراكها للحقيقة لأول مرة منذ أشهر، ارتمى الخال عند يديها باكياً: "أمي، هل همس لك محمد قبل ذهابه أنه راحل؟" نظرت إليه الجدّة بهدوء وسألته: "من هو محمد؟ أين رحل؟".

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع