نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

أبو حمزة الثمالي كسلمان في زمانه

الشيخ تامر محمد حمزة


إذا حلّ الشهر الفضيل، وبدأت بركات لياليه، يجتمع المؤمنون؛ ليغتنموا ساعات المغفرة بالدعاء والمناجاة والابتهال. ويبرز دعاءٌ ذو مضامين عالية مشهور باسم "دعاء أبي حمزة الثمالي". فمن هو هذا الناقل الأمين؟
أبو حمزة الثمالي من جملة الرجال الأوفياء لأربعة من الأئمة عليهم السلام. ومن يتحلَّ بصفة الوفاء يكن صادقاً، كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة
"الوفاء توأم الصدق"(1). فكانت حياته عامرة بخدمة علوم أهل البيت عليهم السلام، وقضى نحبه من دون أيّ تبدّل أو تحوّل عما كان عليه من استقامة وصدق ووفاء.


*الثّقةُ العدْل
لقد ترجم له معظم علماء الرجال، القدماء منهم والمتأخرون، فذكره الشيخ الصدوق بقوله: "أبو حمزة، ثابت بن دينار الثمالي، ودينار يكون أبا صفية، وهو من حي من بني ثعل، ونسب إلى ثمالة، لأنّ داره كانت فيهم وهو ثقةٌ عدلٌ"(2).
وذكره الشيخ عباس القمي رحمه الله فقال: "الثقة الجليل، أبو حمزة الثمالي، ثابت بن دينار، صاحب الدعاء المعروف في أسحار شهر رمضان، كان من زهّاد أهل الكوفة ومشايخها وكان عربياً أَزْدِيّاً"(3). وكان له ثلاثة من الذكور وهم: نوح ومنصور وحمزة قتلوا مع زيد(4).

*مقامه العلمي
لقد تشرّف أبو حمزة الثمالي بصحبة أربعة من الأئمة عليهم السلاموهم الإمام علي بن الحسين والإمام محمد الباقر والإمام جعفر الصادق وفترة وجيزة مع الإمام موسى بن جعفر عليهم السلام. ولقد وفّرت له هذه الصحبة الشريفة جواً عابقاً من العلم والمعرفة والتقوى والزهد فحمل الكثير من الروايات والأدعية، ثم نقلها إلى الأجيال، ولا زالت مستمرّة إلى زماننا الحاضر عبر الرواة والمحدّثين. قال أبو عمرو الكشي: "سألت أبا الحسن حمدويه بن نصير عن علي بن أبي حمزة الثمالي والحسين بن أبي حمزة الثمالي ومحمد أخويه وأبيه فقال: كلهم ثقاة فاضلون"(5).

*كسلمان في زمانه
لقد نقل في حقه أنه كسلمان في زمانه. وفي كتب أُخر كلقمان، وكلاهما على خير. وبطبيعة الحال أنّ من يوفّق لخدمة أربعة من أئمة أهل البيت عليهم السلاميكن معهم ومنهم. وقد قال فيه ابن شهر آشوب إنّه من خواصّ أصحاب الصادق عليه السلام(6)، وبعد أن ترجم له الشيخ الطوسي في رجاله ذكره في أصحاب السجاد والباقر والصادق عليهم السلام. وقد اختلف على بقائه إلى زمن الكاظم عليه السلام(7). وأما الكشي فقال: "وجدت بخطّ أبي عبد الله محمد بن أحمد بن نعيم الشاذاني قال: سمعت الفضل بن شاذان قال: سمعت الثّقة يقول سمعت الرضا عليه السلام يقول: أبو حمزة الثمالي في زمانه كلقمان (كسلمان) في زمانه وذلك أنه خدم أربعة منّا: علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد عليهم السلاموبرهة في عصر موسى بن جعفر عليه السلام"(8).

*كتبه ورواياته
ذكر له ثلاثة كتب وهي النوادر والزهد وتفسير القرآن، وقد تناقلها العلماء أمثال: الشيخ الطوسي، والصدوق وغيرهما بطرق معلومة، منها ضعيفة ومنها صحيحة. وقد نقل عنه العامة كما نقل عنه الخاصّة، ومن أهمّ ما نُقل عنه الدعاء الذي يُقرأ في أسحار شهر رمضان والذي اشتهر باسمه أي "دعاء أبي حمزة الثمالي"، وكذلك وصلنا من طريقه الرسالة القانونية الموسومة برسالة الحقوق للإمام زين العابدين عليه السلام.

*صاحب كرامة
ليس غريباً عن أمثال أبي حمزة أن تجري له أو على يديه بعض الكرامات، منها ما نقله الكشّي عن هشام بن الحكم عن أبي حمزة قال: "كانت صبيّة لي، سقطت فانكسرت يدها فأتيت بها التميمي، فأخذها، فنظر إلى يدها فقال: منكسرة، فدخل يخرج الجبائر، وأنا على الباب، فدخلتني رقّة على الصبية، فبكيت ودعوت، فخرج بالجبائر فتناول بيد الصبيّة، فلم ير بها شيئاً، ثم نظر إلى الأخرى، فقال: ما بها شيء. قال أبو حمزة: فذكرت ذلك لأبي عبد الله عليه السلام، فقال: يا أبا حمزة وافق الدعاء الرضا فاستُجيب لك في أسرع من طرفة عين"(9).

*عالم بزمان موته
ليس كل إنسان يعلم بزمان موته، ومن يعلم بذلك فمن الله سبحانه وتعالى، وباعتبار أنّ الأئمة المعصومين عليهم السلاممطّلعون على علم المنايا والبلايا، فقد أطلعوا بعض مواليهم على زمان موتهم ومن جملة أولئك "أبو حمزة الثمالي" الذي عرّفه الإمام الصادق عليه السلام بتاريخ رحيله؛ فقد نقل الكشي عن أبي بصير، "قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال: ما فعل أبو حمزة الثمالي؟ قلت: خلفته عليلاً، قال: إذا رجعت إليه فأقرئه مني السلام، وأعلمه أنه يموت في شهر كذا في يوم كذا قال أبو بصير: قلت: جعلت فداك، والله لقد كان لكم فيه أُنس، وكان لكم شيعة، قال عليه السلام: صدقت، ما عندنا خير له. قلت: شيعتكم معكم؟ قال: نعم إن هو خاف الله وراقب نبيّه وتوقّى الذنوب، فإذا هو فعل كان معنا في درجاتنا، قال: فرجعنا تلك السنة فما لبث أبو حمزة إلا يسيراً حتى توفي"(10) واتفقت الروايات على أن وفاته كانت عام 150 للهجرة.

*تراثان ضخمان
لقد وصلنا تراثان ضخمان عن الإمام السجاد عليه السلام عن أبي حمزة الثمالي وهما: رسالة الحقوق، والدعاء الذي يقرأ في أسحار شهر رمضان. جاء في مطلع رسالة الحقوق، قوله عليه السلام: "اعلم رحمك الله، أن لله عليك حقوقاً محيطة بك في كل حركة تحرّكتها أو سكنة سكنتها أو منزلة نزلتها أو جارحة قلبتها، وآلة تصرّفت بها بعضها أكبر من بعض، وأكبر حقوق الله عليك ما أوجبه لنفسه".
وأما الدعاء "دعاء أبي حمزة الثمالي" فقد تضمّن الكثير من المفاهيم العقلية والمعاني الروحية، وبيان الطريق للسلوكيات العملية.


1.نهج البلاغة، الخطبة (41).
2.من لا يحضره الفقيه، الصدوق، ج4، ص444.
3.الكنى والألقاب، عباس القمي، ج2، ص132.
4.تاريخ الكوفة، السيد البراقي، ص451.
5.رجال الكشي، ترجمة أبي حمزة الثمالي.
6.المناقب، ابن شهر آشوب: ج4، ترجمة أبي حمزة.
7.رجال الطوسي، أصحاب الأئمة الأربعة عليهم السلام.
8.رجال الكشي، أبو عمرو الكشي، ترجمة أبي حمزة الثمالي.
9.م.ن.
10.رجال الكشي، ترجمة أبي حمزة الثمالي؛ وخلاصة الأقوال، الحلّي، ص86.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع

H

الرادود محمد الانصاري

2014-08-11 03:16:46

احسنتم