نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

قرأت لك‏


* مجنون عاقل‏
كان في الكوفة رجل خفيف العقل يألف دكّان طحّان ويتسهزى‏ء به الصبيان، وهو يدافعهم حتى يجتمعون عليه ويؤذوه فيغضب ويقول؛ الآن حمي الوطيس، وطاب اللقاء، وأنا على بصيرة من أمري، ثم يثب قائماً ويحمحم ويقول: أرني سلاحي لا أباً لكِ إنني أرى الحرب لا تزداد إلاّ تمادياً ثمّ يتناول قصبة له كالأسد الباسل وهو يقول:
 

أحتفي كان فيها أو سواها

أشدُّ على الكتيبة لا أبالي


ثم يهجم على الصبيان وهم ينهزمون من بين يديه، وإذا لحق أحدهم ترى الصّبي رمى بنفسه على الأرض خوفاً منه فيقف عليه المجنون ولا يتعرّض له بشي‏ء ويقول: عورة مسلم وحِمَى مؤمن ولولا ذلك لهلك عمرو بن العاص يوم صفين، ثم يخاطب الصبيان ويقول لهم: لأسرنّ فيكم سيرة أمير المؤمنين عليه السلام لا أتبع موليّاً ولا أجهز على جريح، ثم يعود إلى مكانه فرحاً مستبشراً كأنّه فتح الحصون الحصينة، والقلاع الصعبة وهو يقول:
 

خشّاش كرأس الحيّة المتوقّد

أنا الرّجل الضرّاب الذي تعرفونه


* كسرى وبزرجمهر
حكي عن بعض التواريخ، أنّه سخط كسرى على برزجمهر فحبسه في بيت مظلم، وأمر أن يصفد بالحديد، فبقي أياماً على تلك الحال، فأرسل إليه من يسأله عن حاله، فإذا هو منشرح الصّدر، مطمئن النفس.
فقالوا له: أنت في هذه الحالة من الضّيق ونراك ناعم البال؟
فقال: اصطنعت ستّة أخلاط وعجنتها واستعملتها فهي التي أبقتني على ما ترون.
فقالوا: صف لنا هذه الأخلاط، لعلّنا ننتفع بها عند البلوى.
فقال: نعم، أمّا الخلط الأول: فالثّقة بالله عزّ وجل.
أمّا الثاني: فكلّ مقدّر كائن.
وأمّا الثالث: فاصبر خير ما استعمله الممتحن.
وأمّا الرابع: فإذا لم أصبر فماذا أصنع؟ ولا أعين نفس بالجزع.
وأمُّا الخامس: فقد تكون أشدّ ممّا أنا فيه.
وأمّا السادس: فمن ساعة إلى ساعة فرج.
فبلغ ما قاله كسرى فأطلقه وأعزّه.

* نبّاش الذنوب والخطايا
روي أن شاباً من الأنصار كان يأتي عبد الله بن العبّاس وكان عبد الله يكرمه ويدنيه.
فقيل له: إنك تكرم هذا الشّاب وتدنيه وهو شاب سوء، يأتي القبور فينبشها بالليالي.
فقال عبد الله بن العبّاس: إذا كان ذلك فأعلموني.
قال " : فخرج الشاب في بعض الليالي يتخلّل القبور فأعلم عبد الله بن العبّاس بذلك.
فخرج لينظر ما يكون من أمره ووقف ناحية ينظر إليه من حيث لا يراه الشاب.
قال: فدخل قبر قد حُفِرَ، ثمّ اضطجع في اللحد ونادى بأعلى صوته: يا ويحي إذا دخلت لحدي وحدي، ونطقت الأرض من تحتي فقالت: لا مرحباً بك، ولا أهلاً قد كنتُ أبغضك وأنت على ظهي فكيف وقد صرت في بطي، بل ويحي إذا نظرت إلى الأنبياء وقوفاً، والملائكة صفوفاً، فمِن عدلك غداً من يخلصني، ومن المظلومين من يستنقذني، ومن عذاب النّار من يجيرني، عصيت من ليس بأهل أن يعصى، عاهدت ربّي.
مرّة بعد أخرى فلم يجد عندي صدقاً ولا وفاء.
وجعل يردد هذا الكلام ويبكي.
فلمّا خرج من القبر التزمه ابن عبّاس وعانقه ثم قال له؛ نعمَ النبّاش، نعم النبّاش، ما أنبشك للذنوب والخطايا ثم تفرقا.

* في طريق مكة
روى حمّاد بن حبيب الكوفي قال: خرجنا حجاجاً فرحلنا من زبالة " اسم موضع " ليلاً، فاستقبلنا ريحٌ سوداء مظلمة، تقطعت القافلة، فتهت في تلك الصحاري والبراري، فانتهيت إلى وداً قفر، فلما أن جنَّ الليل، أويت إلى شجرة عالية، فلما أن اختلط الظلام، إذا أنا بشاب قد أقبل، عليه أطمار بيض، تفوح منه رائحة المسك. فقلت في نفسي: هذا ولي من أولياء الله، متى أحسّ بحركتي خشيت نفاره، وأن أمنعه عن كثير مما يريد فعاله، فأخفيت نفسي ما استطعت، فدنا إلى الموضع، فتهيأ للصلاة ثم وثب قائماً وهو يقول:
" يا من حاز على كل شي‏ء ملكوتاً، وقهر كل شي جبروتاً، أولج قلبي فرح الإقبال عليك، وألحقني بميدان المطيعين لك " .
 

ثم دخل في الصلاة، فلما أن رأيته قد هدأت أعضاؤه، وسكنت حركاته، قمت إلى الموضع الذي تهيأ للصلاة فيه، فإذا بعين تفيض بماء أبيض، فتهيأت للصلاة ثم، قمت خلفه، فإذا بمحراب كأنه بآية فيها ذكر الوعد والوعيد، يرددها بأشجان الحنين، فلما أن تقشع الظلام وثبت قائماً وهو يقول:
" يا من قصده الضالون فأصابوه مرشداً، وأمه الخائفون فوجدوه معقلاً، ولجأ إليه العابدون " العائذون " فوجدوه موئلاً. متى راحة من نصب لغيرك بدنه، ومنى فرح من قصد سواك بهمته؟ إلهي تقشع الظلام ولم أقضِ من خدمتك وطراً، ولا من حياض مناجاتك صدراً، صلِّ على محمد وآل محمد وافعل بين أولى أمرين بك يا أرحم الراحمين " .
يقول حمّاد بن حبيب: فخفت أن يفوتني شخصه، وأن يخفى عليَّ أثره، فلتعلقت به، فقلت له:
بالذي أسقط عنك ملال التعب، ومنحك شدة شوق لذيذ الرعب إلا ألحقتني منك جناح رحمة، وكنف رقة، فإني ضال، وبغيتي كل ما صنعت، ومناي كل ما نطقت، فقال:
" لو صدق توكلك ما كنت ضالاً، ولكن اتبعني واقف أثري " .
فلما أن صار بجنب الشجرة أخذ بيدي، فخيل إليَّ أن الأرض تميد من تحت قدمي، فلما انفجر عمود الصبح قال لي: " ابشر فهذه مكة " .
قال؛ فسمعت الضجة، ورأيت المحجة. فقلت: بالذي ترجوه يوم الآزفة، ويوم الفاقة، من أنت؟
فقال: " أما إذا أقسمت فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين " .


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع