نور روح الله | القلـــمُ أداةُ إصلاح وهداية*‏ مع الإمام الخامنئي | الشباب مظهر أمل يخشاه العدوّ* كفاح الإمام المهديّ عجل الله فرجه في إقامة العدل أخلاقنا | الغضب نار تأكل صاحبها* فقه الولي | من أحكام الخُمس في وجه كلّ شرّ... مقاومة تسابيح جراح | كأنّي أرى تاريخ الشيعة | نفوذ شيعة لبنان في ظلّ الدولة العثمانيّة* شبابيك اجتماعيّة | بيوت نظيفة... شوارع متّسخة! آخر الكلام | “ ما أدري!”

فقه الولي | من أحكام الخُمس

الشيخ علي معروف حجازي


الخُمس فريضة على كلّ مكلّف، وهو تشريعٌ فيه تزكية للمال، وتربية على الإنفاق في سبيل الله.

نعرض في هذا المقال مجموعة من الأحكام المتعلّقة به: تقسيمه أسهماً، وشروط المستحقّ، وموارد الصرف.

* تقسيم الخُمس
يقسم الخُمس ستّة أسهم، وكلّ ثلاثة أسهم هي مجموعة محدّدة:

1. المجموعة الأولى: تسمّى بسهم الإمام، تتضمّن ثلاثة أسهم، هي: سهم لله (تعالى)، وسهم للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وسهم للإمام‏ عليه السلام، وهذه كلّها الآن ملك الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف.

2. المجموعة الثانية: تسمّى بسهم السادة، وتتضمّن ثلاثة أسهم أيضاً: سهم الأيتام، والمساكين، وأبناء السبيل، ممّن انتسب بالأب إلى هاشم الجدّ الأكبر للنبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم.

* الانتساب إلى السادة
يُعدّ السيّد شرعاً من انتسب إلى هاشم الجدّ الأعلى للنبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، بلا فرق في الهاشميّ بين العلويّ والعقيليّ (من أبناء عقيل بن أبي طالب)، وكلّ من انتسب إلى أحد أعمام النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم. وفي ذلك مسائل:

1. إنّ الميزان في ترتّب الآثار والأحكام الشرعيّة للسيادة هو الانتساب من جهة الأب، وليس من جهة الأمّ.

2. كلّ من ينتسب من جهة الأب إلى العبّاس بن عليّ بن أبي طالب L، يكون سيّداً علويّاً هاشميّاً. ويحقّ للسادة العلويّين والعقيليّين من الهاشميّين الاستفادة من المزايا الخاصّة للسادة الهاشميّين، ومنها سهم السادة في الخُمس.

3. لا يُصدّق مدّعي النسب إلّا ببيّنة شرعيّة، ويكفي في ذلك الشياع والاشتهار في بلده، بشرط عدم إنكار أحد نسبته إلى السادة. ولا يكفي وجود وثيقة لأحد الأقارب.

4. يُشترط الفقر في استحقاق سهم السادة من اليتامى السادة. وإذا كان دخل السادة كافياً لمعيشتهم على النحو المتعارف، فلا يستحقّون الخُمس.

* شروط مستحقّي الخُمس
حتّى يستحقّ الشخص الخُمس، يجب توفّر مجموعة شروط:

1. الإيمان: يُشْترط في جميع مستحقّي الخُمس الإيمان، فالعدالة ليست ضروريّة هنا.

2. عدم الإعانة على الحرام: لا يجوز دفعه إلى من يكون المال إعانةً له على فعل الإثم والعدوان، وإغراء له بالقبيح، وفي المنع ردع له عنه. والأحوط وجوباً عدم دفعه إلى المتهتّك المُجاهر بالكبائر إن لم يتحقّق ما سبق، وإلّا فيُحرم.

3. الفقر: يشترط في اليتامى من العامّة (كيتامى السادة) الفقر، فلا يجزي الدفع إلى اليتيم الغنيّ شرعاً.

4. حدود الدفع: الأحوط وجوباً عدم دفع الخُمس إلى المستحقّ بأكثر من مقدار مؤونة سنته. والأحوط وجوباً أن لا يأخذ الزيادة.

* الدفع إلى واجب النفقة
لا يجوز دفع الخُمس إلى من تجب النفقة عليه، كالزوجة، والأبوين، والأبناء. ولا بأس بدفعه إليهم لغير نفقته هو الواجبة، كما لو قدّمه إلى ابنه الفقير لينفق على زوجته.

* تأخير الدفع
لا يجوز تأخير دفع الخُمس مع وجود المال، ولا يجوز للمستحقّ أن يأخذ من الخُمس ويردّه إلى من دفع الخُمس، إلّا في بعض الأحوال، كما إذا كان عليه مبلغ كبير، ولم يستطع سداده بسبب إعساره المستمرّ الذي لا يُرجى زواله، وأراد تبرئة ذمّته، فلا مانع حينئذ أن يأخذ من الخُمس بإذن الحاكم الشرعيّ أو وكيله.

* تقديم رأس السنة الخمسيّة عن موعدها
إذا حسب المكلّف خُمسه ودفعه قبل حلول رأس سنته الخمسيّة بقصد تغيير وقته، فإنّه يتغيّر ويصبح رأس سنته الخمسيّة الجديدة.

* حكم المال الموجود في المصرف
کلّ مقدار یُدَّخر من أرباح السنة، يجب إخراج خُمسه مرّة واحدة. وإنّ ادّخاره في المصرف لأكثر من سنة بصورة القرض الحسن لا یوجب سقوط خُمسه. أمّا إذا لم يتمكّن المكلّف من قبض ماله من المقترِض، ففي هذه الحالة لا یجب علیه إخراج خُمسه فعلاً، بل ينتظر قبضه.

* ادّخار مبلغ لأجل حاجة مستقبليّة
إذا حلّ رأس السنة الخمسيّة، وكان مع المكلّف مقدار من المال يحتاج إليه في أيّامه الآتية بعده، ففي ذلك تفصيل:

1. إذا کان هذا المال المدّخر من أرباح المکاسب، ويحتاجه لتأمین نفقات المعیشة عموماً، فیجب تخمیسه عند حلول رأس السنة الخمسیّة.

2. إذا کان الادّخار لتأمین لوازم ضروریّة للمعیشة، أو نفقات لازمة، وأراد المكلّف إنفاق المال المدّخر في المستقبل القریب، أي خلال بضعة أیّام قلیلة آتیة، لتأمین الأشیاء المذکورة، فلا خُمس فیه.

یختلف «المستقبل القریب» عُرفاً بحسب ما یراد تأمينه، ففي مثل الهاتف المحمول من أربعة إلی خمسة أیّام، وفي مثل السیّارة من أسبوعین إلی ثلاثة أسابیع، وفي مثل المنزل من شهرین إلی ثلاثة أشهر، بمعنى أن یُقال عرفاً إنّ الشراء علی وشك الحدوث.

* راتب لا يكفي للمؤونة
إذا تقاضى المكلّف مبلغاً من المال، وقد حلّ رأس السنة الخمسيّة، ولم يكن كافياً لتأمين نفقات الشهر التالي، فلا يجب تخميسه.

* العازب في كنف والديه
إذا كان للعازب دخل خاصّ به، ولو كان قليلاً، فيجب عليه الخُمس. وينبغي أن يحسب دخل سنته حتّى يخمّس المتبقّي منه آخر السنة. وبداية سنته الخمسيّة تكون عندما يتقاضى أوّل راتب.

* شراء أغراض للاستفادة منها في المستقبل
إذا اشترى المكلّف أغراضاً بأرباح مکاسب السنة للانتفاع بها في المستقبل، ولم تکن مورد حاجة في سنة الشراء، فيجب فیها الخُمس بقیمتها العادلة عند حلول رأس السنة، إلّا إذا کانت ممّا لا بدّ من شرائها تدریجيّاً وادّخارها لیوم الحاجة، بسبب عدم التمکّن من ذلك دفعة واحدة عند الحاجة إلیها، وكان ذلك مقبولاً عرفاً، فإنّها في هذه الحالة تُحسب من المؤونة ولا خُمس فیها.

* خُمس الكفن
إذا اشترى أحد كفناً وهيّأه قبل وفاته، ومرّ عليه الحول (عام كامل)، فلا خُمس فيه.

* استرجاع الهديّة بعد رأس السنة الخمسيّة
إذا قدّم شخص هديّة لآخر بنيّة جدّيّة قبل مرور سنته الخمسيّة، لكنّه بعد مرور السنة الخمسيّة ندم واسترجعها. فإذا اشتراها من دخله السنويّ الذي خمّسه حينها ولم تُحتسب فيه، يجب عليه تخميسها بمجرّد استرجاعها.

* وليّ أمر الخُمس
في ولاية أمر الخُمس صورتان:

أ. يعود أمر سهم السادة وسهم الإمام إلى وليّ أمر المسلمين، فيجب تسليمهما إليه أو إلى وكيله. وإذا أراد المكلّف صرفهما في أحد الموارد المقرّرة، فيجب طلب الإجازة قبل ذلك.

ب. كلّ من يدفع الخُمس استناداً إلى فتوى مرجع تقليده، فذمّته بريئة.

* الخُمس للحوزات
تُعدّ إدارة حوزات العلوم الدينيّة في الوقت الحاضر من موارد صرف الخُمس. أمّا استكمال بناء المساجد، فلا يُدفع الخُمس لأجله، بل يمكن تمويل ذلك من التبرّعات.

ختاماً، إنّ الالتزام بأحكام الخُمس يضمن تحقيق مكاسب الشريعة في العدالة والتوازن الاجتماعيّ.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع