نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مناسبة: الشيخ فضل مخدّر.. رائدُ الثقافة والأدب

تحقيق: أحمد شعيتو


الشيخ الشاعر، والكاتب والروائيّ، وجامع الشعراء، وصدى الناس والمقاومة، ألقاب متعدّدة لرجل واحد؛ إنّه سماحة الشيخ فضل مخدّر.

في مثل هذه الأيّام من العام الماضي 2021م، غادر الشيخ عالمنا بعد مرض ألمّ به، فأفل نجم لمع في لبنان وخارجه بما كان له من مناقب ومن نشاط متّقد حتّى أيّامه الأخيرة؛ كتابةً، وتأليفا،ً وعلماً، وحراكاً ثقافيّاً، ولقاءات أدبيّة وشعريّة زاخرة.


•موسوعة أدبيّة
كان سماحته صاحب الكلمة المقاومة، والمسيرة الفكريّة، والدينيّة، والأدبيّة ذات عناوين متنوّعة: أهل البيت عليهم السلام، والجهاد والمقاومة، والقيم والمبادئ، والإنسان والمرأة، وتنمية المجتمع، وقضايا الحياة المختلفة..

كان (رحمه الله) نائب أمين عام اتّحاد الكتّاب اللبنانيّين، ورئيس الملتقى الثقافيّ اللبنانيّ ومنتدى جبل عامل ومنتدى أدب المقاومة، وعضواً في منتديات أخرى، وأيضاً منسّقاً عاماً لـ "جائزة سليماني العالميّة للأدب المقاوم" في "جمعيَّة أسفار للثقافة والفنون".

من مؤلّفاته: "صلة تراب"، و"طواف الروح"، و"شقشقة قلم"، و"إسكندرونة"، و"نصوص مسكونة"، و"الحاكم عند الفارابي"، و"يا صاحبي"، و"المنذور"، و"لو يحكي"، و"كهف العاشقين". 

•كلماتٌ وشهادات 
قد نجد كثيرين ممّن يحبّون أن يستعيدوا معنا بعضاً من صفات الشيخ مخدّر وأثره وذكرياته، وقد تَحدّثنا، لهذه الغاية، مع بعض المقرّبين منه والعارفين به. 

1. "إنّه الحبّ": يقدّم الشاعر عبّاس عيّاد، (نائب رئيس الملتقى الثقافيّ اللبنانيّ وأحد الأصدقاء المقرّبين من سماحته)، شهادة عن الشيخ، لا يغيب عنها تأثّره، ولا تخلو من تعابير وجدانيّة مميّزة. فيقول لمجلّة "بقيّة الله": "إنّنا عندما نتكلّم عن الشيخ، نتكلّم عن جمال الفكر والقلب والأخلاق والإنسانيّة والدين، وتأخذنا صور ذكراه إلى عالم نرى فيه النجوم تسبح في خلوات الحبّ. الشيخ فضل شخصيّة مميّزة؛ إذ إنّه وُجد في زمان القسوة، فكان هو الحبّ، ووُجد في زمان أُضعف الشعر فيه، فكان هو الكبرياء الشعريّ، وكانت الألفة غايته".

يصف الأستاذ عيّاد سماحة الشيخ بأنّه "فقيد الأخوّة والمحبّة، الذي يحتاج إليه كلّ من يريد الوصول إلى كمال أدبيّ وخلقيّ. وقد لعب دور الثقافة الأصيلة، حتّى أنّه أصبح بعمّته رجلها".

"إنّه مجموعة رجال في رجل واحد، وصاحب مواهب متعدّدة"، يصفه الأستاذ عيّاد، مضيفاً: "كان يعرف (رحمه الله) كيف يتعامل مع الناس من مختلف الانتماءات والمشارب، ويقودهم إليه؛ فكلّ من اختلف معه بفكره، كان ينظر إليه سماحته بنظرة تملؤها المحبّة، ويقابله بدماثة أخلاقه وطيب كلامه، فيقتنع الطرف الآخر بما يقول".

ويتابع عيّاد قائلاً: "وأنا أتحدّث عنه، أشعر أنّ قلبي يودّ أن ينطق بدلاً من لساني؛ لأنّه يعبّر عن أصدق المشاعر تُجاه رجل يجذب القلوب. لقد زرع فينا الشيخ خلوده ما دُمنا على وجه الأرض، وإنّني أحمد الله أنّني كنت معه في ميادينه الأدبيّة والشعريّة، فكنت شاهداً كيف كان يسحر الآخرين بكلامه المعسول بحبّ أهل البيت عليهم السلام والمقاومة. 

2.عملٌ دؤوبٌ: بدوره، الشاعر والإعلاميّ محمّد علّوش، مدير ملتقى الألوان الفنيّ وعضو الهيئة الإداريّة للملتقى الثقافيّ اللبنانيّ، يقول للمجلّة: "علاقتي به كان عنوانها الودّ، كما هو الحال مع كلّ من عرفه؛ إذ كان يحرص أن يكون قريباً من كلّ من عرفهم، عبر التواصل معهم، والسؤال عنهم، ومتابعة أنشطتهم". 

ويضيف الأستاذ علّوش: "كان الشيخ (رحمه الله) يحرص في الاجتماعات على متابعة أدقّ التفاصيل وعدم وجود أيّ ثغرات، في جوّ من النقاش الجماعيّ، وكان مستمعاً جيّداً، ويأخذ بآراء الجميع ويستشيرهم في الجلسات، حول الأنشطة والاستضافات ومختلف الأمور".

ويشير علوش إلى "روح الشيخ الجميلة واللطيفة والفكاهيّة التي كانت تقرّب الناس منه"، فضلاً عن أنّه "كان خدوماً؛ فإذا قصده أحد في أمر، كان يلبّيه بسرعة".

وعن بصمته ودوره الأدبيّ، يقول علّوش: "كان سماحته حريصاً على تطوير مواهب الشباب ومشاركاتهم الخارجيّة، وتكريمهم؛ فقد كان يهتمّ بموضوع الشباب وبإبراز مواهبهم عبر مؤسّسة ضخمة للشعر مهمّتها تطوير الشعراء. كما تميّز بمروحة علاقاته المحليّة والخارجيّة الواسعة؛ فكان همزة وصل بين الشعراء، كما كان لديه أصدقاء، من الشعراء وغيرهم، في كلّ بلد عربيّ". 

وعن الأثر الذي كان يتركه سماحته، يقول علّوش: "كنّا نعيش أجواء أعراس ثقافيّة وأدبيّة بوجود سماحته"، مشيراً إلى أنّه كان يتمّ "تنظيم مهرجانات كبيرة واستضافة شخصيّات أدبيّة من نخبة الشعراء والأدباء في العالم العربيّ والإسلاميّ، مثل مصر والجزائر وتونس والعراق وسوريا وغيرها". 

3. منارةٌ للأدب: أمّا الشاعر المصريّ المعروف، أحمد بخيت، فيقول: "إنّ الشيخ فضل مخدّر كان قيمةً ثقافيّةً وإنسانيّة كبيرة شعّ نورها في لبنان شاعراً وأديباً وروائيّاً وأباً روحيّاً لشعراء لبنان الشباب، وقد احتوى بحبّه ولطفه أهمّ شعراء العالم العربيّ في حضن لبنان؛ حتّى أصبح منارةً لبنانيّة لامعة". ويضيف الأستاذ بخيت: "إنّ حكمته ولطفه وبشاشته وقدرته الفائقة على استيعاب كلّ خلاف في الرأي، كان أمراً جديراً بالمحبّة والاحترام والتقدير"، معتبراً أنّ "فقده شكّل خسارة كبيرة للبنان، وسيبقى أثره الطيّب في قلوب محبّيه لسنوات طويلة قادمة".

•كنهرٍ جار
هكذا كان سماحة الشيخ الشاعر، الذي سيبقى اسمه حاضراً وآثاره وأعماله مستمرّة كنهرٍ جارّ، نهل، ولا يزال ينهل منه، كلّ متعطّش إلى العلم والأدب والقيم. 

وقد خلّف رحيله حسرةً واشتياقاً في قلوب كلّ من عرفوه، لما كان له من هذه الروحيّة الجميلة وكفاءته العالية. ويعزّي أحبابه أنفسهم بمن يسيرون في نهجه، ويحفظون ذكراه وإرثه الغنيّ من الأوفياء له، وممّن تربّوا في مدرسته، ويواصلون عبرها طريق النجاح.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع