مع الإمام الخامنئي | لا تنبهروا بقوّة العدوّ* نور روح الله | لو اجتمع المسلمون في وجه الصهاينة* كيف تكون البيعة للإمام عند ظهـوره؟* أخلاقنا | كونوا مع الصادقين* الشهيد على طريق القدس عبّاس حسين ضاهر تسابيح جراح | إصابتان لن تكسرا إرادتي(1) على طريق القدس | «اقرأ وتصدّق» مشهد المعصومة عليها السلام قلبُ قـمّ النابض مجتمع | حقيبتي أثقل منّي صحة وحياة | لكي لا يرعبهم جدار الصوت

الربا والمضاربة في الإسلام

علي عبد المنعم طالب


* أولاً: الربا:
وهو من الكبائر العظام، وقد ثبتت حرمته بالكتاب والسنّة وإجماع المسلمين، قال تعالى: ﴿وأحَل الله البَيْعَ وَحرَمّ الرّبَا﴾ وورد عن أمير المؤمنين عليه السلام قوله: "لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الربا وآكله وبايعه ومشتريه وكاتبه والشاهد عليه"، وقيل للإمام الصادق عليه السلام أنّ فلاناً يأكل الربا ويسمه اللبا، قال عليه السلام: "لإن أمكنني الله منه لأضربنّ عنقه".
ويتحقّق بشراء جنس بجنس مثله مع زيادة، أو بالإقتراض كذلك، وبهذا يتبين أو الربا على قسمين:

* أقسامه:
الأول: ربا المعاملة، كبيع الذهب بالذهب مع زيادة أو الفاكهة والحبوب واللبن وغيرها بمثله مع زيادة وإن اختلفا في الصفات والخواص شرط كون الجنسين مع المكيل والموزون، فلا ربا في المشاهد والمعدود كالآليات المختلفة وأنواع الألبسة والكتب وجوز الهند ونحو ذلك.
الثاني: ربا القرض، وهو أن يقرض الإنسان شيئاً ويشترط على المقترض المنفعة من وراء القرض، سواء كانت المنفعة من جنس الذي اقترضه كمن يقترض مائة ألف ليرة على أن يردّها مائة وعشرة آلاف، أو من غير جنس الذي اقترضه كما لو أقرضه خمسين ألف ليرة على أن يردها كذلك بإضافة قميص مثلاً.
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "كل قرضً جرّ منفعة فهو ربا".
إمّا لو تبرع المقترض بالزيادة من تلقاء نفسه ومن غير شرط فلا بأس، بل يستحب له أن يؤدي زائداً لأنّه من حسن القضاء.

* مسائل في الربا:
• لا ربا بين الوالد وولده، والرجل وزوجته والمسلم والكافر مطلقاً (1).
• كلّ شيء مع أصله بحكم الجنس الواحد في الربا وإن اختلفا في الاسم كالحليب واللبن، والحنطة والشعير.
• القرض المشروط بالزيادة صحيح لكن الشرط باطل وحرام، ومعنى ذلك جواز الاقتراض من البنك الربوي مع عدم الزيادة إذا أمكن، أو عدم النية في الدفع.
• إذا اشتبه على التاجر حكم مورد معيّن أنّه حلال أو حرام وجب الاجتناب عنه فوراً حتّى يتبين حكمه، وكذلك لا تجوز التجارة في أيّ مورد يحتمل فيه الربا إلاّ بعد التأكد من الحلية.
• لا إشكال في جوزا بيع التقسيط مع زيادة في السعر كما هو المتعارف اليوم عند البائعين، لكن لا يجوز شراء أيّ شيء من البائع على أساس أنّ البيع نقدي ثمّ يطلب منه المشتري أنّ يؤخر الثمن إذا لم يقبل التأجيل إلاّ مع زيادة، لأنّ هذا العمل في الحقيقة يصبح عبارة عن إقراض البائع الثمن إلى المشتري مع زيادة وهو عين الربا المحرّم.

ثانياً: المضاربة:
إذا اتفق اثنان على أن يكون المال من أحدهما والعمل بهذا المال في التجارة من الآخر والربح بينهما بالنصف أو الثلث أو نحو ذلك سمي هذا الاتفاق "مضاربة" ومصدر التسمية قوله تعالى:  ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾

هذا النوع من المضاربة أصبح متداولاً اليوم عند كثير من التجار تحت عنوان "الاستثمار والتمويل" وطريقته أن تدفع مالاً إلى تاجر البناء مثلاً على أن يكون لك نسبة معينة من مجموع أرباح هذا البناء المعين، ولا الإشكال إذا اتفق الطرفان على أن يأخذ صاحب المال الطرفان على أن يأخذ صاحب المال مقداراً معيناً على أمواله مع غضّ النظر عن الخسارة والربح، أي سواءً ربح التاجر أم خسر، لأنّ هذا في الحقيقة عبارة عن إقراض المال مقابلة عوض معين وهو عين الربا المحرّم.
ويجوز أن يكون كلّ من المالك والتاجر أكثر من واحد فيعطي الرجل ماله لاثنين أو أكثر على سبيل المضاربة أو يعطي عدّة رجال مثلاً أموالهم إلى تاجر واحد للمضاربة كذلك.
الدليل على مشروعية المضاربة قوله تعالى:  ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ .
وسئل الإمام الصادق عليه السلام عن الرجل يقول لآخر أبتاع لك متاعاً والربح بيني وبينك قال عليه السلام: "لا بأس".

* شروطها:
يشترط في المتعاقدين البلوغ والعقل والاختيار، فلا تصح المضاربة من الصغير والمجنون والمكره.
يشترط في رأس المال أن يكون عيناً كالذهب والفضّة والأوراق النقدية المتداولة، وأن يكون معيناً ومعلوماً قدراً ووصفاً.
يشترط في الأرباح أن تكون مقدّرة لكلّ منهما بنسبة معيّنة كالنصف والثلث والربع ونحو ذلك.

*مسائل في المضاربة:
• عقد المضاربة كبقية العقود يحتاج إلى الإيجاب من المالك والقبول من العامل، ويتحقّقان بكلّ ما دلّ عليهما من قولٍ أو فعل.
• عقد المضاربة جائز من الطرفين، بمعنى أنّه يجوز لكلّ طرف فسخ المعاملة متى شاء إلاّ إذا اشترطا عدم الفسخ لأنّ "المؤمنون عند شروطهم".
• تجري في المضاربة الفضولية والمعاطاة كما تجري في البيع.
• العاملُ أمين لا يضمن التلف الطارئ على المال إلاّ مع التعدي أو التفريط.
• تبطل المضاربة بموت كلّ من التاجر أو المالك أو بتلف المال قبل المباشرة بالتجارة.
• يجبر الخسران والتلف الوارد على مال المضاربة من الربح ما دامت المضاربة جارية إلى أن تقسّم الأرباح.

* الفرق بين المضاربة والربا:
بات واضحاً ممّا تقدم الشبه الكبير بين الربا والمضاربة، فربا القرض المحرّم هو إعطاء المال بشرط الزيادة كما هو المتعارف اليوم في المصارف والبنوك، والمضاربة المحلّلة هي إعطاء المال بشرط نسبة معيّنة من الأرباح على التفصيل الذي مرّ آنفاً.
إذن منعاً لحصول الإلتباس بين الموردين نذكر الفوارق التالية:
1- في الربا ينقطع ارتباط صاحب المال بماله بينما في المضاربة ارتباط المالك برأسماله محفوظ وهو صاحب رأي في تشغيله.
2- مقدار الربح في الربا يكون ثابتاً ومعيناً من أول الأمر بينما في المضاربة يكون متفاوتاً بحسب الربح الحاصل من التجارة.
3- في الربا لا يتلقى رأس المال أيّة خسارة ولكن في المضاربة يكون المال معرّضاً للربح والخسارة وغير ذلك.
4- مع بطلان المضاربة يكون رأس المال وجميع الأرباح متعلقة بصاحب المال، ولا يثبت للعامل سوى أجرة المثل ولا يوجد ذلك في الربا.
 

 

(1) هو ربا موضوعاً ولكن نُزّل بمنزلة عدم الربا بترخيص من الشارع
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع