صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

أوّل الكلام: لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ

السيّد علي عبّاس الموسويّ


عن أمير المؤمنينَ عليه السلام مخاطباً اللهَ عزّ وجلّ: "أنْتَ الْمُنْتَهَى فَلَا مَحِيصَ عَنْكَ، وأَنْتَ الْمَوْعِدُ فَلَا مَنْجَى مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، بِيَدِكَ نَاصِيَةُ كُلِّ دَابَّةٍ، وإِلَيْكَ مَصِيرُ كُلِّ نَسَمَةٍ"(1).

إنّ غايةَ ما سيصل إليه الإنسان، ويشكّل نقطة رجوعه الأخيرة، هي اللهُ عزّ وجلّ، قالَ تعالى: ﴿وأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى﴾ (النجم: 42)، كما قال تعالى: ﴿إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً﴾ (المائدة: 48).

والمطلوبُ في ما وردَ من تعاليم أهل البيت عليهم السلام، أنْ يعتقدَ الإنسانُ بذلك حقيقةً، وأن يستحضرَهُ في مفردات هذه الحياة. وقد حكى اللهُ عزّ وجلّ قصّةَ جماعةٍ تنزَّلت عليهم التوبةُ منه عندما علموا أنّهم لا خلاصَ لهم إلّا بالعودة والانقطاعِ إليه، قال تعالى: ﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ﴾ (التوبة: 118)، وهو ما ذكرَهُ الإمام عليّ عليه السلام في بداية كلامنا هذا.

ومن اللّطف الإلهيِّ بهذا الإنسان، أنّ اللهَ عزّ وجلّ، ومن خلال أنبيائه ورسله وكُتُبه، أخبرَ الإنسانَ بهذه النهاية، وجعلَها موعداً له، وطلبَ إليه أن يتزوّدَ في هذه الدّنيا لساعة الّلقاء تلك، فالموعد إلى الله عزّ وجل، ولا نجاةَ لأحدٍ منهُ، "فَلَا مَنْجَى مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ".
وذلك كلُّه لأنّ الله عزّ وجلّ خالقُ السّمواتِ والأرض، تقعُ تحت قدرته الأشياءُ كلُّها، فما من مخلوقٍ إلّا وأمرُهُ بيد الله عزّ وجلّ، ونفسُهُ تحت سلطان الإرادة الإلهيّة، فهي جميعاً تحت مُلك الله، وتحت تصريف قُدرته، قال تعالى: ﴿ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها﴾ (هود: 56).

وهذا يعني، أنّ على الإنسان إذا أراد الأمانَ في هذه الدّنيا منَ الآفاتِ والبلاءاتِ، أن يلجأ إلى الله عزّ وجلّ مع الأخذ بالأسباب الطبيعيّة، فكما أنّ معادلةَ النّصرِ الإلهيِّ تعني تنزُّلَ النصر من الله عزّ وجلّ إذا انتصرَ الإنسانُ لله عزّ وجلّ ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ﴾ (محمّد: 7)، كذلك الأمانُ من الآفات والبلاءات، فإنّه يأتي من الله عزّ وجلّ عندما يستكمل الإنسانُ شروطَهُ الطبيعيّةَ الماديّةَ والمعنويّةَ الإلهيّة.

ومن الأسبابِ المعنويّةِ، العودةُ إلى الله اعتقاداً وإيماناً راسخاً بأنّ الأمورَ كلَّها بيده، فقد وردَ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: "أمانٌ لأمّتي منَ الهمّ: لا حولَ ولا قوةَ إلّا بالله، لا ملجأَ ولا منجى من اللهِ إلّا إليه"(2).

وكذلك التوسُّل بالنبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام، ولا سيّما مولانا صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، الحبل المتّصل بين الأرض والسماء، وباب الله الذي منه يؤتى، وبالأولياء الصالحين المقرّبين إلى الله عزّ وجلّ.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين.


(1) نهج البلاغة، الخطبة (109)، ص 158.
(2) مكارم الأخلاق، الطبرسيّ، ص 443.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع