أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

قضايا معاصرة: 1559 أبعد من قرار

أحمد دروبي

 



اتخذ مجلس الأمن الدولي في جلسته رقم:5028؛ تاريخ: 2/أيلول/2004م؛ القرار رقم:1559م؛ والذي يتضمن البنود التالية:
1- التأكيد مجدداً على المطالبة بالاحترام التام لسيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي تحت سلطة حكومة لبنان بدون منازع في جميع أنحاء لبنان.
2- مطالبة جميع القوّات الأجنبية المتبقية بالانسحاب من لبنان.
3- الدعوة إلى حل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها.
4- تأييد بسط سيطرة حكومة لبنان على جميع الأراضي اللبنانية.
5- الإعلان عن التأييد لعملية انتخابية حرة ونزيهة في الإنتخابات الرئاسية المقبلة تجري وفقاً لقواعد الدستور الموضوعة من غير تدخل أو نفوذ أجنبي.
6- مطالبة جميع الأطراف المعنية بالتعاون تعاوناً تاماً وعلى وجه الاستعجال مع مجلس الأمن من أجل التنفيذ الكامل لهذا القرار ولجميع القرارات ذات الصلة بشأن استعادة لبنان لسلامته الإقليمية وكامل سيادته واستقلاله السياسي.
7- الطلب إلى الأمين العام أن يوافي مجلس الأمن في غضون ثلاثين يوماً بتقرير عن تنفيذ الأطراف لهذا القرار، وعلى أن تبقى المسألة قيد نظره الفعلي.
يثير القرار:1559 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، جملةً من الملاحظات القانونية نوجزها بالآتي:

1- إخلال مجلس الأمن بمبدأ تراتبية وشرعية القواعد الدولية من خلال مخالفة بناءات القرار:1559 لمضمون إتفاقية دولية: تُعتبر معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق بين لبنان وسوريا التي صدرت في لبنان بموجب القانون رقم:57؛ تاريخ:29/5/1991م، بمثابة الإتفاقية الدولية التي تسمو على أحكام القانون اللبناني الداخلي، والتي لها الصفة الإلزامية على الصعيدين الداخلي والخارجي، والتي تتقدم في مجال التطبيق على غيرها من القواعد الدولية، بما فيها قرارات مجلس الأمن. ذلك أن قرارات مجلس الأمن هي بمثابة القرارات التنفيذية التي يجب أن تتقيّد بالأحكام والنصوص الدولية المرعية الإجراء، بما فيها المعاهدات التي هي المصدر الأول لمصادر القانون الدولي.وبالتالي فإنه ليس لمجلس الأمن أن ينقض اتفاقية دولية بموجب قرارٍ صادرٍ عنه، وإن فعل ذلك، فإنه يكون قد أخلّ بتراتبية وشرعية القواعد الدولية، وهذا ما حصل فعلاً مع صدور القرار:1559. حيث طالب القرار المذكور بانسحاب جميع القوات الأجنبية من لبنان، وذلك دون تمييز بين القوات السورية والقوات الإسرائيلية، ومعلوم أنه وفقاً لأحكام المادة: 4 من إتفاقية الأخوة والتعاون والتنسيق بين لبنان وسوريا، فإن الوجود العسكري السوري في لبنان قد أعيد تحديد طريقة انتشاره برضى الفريقين المتعاقدين، وضمن إطار سيادتهما واستقلالهما، وبالتالي كان الوجود السوري في لبنان مرعياً بأحكام هذه الإتفاقية الدولية، التي حددت آلية لإنسحاب القوات السورية وهي أن يتم ذلك عبر لجنة عسكرية "لبنانية-سورية" مشتركة، وبالتالي فإن على مجلس الأمن أن يأخذ بعين الإعتبار ما ورد في أحكام هذه المعاهدة لتحديد المقصود أصلاً بأي قوة أجنبية توجد على الأراضي اللبنانية، فقوات الطوارئ الدولية هي قوات أجنبية ولكن تجد مبررات وجودها بمسوغ قانوني فيتساوى معها بذلك الوجود السوري لجهة السند القانوني الدولي المبرر لهذا الوجود، في الوقت الذي يجب أن يتوجه فيه مثل هذا القرار إلى كل قوة أجنبية توجد على الأراضي اللبنانية دون أي سند شرعي قانوني (كما هو الحال بالنسبة للقوات الإسرائيلية الموجودة في مزارع شبعا).

2- في الخطأ القانوني حول توصيف القوات العسكرية الموجودة في لبنان: جاء في القرار:1559 أنه: "يعبر عن بالغ قلقه لاستمرار وجود الميليشيات المسلحة في لبنان، والتي تمنع الحكومة اللبنانية من ممارسة سيادتها الكاملة على التراب اللبناني بأكمله"، وفي البند 3 منه:" يدعو إلى حل ونزع أسلحة الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية كافة ". وعند النظر إلى الواقع السياسي اللبناني، من خلال قراءة الخطاب الرسمي اللبناني عبر مؤسساته الدستورية، وعبر تصريحات كبار مسؤوليه أمام المجتمع الدولي وبخاصة الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، نجد أن الثابت الوحيد غير المتغير في هذا الخطاب هو دعمه المطلق وغير المحدود لعمليات المقاومة ضد العدو الإسرائيلي، وخلف هذا الموقف برز التفاف شعبي عارم حول المقاومة، بحيث أنه لم يشهد التاريخ اللبناني أمراً توافق حوله اللبنانيون مثل اتفاقهم على ضرورة مقاومة العدو الإسرائيلي، وهذا ما أعطى الشرعية والغطاء السياسي المطلوب لكل المقاومين، وبالتالي فإن قرار مجلس الأمن رقم:1559 بما يتضمنه من توصيف للمقاومة بأنها ميليشيا مسلحة تعيق ممارسة الحكومة سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية هو قرار مجانب للصواب ومشوب بالخطأ الفادح. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن مطالبة القرار:1559 بنزع سلاح المقاومة، هو برأينا يدخل في باب إلزام لبنان بتقديم تنازلات لإسرائيل، هي في الأصل مطالب إسرائيلية، بصورة منفردة ومن جانب واحدٍ، وذلك دون التفات إلى قضايا اللاجئين الفلسطينيين والجولان وشبعا، والأسرى اللبنانيين والعرب في السجون الصهيونية، الأمر الذي يشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي اللبناني، كما أنه يخالف ما التزم به لبنان في إتفاقية الدفاع العربي المشترك، التي أعيد التذكير بها في المادة الخامسة من إتفاقية التنسيق والتعاون بين لبنان وسوريا، التي نصّت على المصير المشترك والمصالح المشتركة القائمة بين البلدين.

3- في عدم جواز تدخل مجلس الأمن في قضايا الإنتخابات الرئاسية في لبنان: جاء في حيثيات القرار:1559 أنه: "إذ يضع في اعتباره الإنتخابات الرئاسية القادمة ويؤكد أهمية إقامة انتخابات حرة وعادلة وفقاً للقواعد الدستورية اللبنانية من تدون تدخل أو تأثير خارجي". كما ورد في البند الخامس من هذا القرار" أنه يعلن دعمه لإجراء عملية انتخابية حرة وعادلة في الإنتخابات الرئاسية اللبنانية القادمة وفقاً للقواعد الدستورية اللبنانية من دون تدخل أو تأثير خارجي". ومن المعلوم أن الشأن الإنتخابي هو من الشؤون الداخلية التي حظر ميثاق الأمم المتحدة على مجلس الأمن التدخل فيها، حيث ورد في الفقرة:7 من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة أنه: "ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما، وليس فيه ما يقتضي الأعضاء أن يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحل بحكم هذا الميثاق". وتعني الفقرة الأخيرة أنه حتى ولو عرضت إحدى الدول قضية داخلية على إحدى هيئات الأمم المتحدة بما فيها مجلس الأمن فإن على مجلس الأمن ردّ هذه القضية لعدم الإختصاص. وبالتالي فإن مجرد إقدام مجلس الأمن من خلال القرار:1559 على إثارة مسألة الإنتخابات في لبنان يعتبر بمثابة تدخل سافر في شؤون لبنان الداخلية، وذلك مع أنه كتب في ذات الحيثية المشار إليها أعلاه بأن هذه الإنتخابات يجب أن تجرى من دون تدخل أو تأثير خارجي، فإذا بهذا القرار يكتب عن عدم التدخل وهو بذاته من يتدخل في العملية الإنتخابية عبر تحديد مسارها، فكيف إذاً يرفض أمراً هو من وقع فيه؟!. لكل هذه الأسباب المذكورة سابقاً، فإننا نطالب مجلس الأمن بتصويب ما ورد في حيثيات قراره الرقم:1559 لجعله أكثر انطباقاً على الواقع الفعلي في لبنان بمحيطه الإقليمي والدولي، ومنسجماً مع الأحكام القانونية النافذة والملازمة على الصعيد الدولي، وعلى رأسها ميثاق الأمم المتحدة والإتفاقيات الدولية المرعية الإجراء.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع