محمود علي كريِّم
بمناسبة رحيل شيخ العرفاء آية الله الشيخ محمد تقي بهجت رضوان الله تعالى عليه
لَنْ أعذُلَ الدَهرَ يَا دَهْراً بِهِ الغِيَرُ |
وألطُمَ الوَجْهَ مَثْكُولاً بِمَنْ حُمِلوا |
وأُشرِعَ الشِعرَ للأَطْلالِ إنْ عَبَثَت |
سَأحْمِلُ الفَقْدَ نَاراً فَوْقَ راسِيَةٍ(1) |
تُضِيءُ دَربَاً وَتهدِي كُلَّ قافلةٍ |
سَأرفَعُ الرأسَ فِي تأبِينِهِ فَخِرَاً |
وأنْدُبَ المَوْتَ غَايَاتُ الوَرَى حُفَرُ |
عَلَى الجُفُونِ ودَمعُ القَلبِ مُنهمِرُ |
فِيهَا صُرُوفُ الرَدَى أوْ حُتِّم القَدَرُ |
لِكَي تُضِيءَ لِمَن فِي لَيْلِهِم ضَجَرُ |
تَخِيطُ نُورَاً وَمِنهَاجَاً لِمَن عَثَروا |
فَعِمَّةُ الطُهرِ لا يَبْلَى لهَا أثَرُ |
****
وَكيفَ تَبْلى ونُورُ الله يغْمُرُهَا |
وكَيْفَ تَمضِي إلى الأجْدَاثِ(2) وهِيَ هُدىً |
وَكَيفَ تُوضَعُ للبَاكِين رَاكِعَةً |
ألا سَتُرفَعُ فَوْقَ النَعْشِ ثاكِلةً |
إنَّ الغُروبَ وإنْ أدمَى بِنَا مُقَلاً |
وَدَيدَن ُالنُورِ: يَعلو ثم يَنـتـشِرُ |
وَهَل رَأيْتَ هُدىً فِي التُربِ يَنْدثِرُ |
وَكَانَتِ الجِسرَ للعُبَّادِ إن عَبَروا |
كَرِفْعَةِ الشَمْسِ حتَّى حِينَ تَنْكَسِرُ |
فَقَد أشَارَ لفَجْرٍ بَاتَ يُنتظَرُ |
****
لِمَنْ سأرفع آيَاتِ الدُعَاءِ بِأنْ |
وكَيْفَ أوزِنُ بينَ العَقْلِ حَيْثُ دَرَى |
وكَيفَ أرقُبُ فِي قُمٍّ مَوَاضِعَها |
أَرَاهُ يَمْشِي كعِيسَى فِي أزِقَّتِهَا |
وكُنْتُ أنْظُرُ فِي وَجْهٍ عَلاهُ تُقَىً |
أرَاقِبُ الذِكْرَ وَالشَفَتَيْنِ فِي عَجَبٍ |
وَسَاعَةَ الفَجْرِ إنْ صَلى عَلَى مَهَلٍ |
وَحِينَ يَقْصُدُ أمْنَ الله فِي حَرَمٍ |
أرَى قِبَاباً عَلَى نَعْشِ التَقِّيِ حَنَتْ |
إلِى الخُلُودِ وقُربِ الطَاهِريْنَ مَضَى |
يُسَدَّ ثَلْمٌ وكَسْرٌ ليْسَ يَنْجَبِرُ |
أنَّ الخُلودَ لَهُ والقَلبُ مُنكَسِرُ |
وَكُلُّ شِبرٍ بِهَا مِن ذِكْرِهِ صُوَرُ |
وَحَوْلَهُ النَاسُ مَشْدُودٌ وَمُنْأسِرُ |
فَأُدرِكُ الأجْرَ إمَّا فَاتَنِي السَحَرُ(3) |
وبِشْرَ وَجْهٍ لمَنْ مَرّوا وَمَنْ حَضَرُوا |
وَشَدَّهُ الشَوْقُ حتَّى كَادَ يَنْحَسِرُ |
أكَانَ يَدْرِي بِمَا يَأتِي وَيَنْتَظِرُ!؟ |
تَقُولُ أهلاً بِمَنْ فِي أمْنِهَا خَطَرُوا(4) |
فَرِيدَ دَهْرٍ بِهِ الأزْمَانُ تَفْتَخِرُ |
*****
(1)الراسية: الجبال العالية.
(2)الأجداث: القبور.
(3)إشارة إلى الحديث الشريف: النظر إلى وجه العالم عبادة.
(4)خطروا: حلَّوا ضيوفاً.