صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

الخطوط العامة للفكر الإسلامي في القرآن: التوحيد

السيد علي الخامنئي دام ظله

* التوحيد: نفي العبودية لغير الله

إن دائرة التوحيد ونهجه في الحياة وفي النظام الاجتماعي تتضح أكثر من خلال التدبر في بعض الآيات التي تتناول التوحيد والشرك. والقرآن الكريم يعتبر أن عدم عبادة غير الله إلا تكفي ليكون الإنسان موحداً وإنما يضيف عليها شروطاً أخرى... ومنها عدم إطاعة أعداء الله والطواغيت.

وهذا الأمر واضح في القرآن إلى درجة أن الطاعة والأتباع وردت في بعض الموارد تحت عنوان العبادة، وأن أولئك الذين يطيعون غير الله مشركون. وبهذا البيان يمكن التعبير عن عبادة الله التي هي روح التوحيد "بالعبودية والطاعة المنحصرة بالله" وأن عبودية وطاعة غير الله تعد شركاً.. سواء في الأوامر الشخصية، أو في القوانين العامة أم في شكل النظام الاجتماعي وكيانه.
ويتجلى التوحيد بهذا البيان الواضح في آيات عديدة: ﴿أفغير الله أبتغي حكماً وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلاً، والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق، فلا تكونن من الممترني *، تمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم * وأن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن بيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون * إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين * فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين * وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصّل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه، وإن كثيراً ليضلون بأهوائهم بغير علم، إن ربك هو أعلم بالمعتدين * وذروا ظاهر الإثم وباطنه، إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون * ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق، إن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم، وإن أطعتموهم إنكم لمشركون. (الأنعام: 114-121).

﴿وأزلفت الجنة للمتقين * وبرزت الجحيم للغاوين * وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون * من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون * فكبكبوا فيها هم والغاوون * وجنود إبليس أجمعون * قالوا وهم فيها يختصمون * تالله إن كنا لفي ضلال مبين * إذ نسويكم برب العالمين * وما أضلنا إلا المجرمون * فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم * فلو أن لنا كرةً فتكون من المؤمنين * إن في ذلك لآية، وما كان أكثرهم مؤمنين. (الشعراء:90-103).


* التوحيد ونفي الطبقات الاجتماعية

إن الامتيازات الاجتماعية والطبقات المختلفة في الشعب الواحد لهي من أكبر مظالم التاريخ. وتعود البنية الاعتقادية لمثل هذه الحالات أحياناً إلى هذه الفكرة وهي "أن هناك آلهة مختلفين يديرون الطبقات المتعددة وقد خلقوا كل واحدة منها على نحو الامتياز". أو أن الإله الواحد قد خلق فئة من الناس بمزايا وخصائص خاصة". ولهذا اعتبر أصحاب هذه الأفكار أن وجود الطبقات العليا أمر طبيعي وهبة خاصة وأن حرمان الطبقات الدنيا ضرورة فطرية.
أما عقيدة التوحيد فإنها تعتبر أن الجميع عباد الله ومخلوقاته، وتطرد كل جذور الاختلاف الطبقي من أذهان الناس ومن الواقع والمجتمع من خلال التعاليم التي تنبع من أصل التوحيد. وبالتأمل في الآيات التالية ندرك بعض هذه التعاليم منها:
1- أن خالق ومعبود الجميع هو الله.
2- الجميع قد خلقوا من أصل مادي واحد.
3- لا يوجد أحد يتمتع بمزية في الخلقة توجب له حقوقاً خاصة.
4- جميع المزايا ميسرة للجميع وترتبط بسعيهم ومجاهداتهم المستمرة.
5- أن كل العالم منه، وجميع الناس فقراء إليه ووو...

﴿قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون * سيقولون لله، قل أفلا تذكرون * قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم * سيقولون لله، قل أفلا تتقون * قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون * سيقولون لله، قل فأنى تسحرون * بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون * ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله، إذاً لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض، سبحان الله عما يصفون. (المؤمنون: 84-91).
﴿يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير. (الحجرات:13)
﴿ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً. (الإسراء:70)


* التأثير المعنوي للتوحيد
وكما أن أهم رسالة للتوحيد "بناء المجتمع التوحيدي"، المجتمع الذي لا يعيش الطبقية تحت حكم الله وقوانينه و... فإن الآثار التي تنجم عن هذا الاعتقاد في النفس والروح لهي من أعجب أبعاد هذا الأصل المتين للدين الحنيف بحيث يمكن القول: أن لعقيدة التوحيد نوعان من البناء بناء المجتمع وبناء الفرد.
فالإنسان الذي يؤمن بالتوحيد سوف يحصل على أثره على صفات عظيمة: كالأمل والرجاء الذي لا حد له والشوق والسعي الذي لا ينتهي، وعدم الخوف والطمع، وسعة الأفق والتوجه الصحيح و...
ويشير القرآن الكريم في عدة موارد ضمن ذكر الإيمان والحياة التي يعيشها الموحدون إلى تلك الخصائص والصفات. منها:
﴿الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء، واتبعوا رضوان الله، والله ذو فضل عظيم * إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه، فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين. (آل عمران:173-175).

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع