نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مهارات: فنُّ التحدُّث مع الآخرين

علي ياسين

هل أنت متحدّث جيّد؟
هل تردّ مباشرةً على فكرة طُرِحت أمامك؟
هل تشعر بأنّك لا تطيق الانتظار لكي يكمل المتحدّث فكرته التي استفزّتك؟

إنّ الإجابة عن أيّ من هذه الأسئلة بـ"نعم" تجعلك متحدّثاً غير لبق.
كثيراً ما نخوض في نقاشات طويلة، وفي أغلب الأحيان تأخذنا الحماسة في النقاش، لأن نطلق عشرات الكلمات التي لا نفكّر بها، والتي تأتي كردّة فعل سريعة على فكرة استفزّتنا، أو خالفت آراءنا، أو موضوع نشعر أننا متمكّنون من التحدّث فيه.
إنّ بعض الكلمات التي لا تمرّ على العقل قد تودي بصاحبها أحياناً إلى نتائج كارثية.
يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "المرء يعثر برجله فيبرى، ويعثر بلسانه فيُقطع رأسه"(1).

*هل حديثك مجرّد كلام عابر؟
إنّ حديثك وكلامك مع الآخرين هو:
1 - الذي يحدّد نظرة الناس إليك. وهو الوسيلة الأكثر أهمية التي يتمّ تقييمك على أساسها: "تكلّموا تُعرفوا فإنّ المرء مخبوء تحت لسانه"(2).
2 - أساس التواصل بينك وبين الآخرين.
3 - الأداة الأساسيّة للجاذبيّة والإقناع.

*خطّط لحديثك
ولكي يكون حديثك مثمراً وخالياً من الهفوات والزلّات لا بدّ من التخطيط له عبر مراحل متعدّدة، هي التالية:
1 - استمع جيداً، فلربما:
أ - لم تفهم ما قيل.
ب - لم تلتفت من هو المقصود بالحديث.
ج - لم يقصد ما قال.
واعلم أنّ أفضل المتحدّثين هو أكثر المنصتين.

2 - حدّد هدفك من الكلام: هل تريد إقناع الآخرين بفكرتك؟ هل تريد إبطال فكرة أحدهم؟
فلكل هدف طريقة في الكلام، وتعابير ومفردات خاصّة، وأسلوب إلقاء مختلف.

3 - حلّل مستمعيك
: ما هي ثقافتهم؟ ما هي تقاليدهم؟ كم أعمارهم؟ ما هي قيمهم؟ ما جنسهم؟ فالحديث يختلف إذا كان المستمع طفلاً أو كان رجلاً كبيراً، ويختلف إذا كان ذكراً أو كان أنثى، ويختلف إذا كان من بيئة متديّنة أو من بيئة علمانية.

4 - اختر مضمون الكلام المناسب بالاعتماد على النصائح التالية:
أ - تجنّب المبالغة التي لا تستند إلى وقائع.
ب - تجنّب العبارات الطويلة فهي تسبّب مللاً للمستمع، وتحرمه من فَهم الكلام بشكل دقيق.
ج - تجنّب الكلمات المبهمة والصعبة.
د - كن دقيقاً في معلوماتك فهي تضفي على كلامك مصداقيّة ووضوحاً وإقناعاً.
هـ - نظّم أفكارك واجعلها متسلسلة. فالتسلسل إمّا أن يكون زمنياً، وإمّا أن يكون من النظريّة إلى التطبيق، أو يراعي الأهميّة. ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ الكلام المهم يجب أن يكون في أوّل الحديث لا في وسطه أو آخره.

5 - حدّد النبرة الملائمة عبر:
أ - حدّة الصوت أو رخاوته، ارتفاعه أو انخفاضه، سرعته أو بطؤه.
ب - تعابير الوجه: عبوس، ابتسامة... بحيث تتوافق مع الموقف.
ج - حركات الجسد التي يجب أن تتوافق مع نبرة الصوت وتعابير الوجه.
وهنا نشير إلى أنّ المتحدّث قد يخسر مستمعيه إذا كانت نبرته هجومية، أو تنمّ عن استهزاء بالمستمع أو تحطّ من قدره. ويربحهم إذا كانت نبرته تميل إلى الدّفء والجاذبية واحترامهم وتقديرهم.

6 - فكّر بنتائج قولك. فكلامك قد يهينك، وقد يودي بحياتك أو حياة بعض رفاقك. وقد تخسر سمعتك ورفعتك بكلمة لم تُستوف حقّها من التفكير قبل النطق بها.

7 - تغلّب على انفعالك إذا كنت منفعلاً. ولا تتحدّث وأنت غاضب. خذ وقتاً لتهدأ ثمّ تكلّم. "إن الغضب مفتاح كل شرّ"(3).

8 - الآن يمكنك أن تتكلّم.

9 - راقب ردّ فعل المستمع، وتصرّف بناءً على ذلك.

*سمات المتحدّث اللّبق
هناك عدّة معايير للتعرّف إلى المتحدّث اللّبق، فهو:
1 - عالم بموضوع النقاش ومتمكّن منه. ورد عن الإمام علي عليه السلام قوله: "لا تقل ما لا تعلم"(4).
2 - لا يتحدّث إلّا بما له علاقة به. ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أعظم الناس قدراً من ترك ما لا يعنيه"(5).
3 - مخلص وصادق في طرح موضوعه.
4 - متحمّس لموضوعه، يدافع عنه بدون تعصّب.

5- دقيق في معلوماته ومعارفه، حيث:

أ - يستخدم الأرقام بدقّة وموضوعية.
ب - يستشهد بآيات قرآنية وأحاديث نبوية.
ج - يستشهد برأي الاختصاصيين وأهل الخبرة والعلم.

6 - حسن المظهر:
فالمظهر الخارجي له أثر كبير في تقبّل الآخر. تصوّر أنك تستمع لشخص وقد ظهرت بقع الزيت على قميصه. هل ستستمع لما يقوله، أم سينصرف تركيزك إلى بقعة الزيت؟

7- يتقن استعمال التلوين الصوتي:
إن للصوت تأثيراً كبيراً في التحدّث والإلقاء، فهو إمّا يسبّب الملل أو يبعث في نفوس المستمعين النشاط والحيوية والانجذاب إلى المتحدّث.

على المتحدّث أن يعرف طُرُق التلوين الصوتي، ومن هذه الطرق:
أ - القوة والانخفاض: بحيث يرفع صوته ويخفضه تبعاً للموقف. فالمواقف الوجدانية لا تقبل الصوت المرتفع، في حين أنّ المواقف البطولية تحتاج لصوت جهوري مرتفع. وعند التهديد مثلاً لا يمكن إلّا أن نهدّد بصوت عالٍ، إذ إن المهدِّد بصوت منخفض لا أثر لتهديده.

ب - السرعة والبطء: أحياناً نحتاج لأن نبطئ في الكلام عند تعرّضنا لموضوع فلسفي، منطقي، فيزيائي...، لإفساح المجال أمام المستمع لتحليل وتخزين المعلومات. في حين يمكننا الإسراع في سرد قصّة أو في سَرد واقعة تاريخيّة معيّنة.

ج - التشديد والتركيز: في أي كلام نتفوّه به هناك بعض التعابير التي تعتبر من أمّهات الكلمات، ومن المفاتيح البارزة، والتي بدونها لا يمكن فهم مراد المتكلّم. لذا لا بدّ من الإشارة إلى ذلك، عبر قول: انتبهوا معي لهذه الجملة، ضعوا خطاً تحت هذه الكلمة، أبقوا في أذهانكم هذه الكلمة... إلخ. ولكن يجب الانتباه إلى ضرورة عدم الإسراف في استعمال هذا النمط، لأن ذلك سيوتّر المستمعين وسيصرفهم عن فهم المفاتيح الأساسيّة في الكلام.

8 - يتقن لغة الجسد:
إن استعمال لغة الجسد بمهارة يساعد في إيصال الأفكار بسهولة ويسر. وقد أثبتت الدراسات أن نسبة تأثير لغة الجسد في إقناع المستمعين هي 55 %، في حين أن التلوين الصوتي يأخذ نسبة 38 %، ومضمون الكلام 7 %.
 


1- بحار الأنوار، المجلسي، ج68، ص293.
2- نهج البلاغة، الحكمة (392).
3- بحار الأنوار، م. س، ج70، ص263.
4- نهج البلاغة، الحكمة (382).
5- مستدرك سفينة البحار، الشاهرودي، ج6، ص373.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع