نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

المسلمون في أذربيجان

أذربيجان: رحلة العودة إلى الفطرة

واحدة من ثلاث جمهوريات قوفازية، تقع على الجبهة الجنوبية لسلسلة جبال القوقاز وتشكل بموقعها نقطة اتصال بين قارتي أوروبا وآسيا. يحدّها من الشمال دغستان ومن الغرب جورجيا وأرمينيا أمّا من الشرق فيجمعها بحر قزوين مع تركمانستان وكازاختسان ولجنوبه حدوداً واسعة مع إيران.
إنّها جمهورية من الجمهوريات الإسلامية لما كان يسمّى بالاتحاد السوفييتي وقديماً سميت بـ
"أرض النار"، وهي الآن ارض العودة إلى الإسلام؛ إنّها أذربيجان.


* لمحة تاريخية
شكلت أذربيجان ومنذ بداية القرن الثالث الميلادي جزءاً من الإمبراطورية الفارسية حتّى فتحها المسلمون عام 643 من حيث عرفت حينها باسم آران وكانت عاصمتها تسمى بردعة.
خضعت لحكم السلاجقة الأتراك أربعة قرون إلى أن غزاها تيمورلنك في القرن الرابع عشر الميلادي ثمّ حكمها الصفويون إلى أن استولى عليها القيصر الروسي اسكندر الأول بعد أن انتصر على إيران بين عامي 1813 و 1828 حيث استكمل الروس سيطرتهم بموجب معاهدتي "غولستان" و"تركمانجاي". عند اندلاع الثورة البلشفية واستيلاء لينين على الحكم سنة 1917 استغلت أذربيجان حالة الفوضى والحرب الأهلية وأعلنت استقلالها تحت قيادة المساواتيين "نسبة إلى المساواة".
 

فما كان من النظام الاشتراكي الجديد إلاّ أن أرسل قوات جيشه الأحمر لتجتاح هذه الجمهورية المسلمة وتخضعها بالقوة لحكم السلطة الجائرة في موسكو ولتعلنها في 28 نيسان 1920 م. جمهورية اشتراكية تشكل مع أرمينيا وجورجيا جمهوريات ما وراء القوقاز إحدى جمهوريات الخمس عشرة المكوّنة للاتحاد السوفياتي السابق.

* الوضع الجيويوليتيكي والديموغرافي
تبلغ مساحة هذه الجمهورية المسلمة نحو 86.600 كلم2 ويبلغ عدد سكانها نحو 7000.000 "سبعة ملايين" نسمة القسم الأكبر منهم شيعة إمامية "إثني عشرية" وهم يشبهون إلى حد كبير شعوب الشرقين الأدنى والأوسط من حيث الشكل وسمات الوجه ويتوزعون عرقياً على الشكل التالي:
78% آذريون
8% روس
8% أرمن
6% أقليات "أوزبك – أكراد – يهود".
يشكل سكان المدن في أذربيجان 53% من مجموع سكان هذا البلد الذي يتوزّع على 61 مقاطعة ويضم 62 مدينة حيث يقطن في العاصمة "باكو" وحدها 1.6 مليون نسمة.
 

هذه المدينة المشهورة منذ القرن الخامس الميلادي والمعروفة بـ"شبه جزيرة أشيرون" فيها أكاديمية للعلوم و 12 معهداً و 6 مسارح وكانت منذ العام 1747 عاصمة الخانيات "الإمارات" الباكوية وأصبحت عاصمة أذربيجان منذ عام 1920م. إثر اكتشاف النفط والبدء باستخراجه في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر أصبحت مركزاً صناعياً مهماً. صارت الأبراج النفطية رمزاً لأذربيجان بعد أن اكتشف أحد الأخوة نوبل النفط بالصدقة وقرّر أن يؤسّس شركة، أحد مؤسّسيها مليونير يهوديّ وبعد أن أصبحت المصدر الرئيسي للنفط فيما كان يسمّى بالاتحاد السوفياتي.
 

أمّا اللغة الأذرية فهي لغة تركيبية كانت تكتب بالأحرف العربية ثمّ تحوّلت في عام 1917 زمن السلطة السوفيتية إلى الحروف اللاتينية وأصبحت منذ العام 1937 تكتب باللغة الروسية وأخيراً أعيدت كتابتها بالأحرف اللاتينية.

* الوضع السياسي
النظام السياسي في السابق كان بيد الشيوعيين حيث عاش الأذريون 53 سنة من المعاناة في الفترة الممتدة بين 5/12/1936 وهو يوم تشكيل الاتحاد السوفياتي و 29/9/1989 وهو يوم إعلان الاستقلال عن الاتحاد، أمّا الآن فلا شيء كبيراً تغير على مستوى الحكم والحكومة وإدارة البلاد والسبب في ذلك النقص في الكوادر المسلمة واستبعاد المسلمين عن السلطة في العود السابقة حيث لم يتغير إلاّ الشعارات والممارسات فما زالت على نفس الوتيرة الإدارية السابقة فالشيوعيون ما زالوا يحتلون المناصب المهمّة ولكن تحت غطاءٍ قومي والتغير الوحيد هو أن الممارسات البوليسية انتهت ويمكن أن يترك الحكم هامشاً كبيراً للتحرك في تلك الحياة السياسية وكلّ ذلك بانتظار أن تتبلور الخامات المسلمة وترتقي لتأخذ دورها المناسب.

تتبع أذربيجان مقاطعتان تتمتعان بحكم ذاتي أحدهما "ناختشيفان" والأخرى "قره باخ" التي لم تعد مجرّد منطقة متنازع عليها مع الأرمن بل غدت تعني غيرة الأذريين وكرامتهم وباتت تعني مأساة إنسانية قبل أن تكون قضية..

* فطرة التدين
الأذريون شعب طيب مضياف وكريم، شأنهم شأن الشعوب المسلمة في آسيا الوسطى وشمال القوقاز وسلامهم رغم السنين ما زال بكلمة السلام عليكم، والعادات والتقاليد "الأعراس – المآتم – الأسماء – الطبائع" تشبه عادات وتقاليد المسلمين في شتى أنحاء العالم، وعندما ترى تلك البلاد تعلم أنّ الإسلام ترسخ في هذا الشعب بالرغم من أنّ الشيوعية بقيت حاكمة على عقول وقلوب المسلمين سبعين سنة من الزمن مما صنع عدّة أجيال أبعدت قسراً عن الإسلام. فللوهلة الأولى تظنّ أنّك في القاهرة أو دمشق أو بغداد. فحتّى في زمن الشيوعية كان يصر الأذري أنّه مسلم أباً عن جد وأنّ انتماءه للحزب الشيوعي أنظمة الشبية الشيوعية "الكومسومول" ليس تنكراً للدين أو الانتماء بل لمقتضيات الظرف الراهن.

إلاّ أنّ سياسة التجهيل الديني وبث الإلحاد التي اتبعتها السلطة في ذلك الزمن دفع إلى ظهور تلك الثقافة التي يتناقلها الناس والتي اختلط فيها المفهوم الإسلامي بالمفهوم القومي والتاريخ بالأساطير الشعبية وهذا ممّا يحتّم إجراء عملية إعادة الإسلام الصحيح إلى قلب المجتمع بأسلوب حضاري ووفق المصادر الأصيلة للشرع.

وهذا هو المأمول من المدرسة الدينية في باكو ومن العلماء المرموقين في ذلك البلد الإسلامي وهناك أيضاً حاجة ماسّة إلى إنشاء المدارس وتأمين الكتب المدرسية والتعليم الديني إلى برامج إسلامية إذاعية وتلفزيونية تحل محل البرامج الحالية.
 

ولكن الذي يشار إليه هو أنّ هذا الشعب الذي لم تستطع كلّ هذه السياسات أن تزيل الحرارة التي يحيي بها مراسم عاشوراء بحيث أن تذكرك بالنكهة الخاصذة التي يحيي بها المسلمون الشيعة في قم وكراتشي والهند تلك المجالس، لهو شعب يستحق أن تتكاثف من أجله كلّ الأمّة الإسلامية من أجل أن يتلقّى الإسلام والتشيّع من المنبع الصافي وهذه هي مسؤولية كلّ دعاة الإسلام.

فالمسجد بحاجة لترميم بنائه وترميم دوره المقدّس في الحياة الإسلامية والمدرسة بحاجة لأسلمة المناهج، والمواقع الوظيفية بحاجة للطاقات الشابّة الواعية المسلمية والموعد مع الغد المشرق وأنّ غداً لناظره لقريب والحمد لله ربّ العالمين.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع