مع الخامنئي | التبيين في نهج السيّدة الزهراء عليها السلام* تسابيح جراح | من الانفجار... وُلد عزّ لا يُقهر عمائــــــم سلكت درب الشهادة (1) مناسبة | التعبئة روح الشعب الثوريّة مجتمع | متفوّقون... رغم الحرب آخر الكلام  | إلى أحمد الصغير القويّ قيم الحياة الزوجيّة في سيرة أهل البيت عليهم السلام سيرة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم نموذجُ الحياة الطيّبة الإمام عليّ عليه السلام مظهرُ العدالة والإصلاح برّ الوالدين في سيرة أهل البيت عليهم السلام

مناسبة | التعبئة روح الشعب الثوريّة

السيّد أحمد صفي الدين


التعبئة إبداع من إبداعات الإمام الخمينيّ قدس سره، إذ أسّسها من قلب الشعب وجعلها جزءاً منه، فهي ليست مؤسّسة منفصلة عن الناس، بل اصطفاء خاصّ من بين أبناء الشعب لتكون هذه الصفوة ممثِّلةً للشعب كلّه.

• مفهوم التعبئة شامل
للتعبئة تعريف محدَّد؛ فهي تتكوّن من أبناء الشعب الذين ينخرطون في قلب الميدان بأهدافٍ إلهيّةٍ سامية، وبروحٍ مثابرةٍ لا تعرف الكللَ والملل، فيبذلون قدراتهم وطاقاتهم بلا خوف من المخاطرِ، بل ويُعدّون أنفسهم للتضحية بالنفس وما هو أعزّ منها. فثقافة التعبئة تعني خدمة المجتمع والبلد بلا تردّد أو تقاعس أو انتظار أيّ مقابل. بل في كثيرٍ من الحالات، قد يخوضُ التعبويُّ الميدانَ من دون مالٍ أو إمكانات، فيؤدّي خدمةً جهاديّةً ويُواجِهُ المخاطر.
أفرادها شباب ثوريّون متحمّسون، تركوا وراءهم حياة الرفاه واتّجهوا إلى ميادين الجهاد، بدافع تكليف شرعيّ في خدمة الناس وتحقيق الأهداف الإسلاميّة والدفاع عن الدين. وهم الذين يستأنسون بالقرآن ويُدهشون أهلهم بورعهم وعبادتهم.
التعبئة ليست مجرّدَ آليّةِ تنظيمٍ، أو هيكلِ عملٍ، أو استعدادٍ عسكريٍّ، بل قبل ذلك كلِّه عقيدةٌ وثقافةٌ ومنهجٌ وسلوك، إذ تستلهم حركتَها من الإسلام العظيم. والثقافةُ التعبويّة منظومة من المعارف والمناهج والسلوكات التي تُوجِدُ جماعاتٍ صلبة في صفوف الشعب، تضمن الاستقامةَ والثباتَ لحركة الأمّة الإسلاميّة.
التعبئة حركةٌ شاملة لكلِّ فئات الشعب، لا تنحصر في طبقة أو فئة بعينها. هي جماعة ضمّت أطهر الناس وأكثر الشباب تفانياً واستعداداً ومسؤوليّةً وبصيرةً.
وحيثما وُجدت التعبئةُ، ثمّة حضور للشعب في الساحة للدفاع عن المبادئ والقيم والهويّة الثوريّة والوطنيّة، ولمساعدة الأمّة على بلوغ المراتب التي تليق بها.

• التعبئة في فكر السيّد الخامنئيّ دام ظله
نحن اليوم في خضمِّ صراعٍ قائم، وأيُّ مراقبٍ يرى بوضوحٍ أنّنا أمام جبهةٍ اجتمع فيها كلّ أعداء البشريّة والكرامة الإنسانيّة والدين والقيم، بزعامة الشيطان الأكبر أمريكا. لذلك، لطالما حظيت التعبئة باهتمام سماحة الإمام السيّد عليّ الخامنئيّ دام ظله في مختلف خطاباته وفي العديد من المناسبات، فيقول: «عندما ينظر الإنسان إلى الجبهة المقابلة، يرى مجموعة جبهات توحّدت في وجهنا: الغربيّة الثقافيّة والسياسيّة، وفي قلبها الرأسماليّة الخطيرة وآكلة لحوم البشر، وإلى جانبها الصهيونيّة بأهدافها المعروفة، والرجعيّة الفكريّة من سلاطين ومسؤولي كثيرٍ من الحكومات، يعيشون حياةً حيوانيّةً تشبه حياةَ الخنازير، يخدمون أهداف الأعداء وأفكارهم المتحجّرة.
إذا أردنا أن نواجه هذه الجبهة، علينا أن نتحلّى بالتنوّع والابتكار والدافعيّة، وأن نمتلكَ برنامجاً موجّهاً، وهذا لا يتحقّق إلّا بتشكيل جبهةٍ مقابلة. لأنّ العمل الجبهويَّ الواسع لا يمكن أن يقوم به الأفرادُ أو المجموعاتُ لوحدهم، بل بمشاركة الشعب، بحيث تسهم ابتكاراته وإبداعاته في إنجاز الكثير من الأعمال المهمّة»(1).


ولا يخفى أنّ التعبئة هي المحور الذي تلتقي فيه فئات الشباب الشعبويّة التي تتحلّى بالابتكار والإبداع والقوة الكافية للمواجهة مع هذا العدو، عندما نتحدّث عن جبهة، أي إنّنا بحاجة إلى ضخّ تعبويّ روحيّ لجبهاتنا، وهذا هو عمل التعبئة.
ويقول دام ظله في مناسبة أخرى عن مكانة التعبويّ: «على الفرد التعبويّ، سواء أكان في المدرسة أم الجامعة أم الحوزة العلميّة أم المصنع أم المزرعة أم الإدارات، أن يعلم أنّه جزء من جيش الشعب العظيم والثوريّ»(2).
وعند الحديث عن ماهيّة التعبئة، يقول دام ظله: «مع أنّ قوّات المقاومة التعبويّة جزء من حرس الثورة الإسلاميّة، ولكنّ مهمّتها ليست قتاليّة فحسب، بل هي قوّات شعبيّة وإنسانيّة وإلهيّة وأخلاقيّـة وعلميّة وتربويّة مستعدّة لتأدية الأعمــال الكبيـرة»(3).
أمّا مجالات عمل التعبئة فعديدة بحسب سماحته دام ظله: «هي لا تنتهي ولا حدود لها، بل حاضرة في كلّ مكان وبطرقها المختلفة؛ إذ تشمل ميدان الدفاع، والسياسة، والبناء، والاقتصاد، والفنّ، والتحقيق، والهيئات الدينيّة، ومجالس العزاء»(4).
وبالنسبة إلى دورها، يقول دام ظله: «يكمن دور التعبئة في الحفاظ على الاستقلال الوطنيّ والكرامة والمفاخر الوطنيّة، وتحقيق المصالح الوطنيّة، مضافاً إلى رفع لواء الإسلام وراية نظام الجمهوريّة الإسلاميّة»(5).

• دور التعبويّين
نحن كتعبوييّن وأصحابِ مبادرات، معنيّون كلٌّ في مجاله، بأن نبادرَ إلى كلِّ ما من شأنه أن يُحقِّق أهدافَ الإسلام.
فالمطلوبُ أوّلاً أن نعرفَ ونتعرّف، ثمّ أن نُعرِّف الآخرين، وهذا ما تقوم به التعبئةُ كمجموعةٍ منظَّمةٍ أو كأفرادٍ حيثما وُجدت، من خلال:
1. المعرفة باللّه ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وكتبه وأوليائه، وتعزيزِ الارتباط بهم (معرفةِ ديننا وإسلامنا).
2. المعرفة بتحدّيات زماننا وما يتعرّض له الإسلامُ والأمّةُ عبر الحرب الصلبة أو الناعمة وأدواتها.
3. معرفة العدوّ وأهدافِه ومشاريعه وأساليبه وأدواته.
4. معرفة قدرات جبهة الحقّ وما نملك من إمكاناتٍ في الحرب الناعمة والصلبة والمركّبة، وموقعنا في الصراع مع الأعداء.
5. بثّ الأمل وتعزيز الثقة بالنفس، وإثبات أنّنا قادرون على المواجهة، وعدمِ الانهزام أمام الدعاية والضغوط أو الإغراءات. وهذا درسٌ بليغٌ من عاشوراء الإمام الحسين عليه السلام .
6. الحضور في ميادين العمل والخدمة والتضحية في سبيل الله دفاعاً عن الإسلام والمقدّسات والكرامة، والاستعداد للتضحية كما علّمنا الإمام الحسين عليه السلام وأهلُ بيته وأنصارُه.

• مواجهة الباطل ونصرة الحقّ
إنّ فاجعة كربلاء لم تُسقط السيّدةَ زينب عليها السلام والإمامَ زين العابدين عليه السلام ، بل حمل كلّ منهما رايةَ الإمام الحسين عليه السلام وصدح بها في كلِّ محفلٍ، من قصرِ ابنِ زياد إلى مجلسِ يزيد، فحُفظت بفضل موقفهما ثورةُ الإمام عليه السلام ودمُهُ وقضيّتُه.
واليوم أيضاً، يتجلّى الحقّ والباطلُ بوضوح. والتعبويّون، ولا سيّما النخبُ منهم، مدعوّون إلى خوض هذا الميدان في قلب الجبهة لا على هامشها؛ فلنصدح بالحقّ، ونُجاهر به، ونعلن موقفَنا بوجه الباطل، ونكونَ مستعدّين للتضحية.
ولنبادر إلى الهجوم كما الدفاع، كلٌّ في مجاله، لإسقاطِ فكرِ الأعداء المنحرف، وإظهارِ ضلالِهم، وتقديمِ الفكر والثقافة الإسلاميّة الأصيلة، والمساهمة في بناء حضارة إسلاميّة معاصرة مستمدّة من هدي جهاد هذه الجبهة المباركة، التي أطلقها الإمامُ الخمينيّ قدس سره: «جبهة الحقّ والاستقامة والروحانيّة والعلم والعمل الصالح والإنسان الكامل، في مواجهة جبهة الظلام والظلم والانحراف».
نحمد الله تعالى أنّ قيادتَنا بيد قائدٍ حكيمٍ شجاعٍ بصيرٍ مسدَّدٍ على نهجِ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأهلِ بيته عليهم السلام، يرفع رايةَ التمهيد للإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف.
وفي لبنان أيضاً، من نِعم الله تعالى علينا أن يقودَنا قائدٌ شجاعٌ بصيرٌ، سوف يسيرُ بنا من نصرٍ إلى نصرٍ تحت رايةِ الوليّ الفقيه الملهم.


1. من كلمة لسماحته دام ظله بتاريخ 24-10-2013م
2. من كلمة لسماحته دام ظله بتاريخ 27-06-1989م.
3. من كلمة لسماحته دام ظله بتاريخ 12-11-2001م.
4. من كلمة لسماحته دام ظله بتاريخ 27-11-2014م.
5. من كلمة لسماحته دام ظله بتاريخ 20-10-2000م.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع