نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

أوّل الكلام: يوم الحسرة


الشيخ بسّام محمّد حسين


من أسماء يوم القيامة التي جاءت في القرآن الكريم يوم الحسرة، قال تعالى: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ (مريم: 39).

والحسرة تطلق على الغمّ الذي يتجدد لفوت فائدة، وقد يضاف إليها الغيظ أو الغضب فتصبح تأسفاً(1).

فهذا أحد الأمور التي ستواجه الإنسان في ذلك اليوم، وكم يتمنّى الإنسان أن يعود إلى الدنيا ليعمل صالحاً: ﴿أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ﴾ (الأعراف: 53)، ولكن هيهات، ولات حين مندم! قال تعالى حكاية عن قول بعضهم: ﴿يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾ (الأنعام: 31). وفي آية أخرى: ﴿يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ﴾ (الزمر: 56).

من أسباب التحسّر
على ماذا يتحسّر الإنسان يومئذٍ؟ لا شكّ أنّ الإنسان يتحسّر ويتأسّف على ضياع عمره في الدنيا حيث لم يستغله في طاعة الله، فكيف لو كان يستغلّه في معصيته؟! وإنّ أكثر ما يتحسّر عليه العبد هو ما سيسأل عنه يوم القيامة من النعم التي أعطاه الله إيّاها، ومن ذلك ما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وشبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين كسبه وفيما أنفقه، وعن حبّنا أهل البيت"(2).

1- عمر الإنسان: إنّ عمر الإنسان المحدود الذي يعيشه في هذه الدنيا هو حجّة عليه، إنّ أهل النار حينما يستصرخون من العذاب ويتحسّرون:
﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ﴾، يجيبهم تعالى: ﴿أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ﴾ (فاطر: 37).

2- فترة الشباب: مرحلة الشباب هي نعمة قد يحوّلها الإنسان إلى نقمة إذا صرفها في معصية الله تعالى، فتكون من أسباب التحسّر والندم، ولذا جاء في المناجاة الشعبانية: "إلهي وقد أفنيت عمري في شرّة السهو عنك، وأبليتُ شبابي في سكرة التباعد منك، فلم أستيقظ أيام اغتراري بك وركوني إلى سبيل سخطك"(3).

3- المال: ورد عن الإمام الصادق عليه السلام في قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ﴾ (البقرة: 167) أنّه قال: "هو الرجل يدع ماله لا ينفقه في طاعة الله بُخلاً، ثم يموت فيدعه لمن يعمل فيه بطاعة الله أو في معصية الله، فإن عمل به في طاعة الله رآه في ميزان غيره، فرآه حسرةً وقد كان المال له، وإن كان عمل به في معصية الله، قوّاه بذلك المال حتى عمل به في معصية الله عز وجل"(4).

4- محبّة أهل البيت عليهم السلام: وهي من أعظم النعم الإلهيّة، الذين جعل الله تعالى محبتهم ومودّتهم أجر الرسالة الإلهيّة، حتى ورد عن إمامنا الرضا عليه السلام في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾، أنّه قال: النعيم حبنا أهل البيت وموالاتنا، يسأل الله عباده عنه بعد التوحيد والنبوّة؛ لأنّ العبد إذا وفا بذلك أداه إلى نعيم الجنة الذي لا يزول"(5).

نسأله سبحانه أن يثبّتنا على ولايتهم ويحشرنا معهم.

1- الفروق اللغويّة، العسكري، ص 186.
2- الأمالي، الصدوق، ص 93.
3- بحار الأنوار، المجلسي، ج 1، ص98.
4- الكافي، الكليني، ج 4، ص 43.
5- عيون أخبار الرضا عليه السلام، الصدوق، ج 2، ص 137.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع