مع الإمام الخامنئي | لا تنبهروا بقوّة العدوّ* نور روح الله | لو اجتمع المسلمون في وجه الصهاينة* كيف تكون البيعة للإمام عند ظهـوره؟* أخلاقنا | كونوا مع الصادقين* الشهيد على طريق القدس عبّاس حسين ضاهر تسابيح جراح | إصابتان لن تكسرا إرادتي(1) على طريق القدس | «اقرأ وتصدّق» مشهد المعصومة عليها السلام قلبُ قـمّ النابض مجتمع | حقيبتي أثقل منّي صحة وحياة | لكي لا يرعبهم جدار الصوت

هداية الإنسان ورسالات الأنبياء عليهم السلام

 


إنّ كلّ قانون ليس إلهياً فهو جاهلي، سواء الجاهلية القديمة أو الحديثة، سواء صدر من فرد أو جماعة، وسواءً كان باتفاق الآراء أو بالأكثرية؛ لأنّ حقّ تشريع القانون مختص بالله فقط. قال تعالى: ﴿أفحُكمأَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ في هذه الآية الكريمة يتّضح إنّ كلّ حكم ليس بإلهيّ فهو جاهلي؛ لأنّه (فماذا بعد الحقّ إلاّ الضلال).

فعلى هذا فطهارة وهداية الإنسان من رجس الجاهلية لن تكون دون وحي ورسالة إلهية، وكذلك هدايته التشريعية لا تتمّ دون رسالة إلهية.
 ﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ *رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً  *  فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾ . ولم يكن عقل الإنسان مستقلاً أبداً في تأمين الهداية، بل كان عقله قاصراً وناقصاً في مجالي الهداية العقيدية والتشريعية.
 ﴿وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُوًا﴾ وإذا كان العقل مستقلاً في جميع العلوم النظرية والعملية وكان كافياً لإعداد قانون الحياة، لكانت حجّة الله تامّة دون إرسال الأنبياء والرسل، ولما اعتبر القرآن أنّ بعثة الأنبياء موجبة لقيام الحجّة لكن الثابت واقعاً أنّ عقل الإنسان ليس مستقلاً ولا كافياً.

إنّ العامل الأساسي في هداية الإنسان هو الوحي، والعقل تقريباً بمنزلة المصباح، والوحي بمثابة الطريق، فبنور العقل تُشخص ضرورة الوحي والطريق الموصل إليها، لكنّ البعض اغترّ بالعقل والعلم البشري وأعرض عن الوحي الإلهيّ، وجحد على العلم المادي، ورجحه على العلم الإلهي، وتوقف عند الطبيعة دون أن يتحرّك لما وراء الطبيعة، لذا جاء القرآن الكريم يذمّ من يرجح العلم المادي على العلم الإلهيّ، يقول تعالى:  ﴿وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ﴾؛ لأنّ السلسلة العظيمة للأنبياء عليهم السلام جاءت بأفضل المواهب الإلهية من أجل تحرير البشر من قيود المادّة الطبيعية:  ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِين﴾ وبعد تبيّن الطريق جاء الأمر للنبي الخاتم (صلّى الله عليه وآله وسلّم):  ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِين﴾َ  . يعني أنّ النبيّ الخاتم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يهتدي بنفس هذا الصراط المستقيم، لا بالأنبياء السابقين، بل إنّ قدوته هي هذه الهداية الإلهية، لا المهتدين السابقين، والسبق الزماني لا يوجب السبق الذاتي.

ولأنّ العامل الوحيد لاهتداء الأنام بالله هو هذا الوحي الإلهيّ، فإذا لم يقبل شخص وحي الأنبياء، وأنكر أصل الرسالة، فإنّه يرفض الهداية الإلهية التي هي ضرورة، وفي النتيجة يعرض عن الله سبحانه:  ﴿وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُون﴾.

ولا يوجد فرق في هذا الأمر الحياتي بين إنكار جميع الأنبياء، أو إنكار واحد منهم؛ لأنّ كلامهم واحد، وإن كان سكّان منطقة "الحجر" قد كذّبوا أنبياءهم، فقال تعالى في حقّهم:  ﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِين﴾َ ، فسكان أهل منطقة الحجر كذّبوا جميع الأنبياء، في حين أنّهم لم يدركوا جميع الأنبياء (عليهم السلام)، ولم يكذّبوهم.

والخلاصة إنّ الشيء الذي كان طريق هداية جميع الأنبياء هو أمر واقعي واحد، وإنّ الإيمان ببعض الأنبياء والكفر بالبعض الآخر مساوٍ للكفر؛ لأنّ النور البسيط لا يكون قابلاً للتبعيض والتكثير، على الرغم من أنّ التجزئة غير مقبولة، لأنّ قبول بعضهم يحصّل جزء من أجزاء الإيمان، بل إنّ عدم قبولهم كشعاع واحد، يؤدّي لإنكارهم النور البسيط كلّه..

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع