بمَ ينتصر الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف؟ (1)* أخلاقنا | الكبر الرداء المحرّم (2)* تسابيح جراح | نور إرادتي أقوى من ظلام عينَيّ الشهيد القائد إبراهيم محمّد قبيسي (الحاج أبو موسى) صحة وحياة | كيف نتجاوز ألم الفقد؟ كشكول الأدب تحقيق | الشهادة ميراثٌ عظيم (2) بيئة | حربٌ على الشجر أيضاً عوائل الشهداء: لن يكسرنا الغياب لتكن علاقاتنا الاجتماعيّة مصدر أنس ٍوعافية

آخر الكلام: مُخيّم العشق


نهى عبد الله

عَلَت وجوهَنا خيبةٌ عامرة؛ فرغم حثّ المسير وصلنا متأخرين جدّاً إلى كربلاء، قبيل فجر الأربعين، فاتتنا المراسم ومجالس العزاء وإحياء الليلة، إلّا تلك الخطوات الحسينيّة وشيئاً من غبار الطريق.

تبقّى أقلّ من ساعة، سرنا في المدينة المزدحمة، حيث أغلب الزوّار يتجهّزون للرحيل عنّها صباحاً، بدت حزينةً رغم ازدحامها، ممتلئةً بالقلوب الكسيرة، تستنهض فيهم روح العاشر. جذبنا صوت نعيٍ حزين، ساقنا إلى المخيم الحسينيّ، أوّل ما يطالعك فيه، خيمة أبي الفضل عليه السلام، ثمّ ترى مكان الهوادج متراصّةً بهيئة قناطر، ثمّ خيمة الأكبر، وخلفها خيمة السيّدة زينب عليها السلام، ثمّ خيمة الإمام زين العابدين عليه السلام، ومحور تلك الخيام خيمته ومحرابه؛ خيمة الإمام الحسين عليه السلام، وأقرب الخيم إليه، خيمة زينب عليها السلام، فيما تلوح على جانب بمسافة مختلفة خيمة القاسم عليه السلام. جلنا بينها وما زال النعي الحزين يرافقنا، لا نعرف مصدره، الأمر الوحيد الذي كان حاضراً رائحة العاشر، لم نستعد معركته، بل ليلته: الإمام الحسين عليه السلام يصلّي ويناجي ربّه، وزينب في خيمتها القريبة تسمع مناجاته، وتسمعه ينعى نفسه وهو يشحذ سيفه ويسوّي درعه، الأطفال يطوفون حوله آمنين، يستلهمون البشرى بحضوره، ثمّ يطوفون حول العبّاس يسألونه إحضار الماء صباحاً.

زينب عليها السلام تستعدّ لغدها، وتطلب اختبار الأصحاب، هم يسمعون ذلك ويجتمعون، يطلب هو عليه السلام منهم اتّخاذ الليل جملاً .. ليرحلوا، وهم على قلب واحد: "لا طيّب الله العيش بعدك"..

أحدٌ منهم لم يرحل، أمضوا في هذا المخيّم ليلة عشق حسينيّ؛ ليحمل المخيّم كلّ أسرارها ويبثّها في قلوب لا تحمل الشوق فحسب، ولا الحنين، بل تحمل روحاً حسينيّة لزمانٍ آخر..

وعلا عندها أذان الفجر..

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع