مع الإمام الخامنئي | كلّنا مَدينون للنبيّ الأعظم* نور روح الله| هكذا كانت حياة الرسول* مع إمام زماننا | حين تزفّ السماء نبأ الظهور (2): في مكّة السيّد محسن شهيداً على طريق القدس مقاومتُنا بعينِ الله صُنعت حاجّ محسن! إلى اللقاء عند كلّ انتصار* أبو طالب: قائدٌ في الميدان والأخلاق المقاومة الإسلاميّة: ثقافتنا عين قوّتنا الشهيد على طريق القدس بلال عبد الله أيّوب تسابيح جراح | جراحاتي لا تثنيني عن العمل

فقه الولي: أحكام الصّدقة

الشيخ علي حجازي


* أهميّة الصّدقة
وردت روايات كثيرة عن المعصومين عليهم السلام دلّت على استحباب الصّدقة والحثّ عليها. ويتأكّد الاستحباب في أوقات مخصوصة، كالجمعة ويوم عرفة وشهر رمضان. كما ويتأكّد الاستحباب على طوائف مخصوصة من الناس، كالجيران والأرحام، حتّى ورد في الخبر: "لا صدقة وذو رحم محتاج" (1).

* دفع البلاء
ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال:

"إنّ الله لا إله إلّا هو ليدفع بالصدقة الداء، والدُبَيْلَة، والحرقة، والغرق، والهدم، والجنون..." (2)، وعدّ سبعين باباً من السوء. وقد ورد: "إنّ الافتتاح بها في اليوم يدفع نحس يومه، وفي الليلة يدفع نحسها" (3). وورد: "إنّ صدقة الليل تطفئ غضب الربّ، وتمحق الذنب العظيم، وتهوّن الحساب، وصدقة النهار تثمر المال، وتزيد في العمر" (4).

* وقوعها في يد الربّ
ورد: "ليس شيء أثقل على الشيطان من الصدقة على المؤمن، وهي تقع في يد الربّ تبارك وتعالى قبل أن تقع في يد العبد" (5). وورد عن الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام أنّه "كان يقبّل يده (يد المتصدّق عليه) عند الصدقة، فقيل له في ذلك، فقال: إنّها تقع في يد الله قبل أن تقع في يد السائل"(6).

* كلّ معروف صدقة
ورد عن النبيّ صلى الله عليه وآله أنّه قال: "كلّ معروف صدقة إلى غنيّ أو فقير، فتصدّقوا ولو بشقّ التمرة، واتّقوا النار ولو بشقّ التمرة، فإنّ الله يربيها لصاحبها كما يربّي أحدكم فلوه أو فصيله، حتّى يوفّيه إيّاها يوم القيامة، وحتّى يكون أعظم من الجبل العظيم" (7). إلى غير ذلك.

* شروط المتصدّق
يشترط توفّر أربعة شروط في المتصدّق لتكون الصدقة صحيحة، وهي:
الأوّل: البلوغ: فلا تصحّ الصدقة من الصبيّ غير البالغ، حتّى لو بلغ عشر سنوات.
الثاني: العقل: فلا تصحّ الصدقة من المجنون.
الثالث: أن لا يكون محجوراً عليه بسبب الفلس، فلو أعلن الحاكم الشرعيّ إفلاس المكلّف يُحجر على ماله، ولا يصحّ له التصرّف في ماله، ولا تصحّ الصدقة منه.
الرابع: أن لا يكون محجوراً عليه لسفه.
والسفيه هو الذي ليس له حالة باعثة على حفظ ماله والاعتناء بحاله، فهو يصرف ماله في غير موقعه، ويتلفه بغير محلّه، وليست معاملاته مبنيّة على التحفّظ عن المغابنة والغشّ، ولا يبالي بالانخداع فيها.

* المتصدَّق عليه
أ- لا تجوز الصدقة الواجبة والمستحبّة على ناصب العداء لأهل بيت النبيّ صلوات الله عليهم أجمعين، ولا على الكافر الحربيّ، حتّى وإن كانا من الأرحام. ويجوز إعطاء الصدقات المستحبّة لمن شاء المتصدّق، فيجوز إعطاؤها للغنيّ والفقير، والمسلم، والذمّيّ. والأفضل دفعها إلى الفقير العفيف المتديّن.
ب- وأمّا الصدقات الواجبة فلا بدّ من دفعها مباشرة أو بواسطة الوكيل في مواردها المقرّرة التي منها الفقراء والمساكين.

* بعض أحكام الصدقة
أ- يشترط في الصدقة قصد القربة.
ب- لا يعتبر فيها العقد المشتمل على الإيجاب والقبول، بل تصحّ بأيّ لفظ يدلّ عليها، كما تصحّ بالمعاطاة، بأن يتمّ الإقباض والقبض ولو بدون لفظ.
ج- لا تصحّ الصدقة إلّا بالإقباض من المتصدِّق والقبض من المتصدَّق عليه.
لا يجوز الرجوع في الصدقة بعد القبض، ويجوز قبل القبض، فإذا تحقّق الإقباض والقبض تصير الصدقة لازمة، سواء أكانت لذي رحم أم لغيره.

* صدقة الهاشميّ وغيره
أ- تحلّ صدقة الهاشميّ للهاشميّ ولغير الهاشميّ مطلقاً (سواء أكانت مستحبّة أم واجبة، وحتّى زكاة الفطرة).
ب- تحلّ صدقة غير الهاشميّ لغير الهاشميّ، سواء أكانت واجبة أم مستحبّة، وتحرم صدقة غير الهاشميّ للهاشميّ إذا كانت الزكاة الواجبة والفطرة، والأحوط استحباباً عدم إعطاء غير الهاشميّ للهاشميّ من الصدقات الواجبة غير الزكاة الواجبة والفطرة، من المظالم والكفّارات ونحوها، وإن كان جائزاً.
ج تحلّ صدقة غير الهاشميّ للهاشميّ إذا كانت مستحبّة.

* المساعدة في إيصال الصدقة
يستحبّ المساعدة والتوسّط في إيصال الصدقة، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله أنّه قال في خطبة: "ومن تصدّق بصدقة عن رجل إلى مسكين كان له مثل أجره، ولو تداولها أربعون ألف إنسان ثمّ وصلت إلى المسكين كان لهم أجر كامل، وما عند الله خير وأبقى للذين اتّقوا وأحسنوا لو كنتم تعلمون" (8).

* التسوّل
أ- يجوز مساعدة المتسوّلين ما لم تترتّب عليها المفسدة، وعلى أي حال يكون إيصال الصدقات إلى الفقراء المتديّنين المتعفّفين هو الأفضل.
ب- يكره كراهة شديدة السؤال من غير احتياج، وقد ورد فيه الإزعاج الأكيد، ففي الخبر: "من سأل الناس وعنده قوت ثلاثة أيّام لقي الله يوم القيامة وليس في وجهه لحم" (9). بل يكره السؤال مع الحاجة أيضاً.

* صدقة السرّ
أ- الصدقة المستحبّة سرّاً أفضل، فقد ورد: "إنّ صدقة السرّ تطفئ غضب الربّ، وتطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وتدفع سبعين باباً من البلاء" (10).
نعم لو اتُّهم الشخص بترك المواساة، فأراد دفع التهمة عن نفسه، أو قصد اقتداء غيره به فلا بأس بالإجهار بها.
ب- الأفضل إظهار الصدقة الواجبة مطلقاً.


(1) وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ج 9، ص 380.
(2) الدُّبيلة: الداهية، وسائل الشيعة، ص 386.
(3) تحرير الوسيلة، الإمام الخميني، ج 2، ص 90.
(4) ثواب الأعمال، الشيخ الصدوق، ص 144.
(5) الكافي، الشيخ الكليني، ج 4، ص 3.
(6) وسائل الشيعة، م. س، ج 9، ص381.
(7) م. ن، ج 6، ص 297.
(8) ثواب الأعمال، الشيخ الصدوق، ص 276.
(9) وسائل الشيعة، م. س، ج 9، ص 389.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع