تتبع أهمية مجمع خاتم الأنبياء الثقافي والاجتماعي من
أهمية الدور الثقافي والاجتماعي الذي سوف يضطلع به في المستقبل القريب إن شاء
اللَّه. وإذا كانت الثقافة الصحيحة وحدها التي تصنع الشعوب، كما يعبر الإمام
الخميني قدس سره، فإن هذا المشروع يغدو نواة أساسية في مصنع شعبنا العزيز في
لبنان، وعلى الأخص في بيروت.
وللمزيد من تسليط الضوء على المشروع وأهميته، التقت "بقية اللَّه" رئيس جمعية خاتم
الأنبياء الثقافية الاجتماعية والمدير المشرف على المشروع فضيلة الشيخ خليل رزق،
وأجرت معه هذا التحقيق.
* فضيلة الشيخ خليل رزق، السلام عليكم ورحمة اللَّه.
بدايةً نود أن نعرف كيف نشأت لديكم فكرة إنشاء المشروع؟
- بسم اللَّه الرحمن الرحيم، قبل الإجابة لا بد أن نتوجه بالشكر إلى
مجلتكم الكريمة التي تضع على رأس أولوياتها نشر الثقافة الإسلامية الأصيلة الأمر
الذي يتلاقى مع مشروعنا إلى حد كبير. ونسأل اللَّه لها التوفيق في هذا العمل
المبارك.
في الحقيقة، إن فكرة إنشاء مشروع مجمع خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله و سلم تعود
إلى فترة زمنية طويلة، وهي استجابة لنداء الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله و سلم:
"من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم". فالمشروع يدخل ضمن احتياجات مجتمعنا
الإسلامي في العصر الحاضر إلى مراكز تكفل الحفاظ على قيمنا الإسلامية الصحيحة وتصنع
لنا الشخصية الإسلامية الملتزمة والواعية والجادة في التعاطي مع قضايا الصراع
والحياة في ظل التحركات الساعية لزرع العقائد الفاسدة والأفكار المنحرفة في نفوس
وعقول الجيل الناشئ ومحاولات إبعاد الناس عن دينهم وقيمهم.
ومن هنا، فقد تلاقت جهود مباركة لمجموعة من الأخوة المؤمنين لتأسيس جمعية تعنى بهذا
الجانب فكانت جمعية خاتم الأنبياء الثقافية الاجتماعية والتي يعد المجمّع أحد
لمشاريع الأساسية لها.
* ماذا عن الخطوات العملية الأولى لإنجاز المشروع؟
- بعد إقرار المشروع من قبل الجمعية، تم التعاون مع مؤسسة جهاد البناء
على إنجاز كامل الدراسات الهندسية والتحضيرات الميدانية التي تتناسب مع العقار الذي
اتُّخِذَ مكاناً للمشروع، وعملت المؤسسة على تصميم المشروع كمجمّع إسلامي ثقافي
اجتماعي متكامل يلبي لحاجات العبادية والثقافية فضلاً عن الحاجات الاجتماعية
والصحية.
وبعد أن وضع حجر الأساس للمشروع سماحة الأمين العام لحزب اللَّه السيد حسن نصر
اللَّه، انطلقت اللجنة المكلّفة بعملية الإشراف الكامل بالتعاون مع مؤسسة جهاد
البناء في عملية الحفر ثم البناء، وتمكنت إلى الآن من إنجاز ثمانية طوابق من أصل
أحد عشر طابقاً تشكل بمجموعها مجمّع خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله و سلم.
* لماذا اخترتم منطقة النويري بالذات؟
- تعتبر منطقة النويري في بيروت من المناطق المكتظّة بالسكان المسلمين،
إذ يبلغ عدد سكانها مئة وخمسين ألف نسمة. وهذا التماس المباشر مع هذا العدد الكبير
يزيد في فاعلية وحيوية النشاطات الثقافية والاجتماعية للمجمّع. وإذا أردنا اختصار
العوامل الرئيسية لاختبار هذا المكان بالذات فيمكن القول إنها توفر قطعة الأرض
المناسبة في قلب العاصمة حيث هذا العدد الكبير من المحرومين والمستضعفين.
* كيف يلبي المشروع الحاجات الثقافية والاجتماعية لأبناء
المنطقة؟
يتبين هذا الأمر من خلال الأقسام التي يتألف منها المشروع؟ والتي
توزّع كالآتي:
1شالمسجد: ويشغل الطابق الثاني والثالث (متخّت مصلى للنساء) مع مرافق خاصة
للرجال وأخرى للنساء.
2 - الحسينية: وتشمل الطابق الثالث والرابع الرجال والنساء.
3 - المركز الطبي: ويشغل الطابق الأول. يضم هذا المركز أربع عيادات طبية وصيدلية
تعاونية ومختبراً للفحوصات الطبية ومركز تصوير أشعة.
4 - المركز الثقافي ويشغل الطوابق (الخامس والسادس والسابع) ويشتمل على مركز
للأنشطة الثقافية ومكتبة عامة ومكتبة مطالعة ونادٍ للكمبيوتر.
5 - الإدارة: وتشغل جزءاً من الطابق الرابع وتضم مكاتب إدارة المركز.
6 - الخدمات العامة: وتشغل الطابق السفلي الأول، والسفلي الثاني والطابق الأرض وهي
عبارة عن موقف للسيارات وقاعات أنشطة رياضية وكشفية واجتماعية وباحة استقبال.
* سؤالي كان عن الدور الثقافي والاجتماعي للمشروع؟
- سوف آتيك بالحديث. في الحقيقة إن شمول المجمّع لمسجد للرجال وآخر
للنساء إضافة إلى بعض المراكز الأخرى كالمكتبة العامة وقاعة المطالعة، ولا شك في أن
هذه الأمور ستأخذ دورها الطبيعي والفعّال من أجل استقطاب الناس نحو العمل العبادي
والفكري والثقافي، وهذا بحد ذاته يبعد الشباب عن مراكز اللهو والفساد المنتشرة في
ساحتنا الواسعة خصوصاً في أجوائنا الحاضرة والتي يسعى فيها الكثيرون لتفكيك المجتمع
وإيجاد واقع اجتماعي فاسد ومنحرف.
لقد كان المسجد على مر التاريخ الإسلامي قاعدة أساسية لانطلاق لإنسان المسلم في
الحياة من أجل إصلاح الناس والمجتمع. وكان المسجد، ولا يزال، عنواناً للتحوُّل
ومصدراً للقرار في كل المفاصل التاريخية للأمة.
إن إقامة الشعائر الإسلامية وإحياءها في المساجد والحسينيات كان ولا يزال المصدر
الأساس للقيم الروحية والمعنوية والنبع الزلال الذي يرقد المجتمع المسلم بالأخلاق
الفاضلة والإحساس بالمسؤولية. والترفُّع عن الرذائل.
ومن هنا، فنحن نخطط لكي يتكامل دور المسجد والحسينية مع القسم الثقافي والقسم الطبي
وقسم الخدمات العامة لتلبية الحاجات الثقافية والاجتماعية لأبناء المنطقة في
المستقبل القريب إن شاء اللَّه تعالى.
* متى يصبح الجانب الطبي جاهزاً؟
- بعد أن انتهينا من البناء الخارجي نعمل على تجهيز المركز بأسرع وقت
ممكن حسب الإمكانات المتوافرة. وفي الواقع يعتبر المركز الطبي من الأولويات لدينا
بعد المسجد. ونسأل اللَّه أن يكون حاضراً لتقديم الخدمات الصحية في القريب العاجل.
وأود هنا أن أوجّه دعوة إلى الأخوة المحسنين لمؤازرتنا ودعمنا في إكمال هذا المشروع.
* كنا نود السؤال عن تمويل المشروع، فهل دعوتكم هذه هي
الجواب؟
- في الواقع إن أكثر المشاريع الخيرية ذات الطابع الثقافي والاجتماعي
تعتمد على تبرُّعات المحسنين. ونحن بذلنا جهوداً كبيرة للاتصال بهؤلاء لإنجاز
المشروع وتجهيزه. ومن المصادر الأساسية التي لدينا أيضاً الأموال الشرعية فنحن
لدينا إجازة شرعية كاملة في قبض الحقوق وصرفها في عملية بناء المشروع.
* في الختام، هل من كلمة أخيرة؟
- نعم، أريد أن أعود وأكرر لدعوة ثانية إلى جميع الأخوة المخلصين
لمؤازرتنا ودعمنا في إكمال هذا المشروع خصوصاً بعد أن كان حلماً وغدا واقعاً،
وأدعوهم إلى زيارته للتعرف إليه عن كثب، إننا نضع المسؤولية على عاتق الجميع لإنجاز
ما بقي مع دعائنا وشكرنا لكل من ساهم ويسهم في بناء هذا المشروع. وشكراً لكم.