مع الإمام الخامنئي | كلّنا مَدينون للنبيّ الأعظم* نور روح الله| هكذا كانت حياة الرسول* مع إمام زماننا | حين تزفّ السماء نبأ الظهور (2): في مكّة السيّد محسن شهيداً على طريق القدس مقاومتُنا بعينِ الله صُنعت حاجّ محسن! إلى اللقاء عند كلّ انتصار* أبو طالب: قائدٌ في الميدان والأخلاق المقاومة الإسلاميّة: ثقافتنا عين قوّتنا الشهيد على طريق القدس بلال عبد الله أيّوب تسابيح جراح | جراحاتي لا تثنيني عن العمل

مع الإمام الخامنئي: الدعاء قرآن صاعد(*)



أيها الإخوة والأخوات الأعزاء! اعرفوا قدر هذه الليالي (ليالي شهر رمضان المبارك) وهذه الساعات، ادعوا فيها لأنفسكم واسألوا الله بتوجّه وتضرّع، وادعوا كذلك لغيركم واطلبوا من الله أن يستجيب دعاء جميع الناس. ففي مثل هذه الليالي، ليالي القدر، قد علت الأصوات تضرّعاً لله من أطراف العالم الإسلاميّ:
"إِلَيكَ عَجَّتِ الأَصواتُ بِصُنوفِ اللُّغات"(1). هذه الأصوات المرتفعة بالبكاء والاستغاثة، تدعو لنفسها وتدعو لغيرها. لتكن إحدى دعواتكم أن يستجيب الله سبحانه وتعالى دعاء المؤمنين في هذه الليالي المباركة.


* التأثّر يسري إلى المستمع
ينبغي أن يكون الدعاء بحضور القلب. إنّ بعض الاجتماعات التي تُعقد لقراءة الأدعية [في هذه الليالي]، هي لقاءات جميلة وجاذبة للقلب حقاً؛ فقارئ الدعاء، لا يقرأ الدعاء للمستمع وحسب، وإنما يقرأه لنفسه أيضاً. هكذا هي حال البعض، حيث يتأثّر أيضاً بالدعاء.
فإنْ عمد قارئ الدعاء إلى القراءة بطريقة وكأنّه يتحدّث بنفسه مع الله، ويرى نفسه ماثلاً أمام رب العالمين، ومستحضراً ذاته حال الدعاء، سينقل هذه الحالة إلى المستمع أيضاً.

لكن، أحياناً يكون القارئ بعيداً عن أجواء هذا العالم أصلاً، يتغنّى بقراءة الدعاء ليس إلّا... وهذا قد يشهده الإنسان بندرة، ويُعرض في بعض الأوقات على شاشات التلفاز! فلا يتوجّه ولا يتحلّى بحال الدعاء، وعندها فإنّ مستمعه أيضاً لن يصل إلى حالة الخشوع في الدعاء؛ فلا تسيل دموع القارئ، ولا يستطيع أن يُسيل دموع المستمع، ولا يتأثّر قلبه. لذا، ينبغي ألّا تتمّ قراءة الدعاء بهذه الطريقة.

* حديثٌ مع الله
الدعاء هو التحدّث مع الله سبحانه وتعالى، وبحسب تعبير إمامنا الخمينيّ الجليل: "الدعاء هو القرآن الصاعد"(2)، وهو التحدّث مع الله.
حين تقرأ القرآن، فإنّ الله هو الذي يكلّمك، وقراءتك للقرآن هي القرآن النازل؛ لأنّ الله يتحدّث إليك، ويبيّن لك الحقائق التي تنزل من الأعلى، أمّا حين تدعو الله فأنت الذي تكلّمه، ودعاؤك، وصوتك يرتقيان صعوداً. بالتأكيد، إنّ الدعاء إذا صدر بشكل جيّد، فسوف يكون دعاءً مسموعاً، كما نقرأ في المناجاة الشعبانية: "وَاسمَع دُعائي إِذا دَعَوتُك وَاسمَع نِدائي إِذا نادَيتُك"(3).

* صلاة قلبٍ حاضر
هناك أدعية لا يسمعها الله، أي لا يعبأ بها كما نقرأ في الدعاء: "أَعوذُ بِكَ مِن نَفسٍ لا تَشبَع وَمِن قَلبٍ لا يَخشَع وَمِن دُعاءٍ لا يُسمَع"، "وَمِن صَلاةٍ لا تَنفَع"(4). فإنّ "الصَّلاة قُربانُ کُلِّ تَقيّ"(5)، بمعنى أنها تقرّب إلى الله، والصلاة التي لا تقرّبنا إلى الله فهي لا تنفع. وبالطبع فإن عدم نفعها لا يعني أن نتركها قائلين إننا لا نصلّيها ما دامت لا تنفع.. كلا، بل لا بدّ من الصلاة وأداء هذا التكليف، ولكن اعملوا على أن تكون هذه الصلاة صلاةً نافعةً، وأن نؤدّيها بتوجّه وحضور قلب.

* فرصة الصيام
الصيام فرصة قيّمة للغاية لكم؛ بوسعها أن تجعل قلوبكم ليّنة وخاشعة كي تتمكنوا من الحديث مع الله؛ ولذا يجب الدعاء بهذه الطريقة.
إنّ الأدعية الواردة في أسحار شهر رمضان وفي لياليه، أو المختصّة بليالي القدر، أو العامة التي تُقرأ في جميع الليالي، لها قيمة بالغة. فضلاً عن المعارف والعلوم التي تنطوي عليها هذه الأدعية، فإنّ التضرّع والخشوع نفسيهما اللذين يحصلان للإنسان أثناء الدعاء، لهما قيمة عالية جداً.


(*) من كلمة الإمام الخامنئي دام ظله خلال لقائه جمعاً من عوائل الشهداء في ۲٥/٠٦/٢٠١٦م، الموافق للتاسع عشر من شهر رمضان المبارك في حسينية الإمام الخميني قدس سره.
(1) إقبال الأعمال، ابن طاووس، ج1، ص346.
(2) من جملتها ما ورد في الوصية السياسية-الإلهية، صحيفة الإمام، ج21، ص396.
(3) إقبال الأعمال، (م.س)، ج2، ص685.
(4) الكافي، الكليني، ج2، ص586.
(5) (م.ن)، ج3، ص265.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع