نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

نور روح الله: حزب الله خط الأنبياء(*)


منذ بدء الخليقة، وإلى يومنا هذا يوجد حزبان، الأول: الحزب الإلهيّ، والثاني: الحزب الشيطانيّ.
ولكلّ واحد منهما سماته الخاصّة به.


* الحزب الإلهيّ
فالحزب الإلهيّ، ولأنّ هدفه الله تبارك وتعالى، يتّسم نهجه بالصراط المستقيم. فيما تتخبّط الأحزاب الشيطانيّة في نهجها وتطلّعاتها التي كانت تمثّل الأكثريّة. وهي موجودة منذ بدء الخليقة وحتى الآن. فهذه الأحزاب كانت في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفي عصرنا الحاضر، وهي معلومةٌ للجميع. غير أنّ الأحزاب الإلهيّة تتّسم بتمثيلها للروح الإلهيّة؛ وهذا يعني أنّ مساعيها ليست دعوتها لنفسها، وإنما تدعو إلى الله، لا تدعو إلى الطبيعة وإنّما إلى الألوهيّة والملَكوت. وهذا أمر يستطيع الإنسان أن يدركه بنفسه ويتعرّف إليه. طبعاً، ثمة حجب أحياناً تحول دون أن يعي الإنسان ماذا يفعل؛ غير أن باستطاعة الذين عثروا على الطريق، أن يبدّدوا الحجب وينخرطوا في حزب الله، من منطلق أنّ ﴿حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (المائدة: 56). أمّا الأحزاب الأخرى، فإنّها تبقى تتخبّط في نَهجها حتّى تُهزم.

* هدف الأنبياء
ما هو ضروريّ لأبناء البشرية جمعاء، الالتحاق بحزب الله. وقد بعث الله تعالى الأنبياء لهذا الهدف أيضاً، حيث كانت حربُهم وسِلمهم من أجل الله، وإنْ دعوا، فقد كانت دعوتهم من أجل الله أيضاً. لذا، لا ترى نبياً اعتزل الحياة؛ فمنهم الراعي الذي حمل عصاه [النبي موسى عليه السلام] واتجه لإنقاذ الناس من فرعون، غير أنّ فرعون لم يتمكّن حتّى من إنقاذ نفسه.

الإسلام عندما انطلق بدأ مع هؤلاء الفقراء والذين هم في أنظار الآخرين بسطاء وضيعون، حتّى إنّهم كانوا يعترضون على الرسول بأنّ أنصاره أناس من الأراذل. غير أنّنا اليوم نرى كلّ المحاسن الموجودة في الدنيا والآثار الخيّرة وهي نتيجة لدعوة الأنبياء؛ أي أنّ الناس قبلوا دعوة الأنبياء وحقّقوا كلّ هذه المكاسب للإنسانية جمعاء. كما كانت هناك فئة عوجاء إلّا أنها تركت آثاراً طيّبة بسبب عمل الأنبياء؛ لأنّ الآثار الطيّبة لعمل الأنبياء هي التي دفعتهم إلى اختيار هذا النهج في تحقيق أهدافهم؛ خوفاً وخشية من الشعوب.

* النفاق أسوأ انحرافات الإنسان
ولكن تبقى أفكار الناس في كثير من الأحيان منحرفة، وعلى الإنسان أن يتخلّص من هذه الانحرافات.

ومن أسوأ هذه الانحرافات أن يتصرّف الإنسان في الظاهر بنحو يتعارض تماماً مع حقيقة ما هو عليه؛ فهذا نفاق، والنفاق من أسوأ المفاسد التي تحدّث عنها القرآن المجيد، حتّى إنّ هناك سورة عن "المنافقين"، وطبعاً هناك سورة عن "الكفّار" فالكفّار منافقون أيضاً. ولهذا اهتمّ الإسلام بضرورة القضاء على المنافقين أو إصلاحهم، ولم يكن الأمر كذلك بالنسبة إلى الكفار. فالمرء يعي كيف يتصرّف مع الكافر، غير أنّه لا يدري كيف يتعامل مع المنافقين. وكان ذلك في عهد رسول الله أيضاً وقد تعرّض الإسلام للإنكار والتكذيب من قبل المنافقين أكثر من الآخرين، حيث يعدّ المنافق أوضح مصاديق الكافر.

* إصلاح النفس قبل إصلاح الآخرين‏
على أيّ حال، ينبغي لمجتمعنا وعلمائنا ومثقفينا أن يلتفتوا إلى أن الله تعالى قد أنعم علينا بهذه النعمة ومنحنا هذه الفرصة، ويجب أن نحرص على شكر هذه النعمة. على السادة أينما كانوا في الحزب أو خارج الحزب، بذْل قصارى جهدهم للإبقاء على حضور الشعب في الساحة. فإذا اجتمع أبناء الشعب فإنّ بوسعهم أن يفعلوا الكثير؛ فمن تجمّع القطرات يتكوّن السيل، وعليه فلا بدّ من الدعوة، لا إلينا ولا إلى الدنيا وإنّما الدعوة إلى الله. وعندما تكون الدعوة إلى الله وتصبح الدنيا إلهية، تكون الآخرة وملكوت الدنيا، ولن يكون هناك فرق بين الملكوت والجبروت فكلاهما من مظاهر الله تعالى.

إنّ الذي يشوّه صورة الدنيا هو اهتمام الإنسان بالعالم السفليّ في مقابل اهتمامه بالله تبارك وتعالى. ولا تعتبر الدنيا سيئة لمن يمتلكها ويقوم بالخيرات، وأعمال البرّ، والزكاة والخمس ويلتزم بكل ذلك. فالمعيار ليس بالحجم، وإنّما بالوضع الروحيّ للأفراد.

* مبدأ الإصلاح: من النفس أولاً
إنّ مصدر الأخطار بالنسبة إلى الإنسان هو الإنسان نفسه. كما إنّ مبدأ الإصلاح يجب أن ينطلق من الإنسان نفسه، فليس بوسع واعظ إصلاح الآخرين وهو نفسه غير صالح. إنّ‏ باستطاعة الواعظ أن يكون مؤثّراً إذا ما كان داخله متّعظاً. وهكذا كلّ من يريد أن يتحدّث، يجب أن يلتفت إلى ما يريد قوله، وبعد أن يتحدّث يراجع نفسه ليرى حقيقة أهدافه من هذا الحديث. فطريق الإنسان إلى الله يحتّم عليه أن يراقب نفسه، وبعد المراقبة يحاسبها. فالمعيار في كون الحزب جيداً هو أفكار الحزب وتوجّهاته دون النظر إلى اسمه وشعاراته، فإنْ كانت شيئاً مخالفاً لما يظهره ويدعو إليه، فهذا حزب الشيطان مهما كان اسمه.

وعليه، يجب أن نسعى ليكون حزبنا حزب الله، وأن نجعل أنفسنا جزءاً من حزب الله.

آمل أن يسدّد الله تعالى خطاكم على طريق خدمة الإسلام إن شاء الله.


(*) من خطاب الإمام الخميني قدس سره في حسينيّة جماران - طهران بتاريخ 11 ربيع الأول 1403هـ.ق.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع