ندى بنجك


... إنْ كُنتَ وَحْدَكْ..
أرْقب نوراً في السماء...
يفكّ العتمةْ...
حدّقْ في ذاتك...
حدّق في عين الله.
واعتصر من الرؤية الولهى..
سر الوجود..

أصغ إلى همسٍ يقول:
إغرس عينيك في وجه الشمس...
هي تُغني ولا تأبى..
احفر يديك في ضلوع الأرض..
هي تنبت.. وتبقى المأوى...

احمل فؤادك على أكف الليل.
وازرعه في صدر النور..
فإنّه يزهو.. وينطق بالألى..

انظر إلى الأشجار...
كيف تورق الربيع والجمال...
تمنح الظل مأوى من التعب..
تعطي وتعطي...
وحين يلفها الخريف..
تذوب حتّى الأنسام..

انظر إلى الأنهار...
تطفئ ظمأ النفس بقطرة.. والروح برفقة..
فإذا ما غاب النور.. عن وجهها الذي يحكي...
تجف كل عذوبتها.. ولا تجري...

انظر إلى زهرة في حديقة...
تنحتي كلّ الأيادي.. لروعتها...
تقطفها محبة.. وشعوراً.
فإذا ما مسّها الشوك، أدماها...
أطفأ جذوة الحسن فيها...
وخَدش حلاها...

فانهض أيها الغارق في حلم عميق
لحظات.. ويموت الليل.
وينتهي الحلم قبل أن يكمل الطريق...
وتلمّس ذاك النور.. الطالع سراً، يُنبئ .. ويُرشد..
ويعتق العُمر.. من قبضات السراب...
واعلم أنّك الزائر في عالم مجهول...
وإنّ عمرك كلّه غرسة.. تنضخ فيها يد..
أوسع من العمر.. أوسع من العالم..
أوسع من المجهور..
واعلم.. أنّ كلّ الأحلام.. حيث يهجرها الليل
وكل الأنغام.. إذا مات الكلام..
تهوي..

فما العيش إلاّ.. هبوب وينقضي..
وما العيش إلاّ .. أيام..
تأتي وتمضي..
فإنّي قرأت على شفاه السماء..
ذات سماء..
إنّ الحياة وقفة.. ومرور..
وكلّ الأرواح.. على دربها عبور...
قرأت على شفاه الكون..
إنّ الحياة أنسام عابرة...
تجول في عمقها أفكار..
وتظل حائرة..

إنّما الدنيا رحلة.. بنا سائرة..
إنّما العمر فناءٌ...
وكذا كلّ الأكوان...
كلّ الأزمان..
وكلّ الدهور...