نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

أول الكلام: إنا إلى ربنا لمنقلبون

السيد علي عباس الموسوي

لو أردنا أن ندرس سلوك الأفراد والمواقف التي يتخذونها في هذه الحياة في شتّى مجالاتها لا يمكننا على الإطلاق أن نتجاهل الرؤى التي يحملونها والأفكار التي يتبنّونها. فهي الحاكمة على كلِّ فعل صادر عنهم حتى أوّل الأفعال. ومن بين هذه الرؤى والأفكار نجد أنّ لفكرة المصير أو النهاية التي يتوقّعها الإنسان تأثيرها الأبرز على مسيرة حياته الدنيوية، وهذا هو معنى العبارة المتداولة (النهايات تحدّد البدايات).

فمن الممكن أن تحدّد نقطة البداية لأي فرد أو اتجاه أو فعل اجتماعي متى أمكنك الإحاطة بالمصير الذي يحمله الفاعل، وهذا الأمر له فوائده المهمّة في مختلف النواحي:
ففي تربية المجتمع مثلاً، يمكننا أن نتحكّم بالتصرف الذي سوف يسير عليه هذا المجتمع متى أمكن لنا أن نرسم لأفراده المصير الذي ينتظرهم، سواء فيما يرتبط بدنياهم أو بآخرتهم، فالمجتمع قابل لأن يتحمّل الكثير من الشدائد متى كان الهدف المرسوم له كبيراً يرى فيه مصيراً مشرقاً موعوداً، ويكفي خير شاهد على ذلك المجتمع المدني الأوّل في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي حقّق انتصار بدر بثلّةٍ قليلةٍ.

وفي تربية الأبناء في النطاق الأسريّ يعود النجاح في بناء الفرد الإنسانيّ إلى مدى امتلاك الآباء والأمهات أهدافاً عليا تنعكس في بنائهم لثقافة أبنائهم والتي سوف تنعكس بدورها على سلوك الأبناء وتصرّفاتهم، بل وفي استشراف حركة عدوّك للإعداد لمواجهته، فإنّك بقدر ما تحيط بالهدف الذي يسعى عدوك للوصول إليه، يمكنك أن تتوقّع ما سوف يصدر عنه، وبذلك تكون قادراً على إعداد العدّة لمواجهته.
وكما أن لمعرفة المصير تأثيره المذكور آنفاً، فإن استحضار هذا المصير دائماً في الحياة اليومية له تأثيره الفاعل. وكثير من الناس قد يقع في الغفلة أو في النسيان فلا يكون هذا المصير حاضراً أمامه وماثلاً نصب عينيه فلا يتمكن من أن يحسن اختيار السلوك أو الموقف المطلوب.

ولو انتقلنا بالكلام إلى شخصيّة الفرد المسلم الذي يؤمن يقيناً بأن مصيره إلى الله طبقاً لقول الله تعالى: ﴿إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (البقرة: 156) وأنّ النهايات تحدّد البدايات فإنّ عليه أن يحدّد مواقفه في صغار الأمور وكبارها على أساس مبدأ أن الكلّ راجع إلى الله عزَّ وجل، وعليه أن يستحضر دائماً هذه العودة إلى الله حتى لا يقع في الغفلة أو النسيان فيخطئ في المسار الذي ينبغي أن يسير على أساسه، وهذا يفسّر ما ورد من الحثّ الشديد على ذكر الله دائماً وتذكر أنّ مصير الإنسان بيد الله عزَّ وجل، قال تعالى: ﴿وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ (الزخرف: 12 - 14).

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع