نور روح الله | القلـــمُ أداةُ إصلاح وهداية*‏ مع الإمام الخامنئي | الشباب مظهر أمل يخشاه العدوّ* كفاح الإمام المهديّ عجل الله فرجه في إقامة العدل أخلاقنا | الغضب نار تأكل صاحبها* فقه الولي | من أحكام الخُمس في وجه كلّ شرّ... مقاومة تسابيح جراح | كأنّي أرى تاريخ الشيعة | نفوذ شيعة لبنان في ظلّ الدولة العثمانيّة* شبابيك اجتماعيّة | بيوت نظيفة... شوارع متّسخة! آخر الكلام | “ ما أدري!”

الملائكـةُ رســلُ اللّـه - من احتجاجات الإمام العسكريّ عليه السلام

 


جاء رجلان إلى الإمام الحسن بن عليّ العسكريّ عليهما السلام وقالا له: "إنّ قوماً عندنا يزعمون: أنّ هاروت وماروت ملكان اختارتهما الملائكة لمّا كثر عصيان بني آدم، وأنزلهما الله مع ثالث لهما إلى الدنيا، وأنّهما [...] شربا الخمر، وقتلا النفس المحرّمة، وأنّ الله يعذّبهما ببابل، وأنّ السحرة منهما يتعلّمون السحر[...]".

فقال الإمام عليه السلام: "معاذ الله من ذلك، إنّ ملائكة الله معصومون محفوظون من الكفر والقبايح، بألطاف الله، فقال عزّ وجلّ فيهم: ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ (التحريم:6)، وقال: ﴿وله مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ﴾ -أي الملائكة- ﴿لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ* يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ﴾ (الأنبياء: 19-20)، وقال في الملائكة: ﴿بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ لَا يَسْبِقُونَهُ بالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾ إلى قوله ﴿مُشفِقُون﴾ (الأنبياء: 26-28). كان الله قد جعل هؤلاء الملائكة خلفاءه في الأرض، وكانوا كالأنبياء في الدنيا، وكالأئمّة، أفيكون من الأنبياء والأئمة قتل النفس والزنا وشرب الخمر؟!"

ثمّ قال عليه السلام: "أولست تعلم أنّ الله لم يخل الدنيا من نبيّ أو إمام من البشر؟

أوليس يقول: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ﴾ -يعني إلى الخلق- ﴿إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى﴾ (يوسف: 109)، فأخبر أنّه لم يبعث الملائكة إلى الأرض ليكونوا أئمّة وحكّاماً، وإنّما أرسلوا إلى أنبياء الله".

قالا: "قلنا له: فعلى هذا لم يكن إبليس ملكاً!".

فقال عليه السلام: "لا، بل كان من الجنّ! أما تسمعان الله تعالى يقول: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ﴾ (الكهف:50)، فأخبر أنّه كان من الجنّ، وهو الذي قال: ﴿وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ﴾ (الحجر:27)".

وقال الإمام عليه السلام: "حدّثني أبي، عن جدّي، عن الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّ الله اختارنا معاشر آل محمّد، واختار النبيّين، واختار الملائكة المقرّبين، وما اختارهم إلّا على علم منه بهم أنّهم لا يواقعون ما يخرجون به عن ولايته، وينقطعون به من عصمته، وينضمّون به إلى المستحقّين لعذابه ونقمته".

قالا: "فقلنا: فقد روي لنا: أنّ عليّاً عليه السلام لمّا نصّ عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالإمامة، عرض الله ولايته على فيام وفيام(1) من الملائكة فأبوها، فمسخهم الله ضفادع".

فقال عليه السلام: "معاذ الله! هؤلاء المتكذّبون علينا، الملائكة هم رسل الله (كسائر) أنبياء الله إلى الخلق، أفيكون منهم الكفر بالله؟"

قلنا: "لا".

قال عليه السلام: "فكذلك الملائكة! إنّ شأن الملائكة عظيم وإنّ خطبهم لجليل"(2).


(1) الفيام: - بفتح الفاء وكسرها - الجماعة من الناس وغيرهم.
(2) الشيخ الطبرسي، الاحتجاج، ج 2، ص 265.

أضيف في: | عدد المشاهدات: