أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

أوّل الكلام: اخلع نعليك

الشيخ بسّام محمّد حسين


تعدّ المشاهد المشرّفة، التي حلَّ بثراها الأنبياء والأولياء عليهم السلام، أرضاً طاهرة مطهّرة، أمرنا الله تعالى برفع قدرها وإعلاء شأنها، لكونها من بيوت الله التي يُذكر فيها اسمه، قال تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ* رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾ (النور: 36-37).

ورد في أدب زيارة الأئمّة عليهم السلام في البقيع: إذا أتيتَ القبر الذي في البقيع، فاجعله بين يديك، ثمّ تقول: "السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَئِمَّةَ الهُدى (...) طِبْتُمْ وَطابَ مَنْبَتُكُمْ، مَنَّ بِكُمْ عَلَيْنا دَيّانُ الدِّينِ، فَجَعَلَكُمْ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيها اسْمُهُ، وَجَعَلَ صَلاتَنا عَلَيْكُمْ رَحْمَةً لَنا وَكفَّارَةً لِذُنُوبِنا"(1).

وكما أنّ رفع شأن هذه البيوت يكون من خلال الاهتمام ببنائها وتشييدها وإعمارها من الناحية الماديّة، فكذلك يكون من خلال احترامها وإجلالها وتقديسها وإعلاء شأنها من الناحية المعنويّة.

ويُستفاد من قوله تعالى في خطابه لنبيّ الله موسى عليه السلام : ﴿إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى﴾ (طه: 12)، أنّه يجب احترام كلّ مكان مقدّس، ومن مظاهر ذلك؛ خلع النعلين فيه، بل عند الاقتراب منه(2).

وهذا الاحترام لهذه الأماكن المقدّسة، إنّما نشأ من كونها بيوتاً انتسبت إلى الله تعالى، باعتبارها أماكن يُذكر فيها اسمه، وهو ما عطفته الآية الكريمة بعد الأمر برفعها؛ لأنّ الرفعة والعلوّ والعظمة هي لله تعالى أصالةً، ولا يشاركه فيها غيره إلّا بإذنٍ منه سبحانه(3)، وبهذا صار لها هذا الانتساب والشرف والقداسة، حتّى باتت من شعائر الله التي يجب تعظيمها واحترامها: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ (الحج: 32).

وعلى أساس هذا الأصل التوحيديّ لله تعالى، يؤدّي زائرو الأماكن المقدّسة وقاصدو المشاهد المشرّفة أعمالهم وأفعالهم؛ فإنّهم يقصدون هذه الأماكن إيماناً منهم أنّ أهلها أحياءٌ عند ربّهم، يسمعون الكلام ويردّون السلام، وهم وسيلة إلى الله تعالى لنيل رحمته ورضوانه.

ومن هنا، يُعلم ما لبقاء هذه الأماكن والحفاظ عليها من دور مهمّ على مستوى بقاء معالم الدين، وارتباط المؤمنين برموزه وقادته، وزيادة منسوب المحبّة والمودّة للنبيّ والأئمّة عليهم السلام المنصوص عليها في الكتاب: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ (الشورى: 23)، ممّا يقوّي جانب الاقتداء في أخلاقهم وجهادهم ومواقفهم.

كما أنّ لانتشار هذه المراقد، في العديد من البلدان الإسلاميّة، الدور الكبير الذي يساهم في تعزيز العلاقة بين المسلمين، وشدّ أواصر التآخي والتآزر فيما بينهم، بما يرسّخ مكانة أهل بيت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم حبل الله الذي يتحقّق فيه اعتصام هذه الأمّة من الفرقة والاختلاف.

نسأله تعالى أن يرزقنا في الدنيا زيارة محمّدٍ وآله عليهم السلام، وفي الآخرة شفاعتهم، وأن يعجّل فرجهم، إنّه سميع مجيب.


1. الكافي، الكلينيّ، ج 4، ص 559.
2. انظر: بحار الأنوار، المجلسيّ، ج 97، ص 125.
3. الميزان، الطباطبائيّ، ج 15، ص 126.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع