نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مع الإمام الخامنئي: وسائل الإعلام في قبضة الاستكبار(1)


إنَّ دور وسائل الإعلام اليوم كبير جداً. إنَّ وسائل الإعلام في العالم اليوم تقوم بالتأثير على الفكر والثقافة والسلوك، وتؤثّر في الحقيقية على تحديد الهوية الثقافية للإنسان. فهي قادرة على التأثير في تحسين وضع حياة الإنسان، وانتشار السلام والأمن العالمي، وسمو أخلاق الناس ومعنوياتهم، وجعلهم أكثر سعادة. وفي مقابل ذلك لها القابلية على أن تكون وسيلة لتأجيج الحروب الطاحنة، وترويج العادات والآداب والسلوك الضارة بين أوساط الناس، وتجريد الشعوب من هويتها الإنسانية والوطنية، وإحياء روح التفرقة بين البشر.

* سيف ذو حدين‏
لو أنَّ إدارة وإعداد وسائل الإعلام على مستوى العالم، تقوم على أساس المعايير الأخلاقية، والفضائل، والمساواة، والاعتماد على المفاهيم الإنسانية الحقيقية، فسوف يكون ذلك في نفع الشعوب. أما لو بنيت وسائل الإعلام وإعدادها وإدارتها على أساس مصالح الشركات الإقتصادية، وأثرياء العالم، والمتسلّطين الجشعين والمحتكرين، فسيؤدّي ذلك إلى الإضرار بالإنسانية بالتأكيد. إنَّ وسائل الإعلام يمكن أن تكون أرضية مناسبة للحوارت الحرّة والثنائية ومتعددة الأطراف بين الشعوب؛ وهذا من أكبر الخصائص التي تتمتع بها وسائل الإعلام العامة والشاملة، ويمكن لها أن تكون وسيلة لتبادل أفكار الشعوب بين بعضها البعض بصورة أخلاقية ومنطقية، وتلاقح أفكارها في الجانب المعنوي والأخلاقي والثقافي، وهذه المسألة تُعد من المسائل القيّمة جداً، ولها القابلية على تنمية مستوى معرفة الناس. لو أنَّ وسائل الاعلام أديرت بصورة عادلة، ولم يكن طريقها طريقاً أحادي الجانب، واستمعت بعض الشعوب لوجهات نظر البعض الآخر بجديّة وصغت إلى ما تقول، وتعرّف بعضها على مفاهيم البعض الآخر فسوف يساعد ذلك على تقريب الشعوب إلى بعضها.

* إمبراطوريات الإعلام‏
لو ألقيت نظرة على وضع وسائل الإعلام العالمية، فسوف لن تكون نظرتي نظرة متفائلة في الوقت الراهن. إنَّ حركة وسائل الإعلام والإتصالات اليوم ليست حركة ثنائية ومتعددة الأطراف، بل هي أحادية الجانب؛ أي أنَّ ما يرغب به أصحاب القدرة والنفوذ الإعلامي، يقومون بنشره وإظهاره من خلال العلم والتقنية المتطورة. فما الذي يرغبون به؟ وما هي الأفكار التي يريدون ترويجها؟ هل هي أفكار إنسانية؟ وهل هي قائمة على أساس الشعور بالفضيلة؟ وهل تشتمل حقاً على العدالة الإنسانية؟

نحن لا نشعر بمثل هذا الأمر مطلقاً؛ لأنَّ إمبراطوريات وسائل الأنباء والإعلام العالمية، مقتصرة بصورة كاملة تقريباً على أشخاص لا يرغبون في أن تسود الفضيلة والأخلاق والدين والإيمان والقيم والسلام في العالم. وهؤلاء الذين يتسلّطون على وسائل الإعلام العالمية، هم الذين يمتلكون أكبر مصانع الأسلحة، ويقع تحت اختيارهم أشد القنابل الذرية خراباً ودماراً، ويكون لها ارتباط بهم، وتعتبر السياسة المستبدة من ضمن جدول أعمالهم اليومية والدائمة، وغالباً ما تكون وسائل الإعلام تحت تصرفهم.

* سياسة تشويه الحقائق‏
إنَّكم ترون اليوم سياسة وسائل الإعلام ذات النفوذ في العالم، فإنَّ مصلحة أصحابها تقتضي أن يكون الإسلام مساوياً للإرهاب على حسب نظرهم. وأخذ هذا العمل بالتحقق بسرعة قصوى من خلال التقنيّات المتطورة. وبالمقابل فإنَّ هذه المصالح تقتضي أن تُعد أمريكا مظهراً لحقوق الإنسان والديمقراطية. وإنَّ وسائل الإعلام العالمية تقوم بهذا العمل بكل بساطة وبوسائل معقّدة ومتطوّرة جداً، فتُظهر الأكاذيب الكبيرة وكأنَّها حقيقة في المحطات المسموعة والمرئية ومواقع الإنترنت وغيرها.
لقد برزت مسألة انفلونزا الطيور فجأة على الصعيد العالمي وأصبحت في مقدّمة المسائل، ولعلّ أضرارها لم تصل إلى ألف شخص في جميع أنحاء العالم، في الوقت الذي يُسْكَت فيه عن قتل مئة وعشرين ألفاً من سكان العراق العزّل، على يد الأمريكيين والمرتبطين بهم من الإرهابيين. وفجأة تجد أنّ العالم يضجّ من أنَّ إيران تنوي صناعة السلاح النووي. وإنَّ نفس هؤلاء الأشخاص الذين يتخذون هذه السياسة التبليغية ويروّجونها، يعلمون بدقة أنَّ ما يقومون به كذب، إلا أنَّ مصلحة إدارة السلطات الإعلامية تقتضي ذلك؛ مما يستدعي أن يقال مثل ذلك، وهو ما يقال فعلاً. إنَّ وسائل الإعلام العالمية لم تتطرق مطلقاً الى أنَّ شعبنا حصل على التقنية المتقدمة بجهوده، دون أن يقرضه إياها أحد، وهو يريد أن يُستفاد منها للأغراض السلمية.

وفي مسألة فلسطين، لو أن انفجاراً حدث في منطقة من فلسطين، وجُرح بسببه بعض الصهاينة، فسوف يُصوّر على أنَّ ذلك فاجعة عظيمة حدثت في العالم، وفي مقابل ذلك يُقتل الفلسطينيون يومياً يومياً بلا مبالغة على أيدي الجنود الصهاينة، ويُسكت عن الإعلام الرسمي لإغتيال الناشطين الفلسطينين من قبل قادة الحكومة الصهيونية، ويعتم على ذلك؛ لكي لا يصل إلى الأذهان. هذه هي المشاكل والأمراض المزمنة والآلام الكبيرة لمسألة وسائل الإعلام العامة ومحطاتها في العالم.

* في خدمة الانسانية
لا بد أن يصبح العلم الذي وضع وسائل الإعلام تحت تصرّف الإنسانية بكل بساطة وسهولة وسرعة عاملاً على إسعاد البشر. إنَّ هذه السعادة تكون بهذه الصورة: وهو أن تطّلع الشعوب على الأفكار الخاصة لبعضهم البعض بصورة جليّة، ليتمكّنوا من فَهْم كلام وأهداف بعضهم الآخر، ويشخّصوا ذلك. انظروا، ما الذي سوف يحدث لو أنَّ الشعب الأمريكي مثلاً يعلم برأي الشعب الإيراني في خصوص المسائل المهمّة التي تطرح على الصعيد العالمي اليوم، كمسألة حقوق الإنسان، وحكومة الشعب الدينية التي هي شعارنا ورأي إيران في ذلك، ورأي الشعب الإيراني في مسألة دور الدين في حياة الناس والأثر الذي يمكن أن يتركه الدين، ودور المرأة في الحياة الاجتماعية، ونظرة الإسلام للمرأة؟

ففي هذه الحالة سوف تحدث أُمور هامّة في العالم. فسوف يتلاشى الكثير من مواضع سوء الفهم، وتنحل الكثير من عُقَد الشعوب، وتضيق سعة القرارات التي يتخذها السياسيون والمتسلّطون على أساس مصالح السلطات المالية والإقتصادية في العالم. إنَّ السياسيين والمتسلّطين في العالم اليوم يستغلّون غفلة شعوبهم، ويتبجحون بالكثير من الأقوال والأعمال في العالم بإسم الشعوب. ومن الممكن فيما لو علمت الشعوب بالحقيقة، فسوف لن ترضى بهذه الأعمال، ولرفضت التعاون في هذا المجال، والقبول بهذه الحكومات. إنَّ وسائل الإعلام يمكن لها أن تلعب مثل هذا الدور، وأن تساعد في إسعاد البشرية، بكل ما للكلمة من معنى. إذا كانت الهيمنة للدين والأخلاق والفضيلة في إدارة وإعداد وسائل الإعلام، فسوف يكون وضع وسائل الإعلام أفضل من هذا بالتأكيد، ويكون وضع الإنسانية أفضل مما هو عليه الآن.

إنَّني أوصي بالتباحث والتفكير في مسألة الأهداف الإنسانية، وكيفية الحفاظ على الفضائل والأهداف بالقدر الذي تُتبادل فيه وجهات النظر على الصعيد الفني والعملي؛ لكي تدخل القيم والأخلاق في وسائل الإعلام العالمية، ويسمو التطوّر والحركة العلمية القيّمة وحركة وسائل الإعلام التي تحققت في العالم، وتُجعل في خدمة الإنسانية.
 



(1) مقتطفات من خطبة القائد في المهرجان الدولي السابع للبرامج الإذاعية والتلفزيونية.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع